مقالات

كولومبيا البربطانية.. لقد خضنا حرائق "مئة عام" في ليلة واحدة

تباهي المقاطعة الكندية "كولومبيا البريطانية" بشعارها اللاتيني (Splendor sine occasu )، أي "عظمة لا تغيب"، ويرجع ذلك الى أن المستوطنة التي كانت بريطانية "لا تغيب شمسها عن الإمبراطورية الرومانية". وعلى تخوم المحيط الهادئ وألاسكا وولاية ألبرتا والولايات المتحدة، يتنوع المناخ نتيجة تنوع السطح، في مهب الرياح الغربية الدافئة، حيث الشتاء معتدل والصيف دافئ، والصور النباتية تكثر فيها الغابات الصنوبرية. 

كولومبيا البربطانية.. لقد خضنا حرائق

الحرائق أتت على غابات المقاطعة الكندية

لكن هذا التقديم للمقاطعة، والذي امتد لآلاف السنين، بدلت الحرائق الأخيرة في معالمه كما في التضاريس الجبلية، لتشهد المنطقة بفعل التغير المناخي أسوأ كارثة طبيعية في التاريخ الحضري، حيث تحولت الرؤية في عز النهار الى قانية بلون الدم، أو صفراء.

وتفاوتت الأوامر بين الاخلاء الفوري للمدن، أو التأهب لاحتمال إخلاء مرتقب، ولم تقتصر الخسائر على أهالي كولومبيا، ذلك أن المشهد مروع لجهة أعداد الحيوانات التي احترقت وأصبحت رمادا تتناثره الرياح. أما عدد الحرائق المندلعة، فتجاوز 380 حريقا، بعضها خارج السيطرة.

طوارئ

وبإعلان المقاطعة حالة الطوارئ باعتباره أسوأ موسم حرائق غابات في كندا في التاريخ الحديث، كما وصفته صحيفة "واشنطن بوست"، وسّع المسؤولون نداءاتهم للإخلاء لتشمل كيلونا، المدينة التي يبلغ عدد سكانها حوالى 150 ألف نسمة، ولاسيما غربي كيلونا، حيث اقتربت النيران من المنازل والغابات.

وعبر الحدود بين كندا والولايات المتحدة وصولا الى 240 ميلاً جنوباً، صدرت الأوامر لسكان مقاطعة سبوكان بولاية واشنطن بالإخلاء الفوري من المستوى الثالث- يعني "اذهب ، ارحل الآن!". ووفقًا لمكتب إدارة الطوارئ في المقاطعة -–ظل قرار الإخلاء ساري المفعول بعد أن تسبب حريق بانقطاع التيار الكهربائي وتدمير أكثر من 185 مبنى.

وأشارت وزارة الموارد الطبيعية بولاية واشنطن الى سقوط قتلى جراء الحريق.

الموقف الرسمي

وأعلن رئيس وزراء كولومبيا البريطانية ديفيد إيبي في مؤتمر صحافي أن موسم حرائق الغابات هذا يعد "الأسوأ" في تاريخ المقاطعة، مؤكدا للسكان: "يجب عدم التهاون بقرارات الاخلاء الفوري لأن النيران تتحرك أسرع من البشر". وأضاف: "الوضع لا يمكن التنبؤ به في الوقت الحالي، وهناك بالتأكيد أيام صعبة قادمة".

وقال وزير إدارة الطوارئ في المقاطعة بوين ما، إن ما لا يقل عن 15 ألف شخص أُمروا بالإخلاء، وكان هناك نحو 20 ألف آخرين في حالة تأهب - طُلب منهم الاستعداد للمغادرة.

المساحات التي أتت عليها الحرائق

وحثت السلطات الناس على تجنب السفر غير الضروري إلى المناطق المتضررة جزئيًا لضمان خلو الطرقات إفساحا للمجال أمام رجال الإطفاء والمستجيبين والمرحلين. وحذرت خدمات الطوارئ من أن الرياح قد "تؤدي إلى تفاقم حرائق الغابات واندلاع حرائق جديدة محتملة". وأظهرت الصور ألسنة اللهب على سفوح التلال بالقرب من بحيرة أوكاناغان. وبحسب الإذاعة العامة الكندية، التهمت الحرائق منتجع بحيرة أوكاناغان.

وكانت أوجزت إدارة الإطفاء في وست كيلونا حال المنطقة بالآتي: "لقد خضنا حرائق تكفي لمئة عام في ليلة واحدة".

والنيران التي تهدد كيلونا وويست كيلونا، هي من بين 380 حريقا هائلا مشتعلا في كولومبيا البريطانية، وفقًا لخدمة حرائق الغابات في المقاطعة. وتم تصنيف العشرات من الحرائق على أنها "خارجة عن السيطرة".

إجلاء

وصدرت التحذيرات في كولومبيا البريطانية بعد إجلاء سكان يلونايف الواقعة في أقصى الشمال براً وجواً بموجب أمر بإخلاء عاصمة الأقاليم الشمالية الغربية في كندا بأكملها - أكثر من 20 ألف شخص – خوفا من حريق هائل بالقرب من المدينة. وقال المسؤولون إن جميع سكان يلونايف تقريباً غادروا، وحثوا الباقين على الفرار إلى بر الأمان.

في صيف شهد درجات قياسية حول العالم، أدت درجات الحرارة المرتفعة التي اشتدت بسبب تغير المناخ إلى جانب ظروف الجفاف الحالية إلى زيادة حدة موسم حرائق الغابات في كندا هذا العام. وتسببت مئات الحرائق في جميع أنحاء كندا باحتراق ضعف مساحة البلاد مقارنة بأي موسم سابق - وهي مساحة تعادل مساحة ولاية ألاباما.

ترودو

وكان علق رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو خلال لقاء مع الأشخاص الذين تم إجلاؤهم من إدمونتون وألبرتا ، حيث يستضيف مركز المعارض الأشخاص الذين فروا من الأقاليم الشمالية الغربية، أن الكنديين قد دعموا بعضهم خلال ما "كان صيفًا صعبًا للغاية للناس في جميع أنحاء هذا البلد". وقال: "على الرغم من حرائق الغابات في جميع أنحاء البلاد، والخسائر الفادحة ، وتزايد الظواهر المناخية القاسية وغيرها، رأينا الكنديين على اتحاد تام لمواجهة الكارثة".

يقرأون الآن