يواجه أي غزو إسرائيلي لغزة عدوا حشد مخزونا هائلا من الأسلحة بمساعدة إيران وحفر شبكة أنفاق واسعة لتفادي المهاجمين وأظهر في حروب برية سابقة أن بوسعه إلحاق خسائر بشرية أكبر بالقوات الإسرائيلية في كل مرة.
وقال مصدر أمني وخبراء إسرائيليون إن إسرائيل تحشد دبابات على حدود غزة وإن وزراء إسرائيليين أشاروا أن قرار الغزو محسوم ولم يبق إلا مسألة تحديد توقيت البدء فحسب، وإن جنرالات إسرائيل سيراجعون الدروس المستفادة من الهجمات البرية السابقة في عامي 2008 و2014 التي استهدفت أيضا سحق حماس.
لكن حماس حتى الآن ظهرت خصما أصعب مراسا في كل مرة، ونفذت في السابع من تشرين الأول/أكتوبر عمليتها الأكثر تدميرا حين قتل مسلحوها أكثر من 1300 إسرائيلي معظمهم من المدنيين في أعنف هجوم على الأراضي الإسرائيلية منذ تأسيسها في 1948.
وأدت الغارات الجوية الإسرائيلية ردا على ذلك إلى مقتل أكثر من 1400 شخص في غزة حتى الآن.
ولا يستطيع أي من الطرفين أن يعرف بالضبط ما يمكن توقعه في حرب برية. فقد وعدت إسرائيل بحملة تتفوق على أي حملة خاضتها على الإطلاق لمحو حماس "من على وجه الأرض"، في حين أظهرت حماس قدرتها على البقاء والمباغتة، وستقاتل في بيئة حضرية مكتظة بالسكان بأسلحة قوية.
وقال مسؤول في إحدى الفصائل الفلسطينية المسلحة في غزة، اكتفى بالإفصاح عن كنيته وهي أبو عبد الله، لرويترز إن "اجتياحا بريا سيكون بمثابة الغوص في قلب المجهول من قبل الاحتلال وقواته".
وأوضح مسؤولون إسرائيليون أن الحملة لن تكون سريعة أو سهلة. وإسرائيل تواجه هذه المرة مشكلة أن العشرات من الرهائن الإسرائيليين الذين احتجزتهم حماس محتجزون الآن في منطقة الأنفاق التي تسميها القوات الإسرائيلية "مترو غزة" والتي يتعين على الجنود تطهيرها للقضاء على حماس.
وقال مصدر أمني إسرائيلي لرويترز "الهدف هو سحق القدرات العسكرية والجهاز العسكري لحماس بالكامل وهذا سيتطلب عملية طويلة".
وأضاف المصدر "معظم الأهداف والأشخاص والمعدات واللوجستيات موجودة تحت الأرض ومن المحتمل أن يكون الرهائن موجودين تحت الأرض... سيكون الهدف هو دك الأرض حتى نتمكن بعد ذلك من الوصول إلى المخابئ تحت الأرض".
وفي قطاع غزة الذي يقطنه 2.3 مليون نسمة، قد يؤدي خطر تزايد عدد القتلى المدنيين إلى تعقيد الخطط العسكرية الإسرائيلية.
* دك الأرض
وبناء على التجارب السابقة، فإن القنابل الإسرائيلية الخارقة للمخابئ ودبابات ميركافا المتقدمة تقنيا ستصبح في مواجهة الأنفاق الملغومة والمقاتلين الذين يستخدمون شبكة تحت الأرض للهجوم والاختباء ومجموعة من أسلحة حماس التي تشمل صواريخ كورنيت روسية الصنع المضادة للدبابات التي قالت إسرائيل إنها استخدمت لأول مرة في 2010.
وتحشد إسرائيل مئات الآلاف من جنود الاحتياط لقتال المسلحين الذين قال مسؤول سابق في جهاز الأمن العام الإسرائيلي (شين بيت) إن عددهم قد يصل إلى 20 ألفا.
وامتنع متحدثون باسم حماس عن الحديث مع "رويترز" عن أي عمليات عسكرية أو تخطيط.
وقال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري، لقناة الجزيرة إنه قبل أن تشن حماس هجومها على إسرائيل، كانت لديها خطة دفاعية أقوى من خطتها الهجومية.
ولم يناقش مسؤولون إسرائيليون أي تفاصيل عسكرية. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية "نستعد لهجوم بري" والهدف هو إلحاق أضرار جسيمة "بالبنية التحتية الإرهابية" حتى لا تشكل تهديدا لإسرائيل فيما بعد.
لكن سكان غزة رصدوا بالفعل ما يعتقدون أنها استعدادات للغزو في القصف الإسرائيلي المكثف للقطاع منذ الهجوم الأولي الذي شنته حماس. ويقول سكان إن القصف أدى إلى دك ممرات من الأرض على طول الحدود مما قد يفتح الطريق أمام القوات البرية.
لكن أبو عبد الله، من إحدى الفصائل الفلسطينية المسلحة، قال إن مقاتلي غزة مستعدون.
وأضاف أن "الطيران لا يحسم معركة، والكثير من المقاتلين يفضلون مواجهة الدبابات والقوات وجها لوجه مسلحين بمقدرات تم تطويرها على مدار سنوات".
ومنذ عام 2007 حين انتزعت حماس السيطرة على غزة من السلطة الفلسطينية، نفذت إسرائيل توغلين بريين كبيرين. وفي كل مرة زاد عدد القتلى في الجنود عن المرة السابقة، فقد قتل تسعة في 2008 بينما قتل 66 في عام 2014.
وهذه المرة، كان أمام حماس وقت أطول للاستعداد، ولم تكتم سر الدعم القادم من إيران، العدو الإقليمي اللدود لإسرائيل.
* تعلم الدروس
وفي الضفة الغربية، واجهت القوات الإسرائيلية تزايدا في قدرات المسلحين في اشتباك وقع في حزيران/يونيو الماضي. وفي غارة على مخيم جنين للاجئين، وهو معقل للمسلحين، وقع جنود إسرائيليون في أسر كمين. واستدعي دعم من طائرات الهليكوبتر من طراز أباتشي للمساعدة.
وقال أحد أعضاء لواء جنين إن "ما يحدث في غزة مقارنة بمعركة مخيم جنين فرق بين السماء والأرض".
وقالت الحكومة الإسرائيلية إنه يتعين على مواطنيها أن يستعدوا لصراع طويل لتحقيق الهدف. وكانت الحكومة الإسرائيلية بقيادة رئيس الوزراء نتنياهو من قبل واحدة من أكثر الحكومات اليمينية تشددا في تاريخ البلاد لكنها تضم الآن شخصيات معارضة لبناء الوحدة الوطنية.
وقال وزير الدفاع يوآف غالانت للجنود بالقرب من السياج الحدودي يوم الثلاثاء "لقد بدأنا الهجوم من الجو، وفي وقت لاحق سنأتي أيضا من البر"، في واحدة من أقوى الإشارات على أن الغزو سيمضي قدما.
وقال المسؤول الكبير السابق في جهاز الأمن العام الإسرائيلي (شين بيت) والزميل الآن في المعهد الدولي لمكافحة الإرهاب في جامعة رايخمان الإسرائيلية شالوم بن حنان، إن الهجوم البري هو السبيل الوحيد لتفكيك حماس.
وأضاف "لا توجد حرب معقمة. سنتكبد خسائر... سنحارب ونخوض قتالا مع مقاتلين ذوي خبرة ومدربين بشدة"
وأردف قائلا "لا بد أن يكون فوزا حاسما".