أفرغ المنسق الرئاسي الخاص للشراكة من أجل البنى التحتية والاستثمار العالمي آموس هوكشتاين ما لديه من نصائح في زيارته المختصرة إلى بيروت. وليست تفصيلا أن أوفده الرئيس جو بايدن دون غيره وفي محطة واحدة اقتصرت على لبنان، وهو صاحب الحلول الطاقوية في أكثر من منطقة في العالم، وترك بصماته لبنانياً في اتفاق الترسيم البحري، ولاحقا في تظهير الحدود البرية.
سعى هوكشتاين بصفته الرئاسية بحسب صحيفة اللواء إلى تمرير رسالة أميركية بـ3 فروع:
1-ضرورة ضبط الجبهة الجنوبية وجعلها في السياق المقبول ضمن قواعد اشتباك واضحة وثابتة، فلا تتخطى العمليات العسكرية من الجانبين الخطوط الحمر المعروفة والمتعارف عليها، وتطويق كل حركة عسكرية غير لبنانية، وتحديدا الفصائل الفلسطينية التي تعتبر واشنطن أنها تتحرّك تحت سقف حزب الله وضمن رؤيته للعمليات الحربية، لا بل بقيادته.
2-تكرار الإستعداد لتسهيل موضوع الحدود البرية المرسّمة والمعترف بها دوليا على قاعدة اتفاقية بوليه - نيوكومب سنة 1923. وأرجئ المسعى الأميركي تحت وطأة الحرب في غزة، علما ان هوكستين في زيارته ما قبل الأخيرة بداية أيلول الفائت قال إن الوقت قد حان لمراجعة اتفاق الإطار الذي وُضع للتوصّل إلى ترسيم الحدود البحرية، ولاحقا البرية.
3-الوعد بتنشيط الإستكشاف الغازي والنفطي، وهو مسار أصيب بوهن واضح في الآونة الأخيرة، وتحديداً منذ 7 تشرين الأول. ويتّصل هذا الضمور إلى حد ما بالموقف اللبناني من الحرب.
قُرئت زيارة هوكشتاين على أنها إشارة مكتملة العناصر إلى أن توسعة نطاق الحرب والعودة إلى القلاقل الأمنية جنوباً وإبطال مفاعيل القرار 1701، تعني حكما إنهاء أي أمل باستغلال لبنان موارده النفطية الكامنة.
ويؤمل أن تتدخّل واشنطن لكي تقرّب شركة «توتال إنرجيز» الموعد الذي ضربته لحفر البئر الثاني في الرقعة رقم ٩، بما يُبقي الأمل اللبناني قائما باكتشافات غازية تجارية غير بعيدة.
وثمة من يعتقد أن إعلان الشركة الفرنسية خلو البئر في الرقعة 9 من كميات تجارية من الغاز متّصل حكما بالتموضع اللبناني في الحرب كما في خطط ما بعدها، ويُعدّ نسخة طبق الأصل لما فعلته في البئر الإستكشافية في الرقعة رقم 4 في نيسان 2020. يومها أعلمت الشركة رئاسة الجمهورية هاتفيا باكتشافات تجارية مُعْتبَرة، قبل أن تنقضَ بُشْرتها في أقلّ من 24 ساعة.
لا ريب أن زيارة هوكشتاين تأتي في سياق تسارع مسار المعالجات والوساطات لإنهاء الحرب في غزة، في وقت تزداد حماوة الجبهة الجنوبية وسط خشية من تفلّت الأمور وانزلاقها نحو حرب واسعة تقود إلى ما لا تحمد عقباه.
ولا يخفى أن العنف الإسرائيلي الزائد في غزة والجنوب يضاعف رغبة محور الممانعة في المواجهة وتوسيعها تدريجيا، لكن احتمال الحرب الكاملة لا يزال ضعيفا ربطا بإدراك الأطراف المعنية أنها ستأتي هذه المرة إقليمية وستشعل الجبهات من صنعاء إلى الجنوب، وليس بمقدور أحد رسم حدودها وتوقّع أهوالها.