أعاد الصاروخ الصيني الذي خرج عن السيطرة، وظل تائهاً في الفضاء لعدة أيام قبل أن يسقط في بحر العرب، مؤخراً الحديث عن قضية النفايات الفضائية، وما تشكله من خطر، سواء على سكان الأرض، أو الأقمار الاصطناعية والمركبات الفضائية، لا سيما مع تنامي أعدادها وأحجامها، حيث تشير تقديرات العلماء إلى وجود 170 مليون قطعة نفايات تدور حول الأرض.
36 ألف كم/ الساعة
تنشأ نفايات الفضاء من عمليات إطلاق الصواريخ، أو الأقمار الاصطناعية أو المركبات في الفضاء الخارجي، وقد تكون هذه النفايات كبيرة مثل قمر اصطناعي معطل، أو صغيرة مثل أجزاء من الصواريخ أو الأقمار أو بقايا الأصباغ التي تُطلى بها المركبات الفضائية، فضلاً عن القطع التي انفصلت عن المركبات الفضائية، والشظايا والجزيئات الناتجة عن الاصطدامات أو الانفجارات الفضائية، وتدور بعض هذه النفايات حول الأرض بسرعة تصل إلى 36000 كيلومتر في الساعة، وبعضها تطفو في الفضاء. ومنذ بدء رحلة البشرية إلى الفضاء في عام 1957، عندما أطلق الاتحاد السوفييتي أول قمر صناعي عُرف بـ «سبوتنيك»، ومع مرور الوقت تراكمت هذه النفايات وانتشرت في الفضاء بشكل كبير، الأمر الذي تسبب في ظهور مشكلة كبيرة.
جزيرة بلاستيكية عائمة
يشبّه خبراء وعلماء الفضاء قطع النفايات الفضائية التي خلفها البشر في مدار أرضي منخفض بـ «جزيرة بلاستيكية عائمة» في الفضاء الخارجي، وبحسب الخبراء والعلماء الذين تحدثوا في مؤتمر الفضاء الأوروبي الثالث عشر، تمثل النفايات الفضائية تهديداً وخطراً حقيقياً مثل الخطر والتهديد الذي تشكله الجزر البلاستيكية العائمة في البحار والمحيطات، فعلى سبيل المثال، فإن شظايا من الحطام الفضائي يصل حجمها إلى 1 سم لديها القدرة على تدمير الأقمار الاصطناعية بالكامل. ومنذ يناير 2019، كان هناك أكثر من 5 آلاف قمر اصطناعي في الفضاء، لكن 2000 فقط لا تزال نشطة، ولا يزال هناك 3000 قمر اصطناعي غير نشط ينجرف في الفضاء، حيث تشير البيانات الحديثة إلى حدوث أكثر من 500 تفكك أو انفجار لهذه الأجسام الفضائية. ويشير العلماء إلى أن إطلاق شبكات من الأقمار الاصطناعية المعروفة باسم الأبراج الضخمة إلى الفضاء يمكن أن يؤدي إلى ما يُعرف بـ «متلازمة كيسلر»، وهي عبارة عن تفاعل متسلسل يصطدم فيه المزيد من الأجسام لتكوين خردة فضائية جديدة لدرجة تجعل مدار الأرض غير صالح للاستخدام.
قمر لحرق النفايات
تخطط اليابان للمشاركة في مجال تطهير الفضاء من النفايات عبر إطلاق قمر اصطناعي ينبض بالليزر، وقد استوحى المهندسون اليابانيون فكرة هذا القمر من التقنية الشائعة التي يستخدمها أطباء الجلد لإزالة عيوب البشرة، حيث يُستخدم الليزر منخفض الطاقة المصمم للحرق في نبضات قصيرة. ومن المقرر أن تُطلق اليابان هذا القمر في العام 2026، حيث سيستهدف قطع النفايات الصغيرة من الحطام الفضائي التي يخشى العلماء من اصطدامها بالأقمار الصناعية النشطة. ويزن القمر ما بين 600 و700 رطل، ومن المحتمل أن يتم وضعه في المدار في مكان ما بين 350 و600 ميل فوق الأرض، وهذا من شأنه أن يجعله في متناول معظم الـ 170 مليون قطعة من النفايات الفضائية التي يعتقد أنها تدور حول الأرض، ولكن لا يمكن تعقب سوى أقل من 30 ألفاً، ويعود ذلك إلى السرعة الهائلة التي تسير بها في الفضاء التي تصل إلى 27 ألف كيلومتر في الساعة.
روبوت لتنظيف الفضاء
في خطوة مهمة للتخلص من النفايات الفضائية، أعلنت وكالة الفضاء الأوروبية في وقت سابق، عن إطلاق ما يُعرف بـ «روبوت العناق»، وهو عبارة عن روبوت تجريبي بأربعة أذرع تقبض على الأقمار الاصطناعية التي عفا عليها الزمن، عبر عناقها بأذرعه، ثم أخذها إلى منطقة الانتحار في الغلاف الجوى الأرضي لتدميرها. ومن المقرر إطلاق هذه المهمة في العام 2025، وسوف يختبر الروبوت عضلاته الآلية على قطعة متوسطة الحجم من النفايات الفضائية التي تخلى عنها صاروخ «فيجا» التابع لوكالة الفضاء الأوروبية منذ العام 2013، والواقعة في ارتفاع يصل إلى 800 كم فوق الأرض، وتزن هذه القطعة المخروطية من الحطام نحو 100 كيلو جرام، وتقدّر تكلفة المهمة لمرة واحدة نحو 133 مليون دولار.
قفاز وكاميرا
وسط ملايين القطع من نفايات الفضاء، هناك بعضُ القطع الشهيرة، مثل القفاز الذي طاف بعيداً عن طاقم «الجوزاء 4»، خلال أول سير في الفضاء قام به رواد فضاء أميركيون، وأيضاً الكاميرا التي فقدها رائد الفضاء، مايكل كولينز، خلال مهمة Gemini 10.
5 دول سبب الأزمة
كشف تقرير، نشره موقع «ديلي ميل» البريطاني، عن قائمة الدول المسؤولة عن نفايات ومخلفات الفضاء، ونقل الموقع البريطاني عن شركة «آر إس كومبونينت» البريطانية، والمتخصصة بالإلكترونيات، أن روسيا تأتي في قائمة الدول المتسببة بالمخلفات الفضائية بـ 14403 قطع من هذه المخلفات، تليها الولايات المتحدة بـ 8734 قطعة، ثم الصين بـ 4688، وفرنسا بـ 994، والهند بـ 517.
ويشير التقرير إلى أن هناك المزيد من البلدان في القائمة، مثل ألمانيا وبريطانيا، لكن عدد المخلفات الفضائية التي تسببت بها قليلة جداً، مقارنة بالدول الأخرى.
170 مليون قطعة
بحسب التقديرات العلمية، فإن هناك ما يقرب من 170 مليون قطعة نفايات تدور حول الأرض.
وبحسب وكالة الفضاء الأميركية «ناسا»، فإن أكثر من 128 مليون قطعة من الحطام الفضائي أكبر من 1 مم، و34 ألف قطعة أكبر من 10 سم، وهناك أكثر من 20 ألف قطعة من الحطام الفضائي تدور حول الأرض بسرعات تصل إلى 17500 ميل في الساعة، وهناك 500000 قطعة من الحطام بحجم الحجارة الكبيرة، بالإضافة لملايين القطع من الحطام التي لا يمكن تتبعها.
ووفقاً لبرنامج الحطام المداري التابع لـ «ناسا» هناك أكثر من 23000 قطعة من الحطام أكبر من 10 سم، ومعظم هذا الحطام يجول في حدود 1.250 ميلاً من سطح الأرض.
مدة بقاء النفايات
تختلف مدة بقاء النفايات في الفضاء لاعتبارات وأسباب مختلفة، حيث تسحب جاذبية الأرض الكثير منها إلى المدارات المنخفضة حتى تصل إلى الغلاف الجوي للأرض، وتحترق معظم النفايات عندما تدخل الغلاف الجوي للأرض، بينما تطول مدة بقاء بعض النفايات في المدار، كلما زاد الارتفاع الذي تدور حوله.
أما النفايات الفضائية التي تتحرك في مدارات أقل من 600 كيلو متر، فهي تعود إلى الأرض خلال بضع سنوات، ويمكن أن تستمر النفايات التي تدور على ارتفاعات تزيد على 1000 كيلومتر في الدوران حول الأرض لمدة 100 سنة.
مخلفات بقوة الديناميت
تنتقل نفايات الفضاء بسرعات كبيرة جداً، وبسبب هذه السرعات العالية يمكن للقطع الصغيرة من نفايات الفضاء التي يتراوح حجمها بين 1 و10 سنتيمترات، أن تخترق معظم المركبات الفضائية وإتلافها، ويمكن أن تتسبب قطعة نفايات فضائية يبلغ طولها عشرة سنتيمترات في إلحاق الضرر بقدر 25 قطعة من الديناميت، وهو الأمر الذي دفع وكالة الفضاء الأميركية «ناسا» إلى أن تؤسس شبكة مراقبة فضائية، بحيث يمكن تجنب الاصطدام بالأقمار الاصطناعية، أو مكوك الفضاء.
الإتحاد الإمارتية