منوعات

بلدة سبسطية الفلسطينية تخشى العزل عن مواقعها الأثرية

بلدة سبسطية الفلسطينية تخشى العزل عن مواقعها الأثرية

يخشى سكان بلدة سبسطية في شمال الضفة الغربية المعروفة بمواقعها الأثرية التي يعود تاريخها لأكثر من أربعة آلاف عام شكلت جزءا من حياتهم الاجتماعية وذكرياتهم أن يفقدوها في ظل مساع إسرائيلية للسيطرة عليها بشكل كامل. وبحسب رئيس بلدية سبسطية محمد عازم، الواقعة في محافظة نابلس، فإن ضباطا كبارا من الجيش الإسرائيلي يترددون على المنطقة الأثرية في الفترة الأخيرة.

وأضاف "هذا استمرار لحلقات الاقتحام في الأيام والأسابيع الماضية وهي مقدمة لتنفيذ أكبر مشروع تهويدي للمنطقة الأثرية في منطقة سبسطية وسرقة آثارها".

وخصصت الحكومة الإسرائيلية أخيرا مبلغ 32 مليون شيقل لتطوير المواقع الأثرية في سبسطية الواقعة في منطقة خاضعة للسيطرة الإسرائيلية الكاملة ضمن اتفاقية أوسلو المؤقتة للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وقسمت هذه الاتفاقية الأراضي الفلسطينية إلى ثلاثة أقسام (أ) التابعة للسيطرة الفلسطينية الكاملة والتي تمثل المدن والمنطقة (ب) التي تمثل القرى وهي خاضعة إداريا للسلطة الفلسطينية وأمنيا لإسرائيل فيما خضعت المنطقة الثالثة(ج) والتي تشكل حوالي 60 في المئة من مساحة الضفة الغربية للسيطرة الإسرائيلية الكاملة إلى حين التوصل لاتفاق سلام دائم.

وتصنف سلطة الآثار الإسرائيلية سبسطية مواقع أثرية إسرائيلية.

وتقول سلطة الحدائق والطبيعة الإسرائيلية على موقعها الرسمي إن سبسطية "كانت عاصمة مملكة إسرائيل قبل حوالي 3000 عام وكانت تعرف بالسامرة".

وتشير إلى "قصر ملوك إسرائيل" على أنه واحد من أهم المواقع الأثرية في سبسطية، وتضيف "بنى ملوك إسرائيل على قمّة الجبل قلعة قويّة، محاطة بجدار خارجي وجدار داخلي"، بحسب تقرير لـ"رويترز".

وتأتي وفود إسرائيلية تحت حراسة الجيش لزيارة المنطقة ويقول السكان إن الجيش الإسرائيلي ينظم حفلات تخرج بين فترة وأخرى للضباط على المدرج الروماني أحد أبرز المعالم الأثرية في بلدة سبسطية.

وأقامت إسرائيل في نهاية السبعينات مستوطنة (شافي شمرون) التي تبعد مئات الأمتار عن المواقع الأثرية في بلدة سبسطية ويقول الفلسطينيون إن عمليات تجريف جرت مؤخرا في المنطقة المحيطة بالمستوطنة بهدف توسيعها.

وجاء على الموقع الرسمي لوزارة السياحة والآثار الفلسطينية “أظهرت التنقيبات الأثرية العديدة التي نُفذت في الموقع منذ مطلع القرن العشرين أن أقدم الدلائل الأثرية تعود للعصر البرونزي المبكر” عام 3200 قبل الميلاد.

وتضيف “خلال الفترة الرومانية شهدت المدينة تنفيذ مشروع بنائي ضخم، والذي احتوى على سور المدينة، والبوابة الغربية، والشارع المعمد الذي أقيم على امتداده 600 عمود، بالإضافة إلى البازيليكا (السوق)، والساحة العامة، والمسرح، ومعبد أغسطس، ومعبد كوري، والملعب الرياضي، والقناة المائية، والمقابر”.

ويتابع الموقع “احتفظت سبسطية المملوكية والعثمانية والحديثة باسمها الروماني القديم”.

مجموعة مواقع

وتقع مجموعة من المواقع الأثرية وسط البلد وتشمل المسجد، وضريح النبي يحيى، وكاتدرائية يوحنا المعمدان، والمقبرة الرومانية، ومعصرة الزيتون، وقصر الكايد ومجموعة من المباني التقليدية.

وهناك معالم أثرية تقع على أطراف البلدة أهمها المدرج الروماني وكنيسة وقصر لا تزال الكثير من معالمها واضحة للعيان رغم عدم إجراء أي عمليات ترميم لها على مدى السنوات الماضية.

وأوضح رئيس بلدية سبسطية محمد عازم أن “المخططات الإسرائيلية الهادفة للسيطرة على المواقع الأثرية بدأت تظهر على أرض الواقع”.

وأضاف “الاقتحامات المتكررة لجيش الاحتلال والعصابات الاستيطانية ودوائر الاحتلال المختلفة ما هي إلا مقدمة لتنفيذ هذا المشروع التهويدي الكبير”.

وتابع قائلا “بلدية سبسطية من أكبر المواقع التاريخية والأثرية في فلسطين وأصبحت بلدة سبسطية تقع في دائرة الخطر والاستهداف الكبير، وحكومة الاحتلال بكل مكوناتها تفرض طوقا كبيرا على سبسطية من خلال هذا المشروع في مقدمة لسرقة الآثار وتهويدها”.

فرص عمل

وتخلق المواقع الأثرية فرص عمل مباشرة وغير مباشرة لأهالي سبسطية في ظل حركة سياحية محلية وأجنبية وإن كانت محدودة.

وقال عازم “هناك أكثر من 50 عائلة في بلدة سبسطية تعتاش من وراء الحركة السياحية في هذه المنطقة… ستصبح هذه العائلات بلا مصدر دخل”.

وقال سامر الشاعر صاحب متجر بجوار المنطقة الأثرية “الحركة السياحية تتأثر سلبا بقدوم الاحتلال ومحاولة تسويق هذا المكان على إنه إسرائيلي”.

حياة اجتماعية

وتمثل الآثار في بلدة سبسطية جزءا من الحياة الاجتماعية والثقافية لسكان البلدة البالغ عددهم نحو خمسة آلاف.

وقال زيد أزهري الناشط الشبابي في مجال السياحة “أكبر مخاوفنا هي إغلاق الموقع وعزلنا عنه ومنع وصولنا للآثار القديمة”.

وتشكو وزارة السياحة الفلسطينية من منع السلطات الإسرائيلية لها من العمل حتى في المناطق الخاضعة إداريا للسلطة الفلسطينية.

وتعمل جمعية (الروزنا) التي تعنى بالحفاظ على التراث على تنظيم جولات ميدانية لمجموعات من الصحفيين والعاملين في المؤسسات الحقوقية وغيرهم في المنطقة الأثرية في سبسطية.

وقالت المتحدثة باسم الجمعية فيولا عبد الله “هذه الجولة جاءت بعد ما شعرنا بالخطر لأن هناك ادعاء كثير حول إقامة مشاريع ومتنزه وحملة دعائية لكل المستوطنين إنهم يجيوا على المكان ويستوطنوا فيه”.

وأضافت “لذلك الوجود الفلسطيني مهم وضروري وكمان من فئة الشباب لإنهم المستقبل ولما بيجوا يستكشفوا المكان بتثبت المعلومات…الوجود حماية ما في شي يعملوا غير يتواجدوا في المكان”.

وبدت المجموعة التي حضرت لزيارة الموقع تغمرها الدهشة وهي تنتقل من معلم أثري إلى آخر.

رويترز

يقرأون الآن