دعا البطريرك الماروني بشارة الراعي المسؤولين في الدولة اللبنانية الى العمل على "تحييد لبنان عن ويلات الحرب، هذه الحرب المدمِّرة، والقيام بدوره السياسي والديبلوماسي الداعم للقضية الفلسطينية، وهو أجدى. وذلك في التمسّك بتطبيق قرار مجلس الأمن 1701 الذي يأمر إسرائيل وحزب الله بالوقف الفوري لكل الهجمات والعمليات العسكريّة من الجانبين".
كلام الراعي، جاء خلال افتتاح الدورة العاديّة السادسة والخمسين لمجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، في فتقا. وقال: "نلتقي فيما لبنان يعاني من أزمة سياسية حادّة حرمته من رئيس منذ سنة، من دون أيّ مبرّر، ولكنّنا نعرف السبب، وهو مخالفة متعمِّدة للدستور. ويا ليتنا نعرف لماذا؟ بل نعرف واحدة وهي أنّ أوصال الدولة تتفكّك، والأزمة المالية والاقتصادية والمعيشية تتفاقم، وشعبنا يفتقر، وخيرة قوانا الحيّة تهاجر، وعدد النازحين السوريّين يتزايد يومًا بعد يوم بالوافدين وبالمولودين، حتى باتوا يعدّون حاليًّا مليونًا ونصف المليون، والعدد يتزايد كلّ يوم على حساب اللبنانيّين ولقمة عيشهم وأمنهم واقتصادهم وثقافتهم. أمام هذا العبء الثقيل وهذا الخطر نطالب الأسرة الدولية بمساعدتهم على أرض سوريا لا في لبنان ليتمكّنوا من استعادة حياتهم في وطنهم وعلى أرضهم. فيحافظوا عليها وعلى ثرواتها، ويواصلوا كتابة تاريخهم عليها".
وتابع الراعي: "نجتمع وشبحُ الحرب الدائرة بين إسرائيل والفلسطينيين جاثم على حدودنا الجنوبية. وفيما نستنكر بشدّة هذه الحرب الإبادية والمدمِّرة والتهجيرية بحقّ الشعب الفلسطيني، فإنّنا نتضامن معهم وندافع عن قضيّتهم ونساند الحلّ بإنشاء الدولتَين، ونطالب المجتمع الدولي العمل على إيقاف هذه الحرب وما تنطوي عليه من قتل وتدمير وتهجير وتدنيس للأرض التي قدّسها المسيح الفادي بأقدامه وغسلها بدمه المُراق على الصليب. وندعو المسؤولين في الدولة اللبنانية العمل على تحييد لبنان عن ويلات هذه الحرب، هذه الحرب المدمِّرة، وعلى القيام بدوره السياسي والديبلوماسي الداعم للقضية الفلسطينية، وهو أجدى. وذلك في التمسّك بتطبيق قرار مجلس الأمن 1701 الذي يأمر إسرائيل وحزب الله بالوقف الفوري لكل الهجمات والعمليات العسكريّة من الجانبين".
وأضاف:" ندينُ بشدّة المجزرة البشعة التي طالت أطفالاً أبرياء، من طلاّب مدارسنا الكاثوليكية، في مدرسة راهبات القلبَين الأقدسيَن في عين إبل، وإننا نقف الى جانب أهالي الطلاّب الضحايا ورفاقهم في المدرسة، والى جانب إدارة المدرسة ورهبانية القلبَين الأقدسَين ، ندعو أبناء الكنيسة في كنائس لبنان وجميع المؤسّسات الى وقفة صلاة من أجل إنهاء مظاهر العنف بكل وجوهه، وأن يمنّ الله على المسؤولين روح الحكمة، لكي يعملوا لما فيه خير كل مواطن لاسيّما في الأراضي المقدّسة. وإننا نعرب عن ألمنا الكبير للعائلة التي سقطت بكاملها بالأمس في الجنوب، نعزّيها ونصلي من أجلها".
وقال الراعي: "يبقى الأمل في الجيش اللبنانيّ المؤتمن مع القوّات الدوليّة على الأمن في الجنوب والحدود وسائر المناطق اللبنانيّة. فمن أجل الإستقرار في البلاد، يجب تحصين الجيش والوقوف إلى جانبه وعدم المسّ بقيادته حتى إنتخاب رئيس للجمهوريّة. فالمؤسّسة العسكريّة اليوم هي أمام استحقاق مصيريّ يهدّد أمن البلاد. وليس من مصلحة الدولة اليوم إجراء أي تعديلات في القيادة. بل المطلوب بإلحاح انتخاب رئيس للجمهوريّة، فتسلم جميع المؤسّسات".
وأردف: "كيف وبأيّ حق يُحجم المجلس النيابي عمدًا عن عدم انتخاب رئيسٍ للجمهورية، وسدّة الرئاسة فارغة منذ سنة. ومعلوم أنّ بغياب الرأس ينشلّ الجسم كلّه. ومعلوم ايضًا أنّ رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي ورئيس الحكومة ثلاثة مؤتمنون على السلطة التشريعية والإجرائية بشكل مترابط يعطي السلطة العليا في الدولة شرعيّتها. فنتساءل: اين شرعيّة ممارسة سلطة المجلس النيابي وسلطة الحكومة والرأس الأعلى غير موجود؟ ألا يناقض ذلك العيش المشترك والميثاق، بموجب منطوق البند (ي) من مقدمة الدستور؟ . لذلك، لا نستطيع القبول بإحجام المجلس النيابي عن القيام بواجبه الوطني الأساسي وهو انتخاب رئيس للجمهورية، الذي هو فوق كلّ اعتبار وكلّ شخص. أمام مصلحة الوطن، أرضًا وشعبًا ومؤسسات، تتبخّر جميع المصالح والاعتبارات، وما عدا ذلك مخالفة جسيمة للدستور".