بتنظيم من جهاز العلاقات الخارجية في حزب القوات اللبنانية، عقد نواب تكتل الجمهورية القوية والكتائب اللبنانية واللقاء الديمقراطي والتجدد وبعض النواب المستقلين مؤتمرًا صحافيًا خلال إطلاق عريضة تدعو إلى ضمّ ملف المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية إلى نطاق اختصاص المؤسسة المستقلة حول المفقودين في سوريا التابعة للأمم المتحدة، وذلك بالتعاون مع جمعية المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية.
استهلّ المؤتمر رئيس جهاز العلاقات الخارجية في "القوات" الوزير السابق ريشار قيومجيان الذي أكّد أنّه "على الرغم من أننا نعيش اليوم حالة من الفراغ السياسي في لبنان نتيجة تعطيل المؤسسات الدستورية، إلّا أنّنا لا يمكن أن نتغاضى عن القضايا الوطنية والإنسانية والسياسية المحقّة كقضية المعتقلين اللبنانيين في سجون النظام السوري. إذ تفرض هذه القضية معاناة ووجعًا دائمًا يعيشه المعتقلون وأهاليهم. وبالتالي، نسعى من خلال تحرّكنا اليوم إلى مطالبة الأمين العام للأمم المتحدة بضمّ هذه القضية إلى المؤسسة المستقلة، لنبقى أوفياء للمعتقلين وذويهم".
وأفاد بأنّ "توقيع 46 نائبًا لبنانيًا و42 جمعية على هذه العريضة يؤكد أنّه على الرغم من الاختلاف في المواقف السياسية، إلا أنه يمكن أن نتوّحد حول قضايا وطنية محقّة وعادلة، ولا بدّ من أن تجمعنا للوصول إلى أهدافنا الوطنية المشتركة". وختم قيومجيان كلمته برسالة وجّهها إلى "المعتقلين وذويهم، من بينهم بطرس خوند والأبوين شرفان وأبو خليل وأسعد حسن عجيب وليلى محمد عدّوني وحسّان علم الدين وإلى المئات غيرهم من اللبنانيين من كل الطوائف والمناطق اللبنانية الذين يعانون في أقبية الظلم والتعسّف والقهر التابعة للنظام السوري، لنقول لهم إنّ قضيتهم باقية ضمن أولوياتنا وجداننا وكل تحركاتنا السياسية لأننا لن نتعب، ولن نتوقف، ولن نملّ للوصول إلى إطلاق سراحهم. ستبقى هذه القضية ويجب أن تنتهي لمرة واحدة وأخيرة. من حقّ المعتقلين أن نتابع قضيتهم، ولن يضيع حقّ وراءه مطالب".
ومن جهته، أشار رئيس جمعية المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية على أبو دهن إلى أنّه "في 29 حزيران/يونيو 2023، صدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بإنشاء مؤسسة معنيّة بتحديد مصير المفقودين في سوريا، بعد أنّ صوتت 83 دولة وامتنع لبنان عن التصويت. وللاعتراف بحقّ الحياة والحرية للمخفيين قسرًا، ها هي اليوم هذه الوثيقة بتناول اليد وهي حلم لكلّ معتقل ومغيّب قسرًا في سجون سوريا، وقد جاءت من بعد إقرارها في مجلس الأمن لصالح الإنسان والإنسانية لتبيان حقيقة مَن خُطفوا وعُذّبوا واحتجزوا وهم بمعزل عن العالم الخارجي في السنوات الأخيرة. ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ المعتقل في سجون سوريا هو مجّرد من الحقوق ولا يملك أي وسيلة لصالحه. اليوم، بات مصير العشرات من الأشخاص المحتجزين والمخفيين قسرًا على شاشة الحدث الأممي، لذلك سعينا إلى إرسال هذه العريضة للعمل على إفراج المعتقلين والبحث عن المفقودين وتشريح جثث الضحايا وتفعيل الجهود مع كل المنظمات غير الحكومية لمساعدة الهيئة التي ستُعنى بهذه القضية وتبيان الحقيقة".
وختم: "هذه هي فرصتنا وخشبة الخلاص، لذا نناشد الدول التي تحمي الإنسان وحقوقه والتي صوّتت لصالح قرار الأمم المتحدة لتساعدنا لنستعيد من خُطف وننصف المعتقلين المحررين من سجون النظام الظالم".
ثمّ أكد عضو تكتل الجمهورية القوية النائب جورج عقيص أنّ "هناك حق دولي اسمه حقّ معرفة مصير المعتقل أو المخفي وهذا حقّ طبيعي من حقوق الإنسان وعلى الرغم من ذلك لا يزال النظام السوري ينكره وفي لبنان نشأ العديد من اللجان التي حاولت التحري مع النظام السوري عن مصيرهم وباءت هذه المحاولات بالفشل. هناك أمل لأن الأجواء مع الأمم المتحدة إيجابية في هذا الشأن والمطلوب من اللبنانيين الضغط ومن خلال هذه العريضة سنشدّد على أن هذا الضغط أصبح واقعاً". وأضاف غقيص أنّ “46 نائبًا من مختلف الأحزاب والقوى السياسية قد وقعوا على هذه العريضة، وهم تجاوبوا فوراً معنا ومن خلال هذا العدد تكون نقطة الانطلاق لكشف مصير المعتقلين في السجون السوريّة. وبالتالي، آن لهذا الملف أن يُختم وآن لهذا الجرح النازف أن يندمل وهذه الجمعيات التي وقّعت على هذه العريضة هي في الاتجاه نفسه وهذا عهد وواجب اتجاه المعتقلين ونأمل من الأمم المتحدة أن تتجاوب مع العريضة".
ومن جهته، اعتبر النائب نديم الجميّل أنّ هذه العريضة خطوة نحو بلسمة جروح الماضي لأنّ هذه القضية لا بدّ من أن تنتهي بعيدًا من التصفيات أو الحسابات أو الاختلافات السياسية، ومن هنا ينبغي على الدولة اللبنانية التي بادرت على مرّ السنوات المتتالية إلى متابعة هذه الملف، أن ترفع الصوت في هذا الشأن.
كما اعتبر النائب أشرف ريفي أنّ قضية المعتقلين السوريين هي قضية أساسيّة ولم نرَ أنّ وزير خارجية "حزب الله" تحمّس يومًا لمتابعتها كما تحمّس لتجويف القرار 1701. وفي كلمة ألقتها النائب بولا يعقوبيان، تمنّت على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي أن يتعاطيا مع هذا الملف بجدية لأن الحكومة اللبنانية لا تولي أهمية لأي قضية مرتبطة بالنظام السوري، كما أشارت إلى أهمية إعطاء اللبنانيين المعتقلين سابقًا في سوريا كامل حقوقهم وحريتهم وحمايتهم لمساندتهم لأن قضيتهم حيّة.
وفي الختام، أكّد النائب مارك الضو أنّه من واجب الدولة اللبنانية بمؤسساتها ووزاراتها وأحزابها السياسية كافّة متابعة ملف اللبنانيين المخفيين قسرًا في سوريا لمعرفة مصيرهم وكشف الحقيقة ورفع صوت أهالي المخفيين، لأنّ هذه القضية هي إنسانية وأخلاقية بحت، ولا سيّما على اللجنة الخارجية في مجلس النواب البتّ في هذا الملف والإعلان عن موقف رسمي لها لتبنّي هذه العريضة ليصبح النقاش واضحًا من القوى السياسية في المجلس النيابي.