يحمل البطريرك الماروني بشارة الراعي همّ عدم دخول قيادة الجيش في دائرة الفراغ، ويرى وجود مخطط يقوم بضرب كل المؤسسات التي تُبقي هذا الكيان "واقفاً على رجليه". ويعتبر المسّ بالجيش بمثابة دحرجة آخر حجر تُبنى عليه الدولة، لذلك يتشدّد في هذه الموضوع ولن يسمح بهزّ الإستقرار على رغم الأخبار التي تتحدث عن قرب حلّ هذه المسألة.
من يتوقّع أن يسيطر التعب على الراعي أو ييأس في ملف الفراغ في قيادة الجيش عليه أن ينتظر طويلاً، على حدّ قول مصادر كنسية، والتي تؤكّد إستخدام الراعي لهجة عالية النبرة في الأيام والأسابيع المقبلة تجنّباً للوصول إلى المحظور.
وتتعجّب المصادر من تقاطع شخصيات سياسية لم تلتقِ يوماً على تسيير أمور الناس والدولة، والتقت اليوم على ضرب قيادة الجيش، غامزة من قناة التقاء رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية (قبل تراجعه عن موقفه) ورئيس "التيار الوطني الحرّ" النائب جبران باسيل على رفض التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون، وكأنه مطلوب "إستكمال مخطط ضرب الدولة وتطيير كل شخص نزيه في هذا الزمن الصعب".
وترى المصادر لصحيفة "نداء الوطن" أنّ الكيدية السياسية تتغلّب على ملف يتعلّق بالأمن القومي، وهذه الكيدية تتجلّى في رفض "الثنائي الشيعي" التمديد لعون في مجلس النواب، لأنّ من تقدّم بمشروع القانون هو تكتّل "القوات اللبنانية" النيابي، ويرمي "الثنائي" الكرة في ملعب الحكومة التي هي حكومته. ومن جهة ثانية، يواصل وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم لعبة تنفيذ سياسة وبرنامج من وزّره، ولا يُقدّم إقتراحاً إلى مجلس الوزراء لتجنّب الفراغ في قيادة الجيش إنتقاماً من القائد بسبب رفضه الإنصياع لطلب ضرب "الثورة"، ولكي يُسحب إسمه من لائحة الأسماء الرئاسية المرشحة.
وإذا كان كل من الثنائي وباسيل، ومن معهما، يُعطّلان مسألة التمديد لقائد الجيش، إلا أنّ البطريرك الراعي يتواصل مع كل القوى، ولا يُبدي رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ممانعة في التمديد لقائد الجيش، لكنه يؤكد أنّ الكرة لم تكن في ملعبه، بل في ملعب وزير الدفاع أو مجلس النواب، وهناك يجب وضع الضغط الحقيقي، بينما يؤكّد للبطريرك البحث في كل المخارج القانونية اللازمة، لكن كل الأخبار لا تطمئن البطريرك قبل أن يتأكد من حسم الأمور، لأنّ لا ثقة بالمسؤولين.
صمّ باسيل أذنيه عن سماع صوت الراعي، ويُكمل سياسة ضرب المواقع ليبقى وحيداً في الساحة، لكن البطريرك، بحسب المصادر الكنسية، يعتبر أنّ الفراغ في قيادة الجيش هو مسألة حياة أو موت، وأنهم يرفضون تعيين قائد جيش أو أي موظف آخر في ظلّ غياب رئيس للجمهورية، وفي المقابل يُعطّلون جلسات الإنتخاب، والقيّمون على المجلس لا يدعون إلى جلسة انتخاب منذ 14 حزيران/يونيو الماضي، وبالتالي ما هذه المعضلة؟ وما هو مخططهم؟ وكيف يتركون الجيش بلا قيادة والمنطقة تعيش الحرب والبلاد على شفير حرب؟
وتدعو المصادر القوى السياسية المسيحية وغير المسيحية إلى الخروج من الحسابات السياسية الضيقة وعدم الغرق في "النكايات" والاسراع في بت التمديد، فالوضع العسكري لا يحتمل أي تلاعب في قيادة الجيش، والمسألة ليست في التمديد لجوزاف عون أو عدم التمديد له، بل ترتبط بوجود الكيان، فالخطر كبير وترك الجيش بلا رأس يسبّب إهتزازاً في الأمن القومي للبلاد.
سيرفع البطريرك الراعي في الأيام المقبلة سقف خطابه، ولن يتنازل عن مطلب حماية الجيش والأمن القومي للبلاد، وينتظر من كل من يعترض على التمديد تقديم بديل أو اقتراح قانون يحمي الجيش والبلاد من خطر الإنهيار. وترى بكركي الصورة سوداوية وتتخوّف من وجود مخطّط يستكمل الانهيار، فبعد انهيار المصارف والشركات والمؤسسات العامة والخاصة ودخول لبنان في نفق إقتصادي مظلم، قد يكون أتى مسلسل الانهيار الأمني الذي سيكون أصعب من بقية الإنهيارات.