رأى رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، أن "لبنان في عين العاصفة، فما يجري على حدودنا الجنوبية يثير لدينا القلق العميق والإستنكار، لأن مجمل الحوادث التي تجري على طول الخط الازرق، هي نتيجة للإستفزازات الاسرائيلية ولخرق العدو الاسرائيلي الدائم للقرار 1701".
وفي جلسة لدرس موضوعي النزوح السوري وتداعياته، والوضع في الجنوب وفي قطاع غزة، أكد ميقاتي أن "مجلس الوزراء، ازاء ما تشهده غزة من إبادة منظمة تطال الأطفال والمدنيين وما تتعرض له الأحياء السكنية من تدمير وحشي ممنهج، يدين بشدة هذه الأفعال الجرمية التي يقترفها العدو الإسرائيلي، ويسكت عنها المجتمع الدولي".
كما أكد المجلس "إنتصاره للمظلوم، وتضامنه مع الشعب الفلسطيني في نضاله، وحقه في الحياة وأرضه وكرامته الإنسانية".
ولفت ميقاتي إلى أن "لبنان، الذي يلتزم بتطبيق القرارات الدولية، وخصوصًا القرار 1701، يشدد في هذه المرحلة العصيبة على دور الجيش في حماية الأمن والإستقرار وعلى التعاون الوثيق بين الجيش وقوات اليونيفيل".
وطلب ميقاتي "من جميع المعنيين أن يكونوا على أهبة الإستعداد لمواجهة أي طارئ، ودعم الجهود التي تبذلها الحكومة لتجنيب لبنان تداعيات ما يحصل والمحافظة على الأمن وتأمين سلامة المواطنين وتوفير احتياجاتهم اليومية. كما شددنا على قيادة الجيش وقادة الأجهزة الأمنية بضرورة تفعيل الإجراءات المتخذة منعًا لأي إخلال أو استغلال للأوضاع. كما طلبنا من هيئة إدارة الكوارث عقد اجتماع طارئ واجراء المحاكاة اللازمة لمواجهة الأزمة".
وأفاد رئيس الحكومة بأنه "اجتمع مع وزير الخارجية عبدالله بوحبيب، الذي أطلعني على أجواء إجتماعات جامعة الدول العربية وحرص الدول العربية على لبنان والإستقرار فيه. كما طلبت من الوزير تقديم شكوى عاجلة الى مجلس الأمن الدولي ضد اسرائيل على خلفية اعتداءاتها المتكررة ضد لبنان".
وأشار ميقاتي إلى أنه "على تواصل ليس فقط مع المسؤولين الدوليين، الذين بادروا إلى الإتصال لوضعنا في صورة الطلب إلينا السعي لتهدئة الأوضاع، بل أيضًا مع كافة القوى السياسية الفاعلة في لبنان، للطلب إليهم ضبط النفس وعدم الإنجرار إلى المخططات الإسرائيلية".
ودعا رئيس الحكومة "القوى الفاعلة في المجتمع الدولي، بما في ذلك مجلس الأمن الدولي، إلى تحمل مسؤولياتها والضغط لوقف إطلاق النار في غزة، والبدء بمفاوضات تؤدي إلى وقف دوامة العنف وعودة الهدوء. وبالتوازي يجب العمل على تنفيذ مبادرة السلام العربية التي اقرت في القمة العربية التي عقدت في بيروت عام 2002 كخارطة طريق وحيدة لإحلال السلام وإعطاء الفلسطينيين حقوقهم المشروعة".
وقال ميقاتي: "المواجهات العنيفة الدائرة في غزة وحولها، تبتعد بالمنطق عن أي فرص حقيقية لتحقيق الإستقرار والسلام. أما أسبابها فباتت معروفة، وهي غياب الحل العادل والدائم للقضية الفلسطينية. كما أن التعدي المتكرر والمتمادي على المقدسات الإسلامية والمسيحية أجج المشاعر ليس لدى الفلسطينيين فقط بل لدى كل مؤمن بالاديان السماوية. فنحن جميعًا معنيون بما يجري هناك وطنيًا وعاطفيًا وإنسانيًا، ولا يمكن أن نكون إلّا إلى جانب الحق والعدالة".
النزوح السوري
وعن ملف النزوح السوري، فأكد ميقاتي "أننا لم ولن نقارب هذا الموضوع من منطلق عنصري، بل من دوافع حماية مصلحة لبنان واللبنانيين"، مشيرًا إلى أن "المعالجة الجدية لهذا الملف لا تتم بالمواقف والمزايدات الشعبوية ولا بالتحريض بل بالتروي والعمل الدؤوب وتحمّل المسؤولية بين كل الوزارات والإدارات والأجهزة كما يحصل الآن".
وأضاف: "هذا التحدي الكبير الذي يواجهه لبنان يمكن لنا أن نتخطاه بحسن التعامل معه. فهذه أزمة تشكّل قضية يجمع عليها اللبنانيون، وليست موضوعًا يجوز أن يفترقوا عليه. الكلمة الفصل في ذلك تتلخص بوجوب عودة النازحين إلى وطنهم وبلداتهم وقراهم، وبالتالي لا يجوز أن يطرح هذا الموضوع بطريقة تحدث شرخًا بين اللبنانيين. الطريق الصحيح لمعالجة هذا الموضوع تبدأ بجمع اللبنانيين على موقف واحد موحد يهدف إلى عودة النازحين إلى وطنهم بأسرع وقت ممكن من دون التسبب بمشكلات لا داعي لها بين اللبنانيين ولا بينهم وبين أشقائهم السوريين".
واستطرد كلامه قائلًا: "التضامن الوطني بين اللبنانيين هو المطلوب، وهو الذي يمكننا من طرح هذه القضية أمام المجتمعين العربي والدولي كموقف لبناني جامع يتفق عليه كل اللبنانيين، ويطالب باتخاذ كل الإجراءات لعودة النازحين السوريين. وفي الخطوات العملانية سيزور معالي وزير الخارجية سوريا في الثالث والعشرين من الشهر الحالي مع أعضاء الوفد للبحث في الملف".
وأضاف: "لقد دعونا إلى عقد هذه الجلسة وكنا نأمل أن يلبي جميع الوزراء النداء الذي وجهناه، وأن يعوا دقة المرحلة التي يمر بها لبنان، وأن ينضموا إلى مجلس الوزراء لمقاربة الموضوعات الملحة بمسؤولية وطنية. إن المقاطعة لا تجدي، ومن الضروري أن نصارح الناس بأن القرارات التي إتخذناها، وهي ليست سرية واطلعتم عليها جميعكم، كما والمراسيم التي بلغ عددها 1299 مرسومًا، لا تتعلق لا بفئة أو بجهة محددة، بل تتعلق بقضايا على تماس مع مطالب الناس وحاجاتهم الملحة واليومية، وكل ما من شأنه استمرارية الدولة ومرافقها. وإذا كان البعض اتخذ المقاطعة كموقف سياسي في البداية، للضغط لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، فان الحكومة ليست الجهة المعنية باي خطوة في هذا الملف، والمقاطعة لم تعد مجدية، بدليل أن الاحداث تجاوزتها وباتت تفرض رص الصفوف والتعاون لتجاوز الصعوبات الحالية والداهمة ومواجهة التحديات الراهنة".
وفي السياق ذاته، تابع ميقاتي: "بعد أن كرس المجلس الدستوري بموجب قراره رقم ٦ تاريخ ٣٠-٥-٢٠٢٣ دستورية جلسات مجلس الوزراء وقانونية الآلية المعتمدة لاتخاذ المقررات وإصدار المراسيم، ها هو مجلس القضايا في مجلس شورى الدولة، أعلى مرجع قضائي إداري، يقرر اليوم رد الطعون المقدمة من بعض الوزراء المقاطعين، ما من شأنه أن يحصن دستوريًا وقانونيًا كل مقررات حكومة تصريف الأعمال. فإلى متى المكابرة من غير طائل ودون فائدة والمركب مهدد بالغرق في كل يوم وكل لحظة. لذلك أجدد الدعوة والنداء فلنتعالى عن الخلافات في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها وطننا ولنتعاون جميعنا ونرص الصفوف لتجنب الصعاب التي نمر بها. والمطلوب اولا كمدخل للحل الاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية ليكتمل عقد المؤسسات الدستورية في هذه المرحلة المفصلية".
وختم ميقاتي: "الى اللبنانيين جميعًا أقول: رغم دقة الوضع فأنا اراهن على وعي القوى السياسية كافة وحسها الوطني. وما لمسته من الاتصالات الخارجية التي نقوم بها وزيارات الموفدين يؤكد الحرص على لبنان ووحدته وسيادته.
ومن ناحيتي فأنا أبذل كل الجهود، لكي أحافظ على مؤسسات الدولة وكيانها. وحري بمن يطلقون المواقف الشعبوية ويحمّلون الحكومة مسؤولية ما يحصل أن يلاقوا الجهد الذي نقوم به للخروج من المحنة. فالحكومة منذ اليوم الأول لعملها، ورغم كل التصدعات وحملات الإفتراء والتجني، هي خط الدفاع الأساس والأخير عن الدولة ومصلحة لبنان العليا في هذه المرحلة الصعبة من تاريخه. نحن هنا لخدمة الناس وحماية لبنان".