توقع رئيس بلدية درنة عبد المنعم الغيثي، اليوم الأربعاء، أن عدد القتلى في مدينة درنة الليبية جراء الفيضانات الكارثية قد يصل إلى ما بين 18 ألفا و20 ألفا استنادا إلى عدد المناطق المدمرة.
وكانت مدينة درنة الليبية التي دمرها فيضان هذا الأسبوع أقل قدرة بشكل خاص على الصمود أمام الكوارث بعد عشر سنوات من الفوضى.
وتعرضت درنة في شرق ليبيا للدمار عندما جرفت مياه العاصفة سدين وانهمر سيل عبر وسط المدينة في وقت مبكر من يوم الاثنين وألقى بأحياء بأكملها في البحر.
ولم يتضح بعد ما إذا كانت البنية التحتية المتداعية أو القرارات التي اتخذتها السلطات ساهمت في الكارثة والخسائر الفادحة في الأرواح التي تقدر بالآلاف. لكن المخاطر التي تواجه المدينة تم الكشف عنها قبل وقت طويل من وقوع الكارثة.
وقال أحد الأكاديميين، الذي نشر بحثا في عام 2022 إن تكرار الفيضانات يهدد السدود المبنية في الوادي، وهو عبارة عن مجرى نهر جاف في العادة، وحث على إجراء أعمال الصيانة بشكل فوري.
وكتب عبد الونيس عاشور الخبير في علوم المياه من جامعة عمر المختار الليبية "إذا حدث فيضان ضخم، ستكون النتيجة كارثية على سكان الوادي والمدينة".
ومن جانبهم قال السكان، الذين انعدمت لديهم الثقة في أي سلطة منذ فترة طويلة بسبب سنوات من القتال والنزاعات، إنه كانت هناك حالة من الارتباك بشأن كيفية التعامل مع الأزمة عندما أغرقت العاصفة دانيال المنطقة.
لحظة إنهيار السدود ودخول المياه الى شوارع مدينة درنة في ليبيا..#فيضانات_ليبيا pic.twitter.com/jGupY8suRm
— نادية السودانية (@NadiaSudaniah) September 12, 2023
وقال ساكن يدعى مصطفى سالم لـ"رويترز" إن "بعض المناطق تلقت تعليمات بالإخلاء لكن بعض الأشخاص لم يستجيبوا". ولم يذكر تفاصيل عن الجهة التي أرسلت التعليمات.
وتعاني ليبيا من عدم وجود حكومة ذات سلطة تشمل البلاد بالكامل منذ انتفاضة عام 2011 التي أطاحت بمعمر القذافي. وقسمت الفصائل المتناحرة البلاد، وتنافست المدن فيما بينها، وتبددت أموال الدولة بسبب الفساد.
وبعد عام 2014، انقسمت البلاد بين إدارتين متنافستين إحداهما في الشرق والأخرى في الغرب. ولا تزال ليبيا منقسمة سياسيا برغم وقف إطلاق النار منذ عام 2020، وبعض الجهود المبذولة لتوحيد البلاد.
ولم تنج سوى أماكن قليلة في ليبيا من الصراع الذي اجتاح البلاد بأكملها، لكن درنة تضررت بشدة بشكل خاص من القتال منذ عام 2014 واستيلاء مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية عليها قبل أن تطردهم جماعات جهادية منافسة بعد ذلك.
وقال المحلل الليبي جليل حرشاوي إنه عندما سيطرت قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) بقيادة خليفة حفتر على المدينة عام 2019، قال العديد من سكان درنة إن القوات المتقدمة عاقبت الجهاديين وسكان المدينة العاديين.
انكشفت العلاقة المتوترة المستمرة بين سكان درنة وقوات شرق ليبيا، وقيادتها في بنغازي، عندما أرجأت السلطات في شرق البلاد الانتخابات البلدية المقررة بعد أنباء عن وقوع مواجهات بين نشطاء مؤيدين لحفتر ومعارضيهم.
وقال حرشاوي "يُنظر إلى درنة في بنغازي على أنها مصدر للمشاكل".
* انقسامات وفساد
ساهمت الانقسامات على مستوى ليبيا في مشاكل درنة أيضا.
فالدول الأجنبية تعترف بحكومة الوحدة الوطنية في طرابلس وليس بتلك الإدارة التي في الشرق والتي اختارها البرلمان الوطني الليبي في بنغازي.
ورغم أن حكومات عديدة لها اتصالات رسمية مع حفتر والبرلمان في الشرق، فأن الانقسامات الليبية تعني أن هناك مستويات متنافسة من المسؤولين عند التعامل على مستوى ليبيا، بما في ذلك عند إرسال المساعدات.
ومع ذلك، هناك بعض المؤسسات التي تعمل عبر الانقسام السياسي. فالبنك المركزي الليبي في طرابلس يدفع رواتب موظفي الدولة ويموّل بعض الهيئات الحكومية في الشرق والغرب، واستمر كذلك حتى في أوج الصراع.
وأنهى وقف إطلاق النار عام 2020، الذي أعقب أحدث نوبة قتال كبيرة، القيود الداخلية على السفر. وبوسع الليبيين قيادة سياراتهم أو استقلال طائرات بين طرابلس وبنغازي دون عوائق.
غير أن فصائل شرق ليبيا تشكو منذ فترة طويلة من أنها لا تحصل على حصة عادلة من ثروة البلاد النفطية. ومع أن الحكومة في طرابلس استغلت أموال الدولة في بعض أعمال إعادة الإعمار، فأنه ليس هناك دليل يذكر على حدوث تنمية في الشرق.
وتستهدف اللجنة المالية العليا، التي تأسست هذا العام من أعضاء من مختلف الفصائل السياسية، ضمان توزيع الثروة بشكل عادل. لكن العديد من الليبيين العاديين يقولون إن الفساد سيحجب عنهم ثروات البلاد.
وينفي قادة الفصائل في ليبيا الانخراط في أعمال كسب غير مشروع بأنفسهم، لكنهم عادة ما يوجهون نفس التهمة لمنافسيهم.
رويترز