تتزايد المخاوف في الأردن من أن يلتهم الجفاف باقي المساحات الخضراء وأن يزحف التصحر في ظل ارتفاع درجات الحرارة وتراجع معدلات سقوط المطر.
وتشكل الأراضي الصحراوية 80 في المئة من مساحة البلاد البالغة نحو 89 ألف كيلومتر مربع.
ومع تفاقم تأثيرات التغيرات المناخية، يسعى الأردن جاهدا لمكافحة التصحر من خلال الاتفاقيات الدولية والتحالفات والمبادرات التي أطلقت على مدار الأعوام الماضية.
فالأجزاء الغربية من المملكة، بحسب تقرير البلاغات الوطني الرابع للتغير المناخي لعام 2023، ستتعرض لموجات جفاف بصورة أكبر، مع انخفاض في هطول الأمطار بنسبة تتراوح بين 15.8 في المئة و47 في المئة، مقابل زيادة نسبة سقوط المطر في المنطقة الجنوبية من المملكة وبمقدار 19 في المئة.
وقال عمر الشوشان، رئيس اتحاد الجمعيات البيئية في الأردن، لرويترز، إن من أهم النتائج التي وردت في ذلك التقرير الصادر عن وزارة البيئة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أن هناك احتمالا كبيرا لأن "تتعرض المملكة إلى مزيد من موجات الحرارة بنسبة 120 في المئة، مقابل ارتفاع في الجفاف بخاصة في المناطق الشمالية بنسبة 50 في المئة".
وأضاف الشوشان أن تغير أنماط هطول الأمطار ومعدلاتها سيسهم في "نقص كمية المياه الصالحة للشرب، وزيادة الأمراض المنقولة عبر المياه مثل التيفوئيد، والملاريا، وتحديدا في جنوب المملكة".
ويشير الشوشان إلى تأثير أزمات اللجوء وارتباطها المباشر بإضعاف القدرة الحيوية للمملكة في مواجهة تداعيات تغير المناخ خاصة في قطاعات المياه والزراعة والطاقة وهي الثلاثية التي ترتكز عليها منظومة الأمن الغذائي.
ووفقا لتقديرات المجلس الأعلى للسكان للأردن تستضيف المملكة 3.7 مليون لاجئ غالبيتهم من الفلسطينيين والسوريين والعراقيين. ويبلغ إجمالي السكان في الأردن نحو 11 مليون نسمة.
ودعا الشوشان الحكومة إلى الإسراع في تنفيذ مشروع الناقل الوطني للمياه من خليج العقبة مع زيادة الطلب المتوقع نتيجة اتساع رقعة الجفاف وشح المصادر المائية واختلاف أنماط الهطول المطري.
وأكد الشوشان على دور المجتمع الدولي والجهات المانحة في دعم جهود الحكومة لتنفيذ مشاريع التنمية المستدامة ومن أهمها مشاريع البنية التحتية في المياه والطاقة المتجددة والنقل المستدام.
ووفقا لتقديرات البنك الدولي فإن المملكة تحتاج ما يقارب 9.5 مليار دولار للتعامل مع ملف التغيرات المناخية.
مزيد من شح المياه
يقول البنك الدولي إن الأردن، الذي يعتبر أحد أكثر البلدان معاناة من نقص المياه في العالم، يشهد أزمة مائية شديدة تقوض التنمية الاقتصادية والبشرية في البلاد. ووفقا لتقديرات البنك يبلغ متوسط نصيب الفرد من الموارد المائية المتاحة 97 مترا مكعبا سنويا، وهو ما يقل كثيرا عن الحد المطلق لشح المياه، والبالغ 500 مترا مكعبا للفرد سنويا.
ويضيف البنك في تقرير له في حزيران/ يونيو الماضي "من المتوقع أن يتسبب تغير المناخ، بالإضافة إلى النمو السكاني، في نقص إضافي في متوسط نصيب الفرد من الموارد المائية المتاحة بنسبة 30 في المئة بحلول عام 2040".
يقول بلال الشقارين مدير مديرية التغير المناخي في وزارة البيئة الأردنية إن النماذج المناخية تشير إلى أن المناخ في الأردن سيكون أكثر دفئا مع توقعات بتراجع معدل الأمطار وتغير أنماطها بالإضافة إلى زيادة في موجات الحرارة من حيث المدة والشدة وكذلك زيادة في موجات الجفاف.
وقال الشقارين لرويترز إنه من المتوقع أن "يلقي كل ذلك بظلاله على قطاعي المياه والزراعة بشكل أساسي وعلى باقي القطاعات التنموية الأخرى وخاصة القطاع الصحي" مع زيادة الطلب على مياه الري بالإضافة الى انخفاض الإنتاجية الزراعية بشكل عام بمقدار 20 في المئة خلال السنوات الأربعة المقبلة.
وأضاف أن وزارة المياه أطلقت السياسة الوطنية للجفاف في قطاع المياه، وأعدت وزارة البيئة الخطة الوطنية للتكيف مع التغير المناخي وحدَثت السياسة الوطنية للتغير المناخي حتى العام 2050.
وبين الشقارين أن وزارة البيئة تدعم حاليا بالتعاون مع مؤسسات تنموية دولية مثل منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي العديد من مشاريع الزراعة الذكية مناخيا ومشروعات حصاد مياه المطر والترويج لزراعات تتحمل الجفاف.
وذكرت رايا طاهر مديرة مشروع العدالة المناخية في منظمة (أوكسفام) بالأردن أن هناك ضرورة ملحة لاستخدام أنواع نباتية مقاومة للجفاف لتعزيز المرونة في مواجهة التأثيرات الناتجة عن تغير المناخ مثل انخفاض هطول الأمطار.
وأضافت أنه يجب تعزيز الممارسات الزراعية الذكية والمستدامة، بما في ذلك اختيار المحاصيل المستدامة والتي تكون عالية الإنتاج وتتحمل التغيرات في البيئة، وضمان إدارة أكثر شمولا للنظام البيئي والاجتماعي في قطاع الزراعة لتعزيز القدرة على مواجهة تغير المناخ.
وتشير إلى أنه في الأردن، يمكن رؤية مثال على ذلك في منطقة الشونة الجنوبية حيث يتم تنفيذ (مشروع تخضير الصحراء)، إذ تم إنشاء موقع كامل لممارسة الزراعة المستدامة في منطقة تأثرت بشدة بارتفاع درجات الحرارة وانخفاض الهطول المطري، وتم بناء نظام بيئي كامل يربط بين الحفاظ على المياه والزراعة العضوية والعيش المستدام.