منذ خمس سنوات، كتب زعيم حماس في غزة، يحيى السنوار، ملاحظة على وثيقة كان يعلم أن الوسطاء سيسلمونها إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
كتب السنوار بالعبرية، وفقًا لما ذكره مستشار الأمن القومي السابق مئير بن شبات، "خذ مخاطرة محسوبة بشأن وقف إطلاق النار".
قبل ذلك بفترة قصيرة، قال زعيم حماس شيئًا مشابهًا لصحافي إيطالي:
– "لا أريد الحرب بعد الآن. أريد وقف إطلاق النار".
ما هو طموحك للقطاع الفلسطيني الساحلي الفقير؟
– "يمكن أن نكون مثل سنغافورة أو دبي".
بعد الهجوم الطويل والعنيف الذي خططت له حماس في ٧ تشرين الأول/ أكتوبر على إسرائيل، المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تنظر إلى كلماته بشكل جديد: ان كلماته كانت جزء من مخطط لخلق وهم أن حماس التي تعتبرها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية كانت تقلل من اعتناقها للعنف للتركيز على الحكم.
الآن، تعترف السلطات الإسرائيلية بأن شعورًا بالرضا قد تسرب حول حماس. في السنوات الأخيرة، قلل الجيش من مراقبته لسياج حدود غزة، معتمدًا على أجهزة الاستشعار الإلكترونية ونقل القوات من المنطقة لحراسة المستوطنات في الضفة الغربية.
تركوا غزة وانشغلوا بإيران
كما كتب المحلل الإسرائيلي تشين آرتزي سرور أخيرا في صحيفة يديعوت أحرونوت:" كان المحللون العسكريون الطموحون يفضلون التركيز على إيران وسوريا لأن العمل على القضايا الفلسطينية لم يعتبر ذا أهمية وجودية".
كان الشعور السائد هو أن حماس قد تم ردعها، وأن التحديات الحقيقية تكمن في مكان آخر.
قال ميخائيل ميلشتاين، الرئيس السابق لأبحاث الفلسطينيين في قسم المخابرات العسكرية
– "فهم السنوار الوعي الإسرائيلي جيدًا"
– "أراد أن يجعل إسرائيل تعتقد أن حماس كانت تركز على الاستقرار في غزة، وتعزيز الشؤون المدنية. زرع هذه الفكرة الخاطئة في أذهان الإسرائيليين."
اليوم، بدأ الجيش الإسرائيلي يقلل من عمليات قصف غزة في مهمته لتدمير حماس، والتي أدت الي مقتل أكثر من ١١ الف شخص في العملية "وفقًا لوزارة الصحة التي تديرها حماس".
السنوار
يظهر السنوار كعقل مدبر للهجوم. هو الهدف الرئيسي للاغتيال، يُفترض أنه يختبئ في نفق عميق في غزة، "مثل هتلر الصغير في مخبأ"، كما قال نتنياهو مؤخرًا.
بينما تعيد هجمات ٧ تشرين الأول/أكتوبر تشكيل السياسة الإقليمية – بل والعالمية – وتثير خطر توسع الحرب، من الجدير بالذكر أن الذي أدي إلى ذلك هو قرب الأعداء من بعضهم البعض. فقد كان السنوار والإسرائيليون يراقبون بعضهم البعض ويحللون بعضهم البعض لعقود.
ولد السنوار في حي فقير في مدينة خان يونس بجنوب غزة، وعمره الآن ٦١ سنة، ساعد في تأسيس الجناح العسكري لحماس في أواخر الثمانينات بينما كانت الانتفاضة الفلسطينية الأولى جارية.
تولى لاحقًا مهمة القضاء على المتعاونين الفلسطينيين مع إسرائيل، وكان مسؤولاً عن قتل أربعة منهم. حكمت عليه السلطات العسكرية الإسرائيلية التي كانت لا تزال تعمل داخل غزة، بالسجن مدى الحياة في عام ١٩٨٩.
خلف القضبان، اكتسب السنوار دراية عميقة باللغة العبرية والمجتمع الإسرائيلي، حيث كان يقرأ بانتظام الصحف إلى جانب سير ذاتية لشخصيات إسرائيلية رئيسية.
كما أصبح الزعيم بلا منازع لأسرى حماس. وفقًا لمسؤولين إسرائيليين وناشط سابق في حماس، استمر السنوار في إصدار أوامر بقتل المتعاونين أثناء وجوده في السجن – بما في ذلك شخص قطع رأسه بنفسه.
قائد بارد الدم
يصفه المسؤولون بأنه قائد بارد الدم وجذاب؛ رجل متين وعضلي ذو شعر قصير ولحية تحولت معظمها إلى اللون الأبيض الآن.
في أوائل العقد الأول من القرن الحالي، بينما كان في السجن، بدأ السنوار يعاني من الصداع وعدم وضوح الرؤية. نُقل إلى مركز سوروكا الطبي في بئر السبع حيث أزال جراح ورمًا دماغيًا، مما أنقذ حياته.
قالت بيتي لاحات، رئيسة مخابرات نظام السجون في ذلك الوقت، في فيلم وثائقي تلفزيوني إنها حاولت استخدام هذا الحدث لتجنيده كعميل.
– "قلت له: دولة إسرائيل أنقذت حياتك"
– "اعتقدت أنه يمكنني تحويله إلى أحد أفرادنا، لكنه لم يكن مهتمًا. استمر في الحديث عن اليوم الذي سيتم فيه إطلاق سراحه. قلت له إنك لن تخرج أبدًا. قال إن هناك تاريخًا: الله يعرفه".
إطلاق سراح
كان هناك تاريخ. كان ذلك في ١٨ تشرين الأول/ أكتوبر ٢٠١١، عندما أطلقت إسرائيل سراح أكثر من الف سجين فلسطيني مقابل جندي إسرائيلي احتجزته حماس، جلعاد شاليط. كان من بين المفرج عنهم – والرجل الذي وضع القائمة – السنوار.
نظرًا لأنه قتل فلسطينيين وليس إسرائيليين، ولم يكن شابًا بعد الآن، لم يعترض بعض المسؤولين الإسرائيليين على وجوده في القائمة. بينما اعترض آخرون.
قال ميلشتاين، الضابط الاستخباراتي السابق "كان هناك حديث عن كيف أنه ليس تهديدًا"، وهو "لا يريد العودة إلى النشاط الخطير، نسي كيفية التخطيط لهجوم إرهابي. حاولت أن أخبرهم أنهم مخطئون. حماس هي مهمة حياته بأكملها. استغرق منه أسبوعًا واحدًا فقط للعودة إلى اتصالاته وأنشطته. اليوم، حماس في غزة هي السنوار".
زعيم المجموعة
عاد إلى حماس بمستوى عال وبحلول عام ٢٠١٧ تم انتخابه زعيمًا للمجموعة في كل غزة، خلفًا لإسماعيل هنية، الذي تم إرساله إلى قطر.
يقول أكرم عطا الله، الصحافي في جريدة الأيام الفلسطينية في الضفة الغربية، عبر الهاتف: "أضلت حماس والسنوار إسرائيل وجعلتها تعتقد أن الحرب لم تكن خيارًا لحماس". وتابع: "كانت حملة تضليل متطورة تخدع إسرائيل لتصدق أنهم يسعون إلى السلام والعمل والحياة الاقتصادية لسكان غزة".
بعد الهجوم في تشرين الأول/ أكتوبر، قال مسؤول كبير في حماس، علي بركة، شيئًا مشابهًا – أن المجموعة استعدت لـ ٧ أكتوبر لمدة عامين بينما كانت تخدع إسرائيل لتعتقد أنها "مشغولة بحكم غزة".
تضمن التخطيط ليس فقط الهجوم، ولكن أيضًا كيف ستحكم حماس بعد ذلك.
كان هذا موضوع مؤتمر عقد في غزة عام ٢٠٢١ بعنوان "وعد الآخرة"، حيث ألقى السنوار الخطاب الرئيسي. كشفت وثيقة ملخصة أنه تناول موضوع ما يجب فعله بالخبراء الإسرائيليين بعد هزيمة البلاد: "احتفظ بالعلماء والخبراء اليهود في مجالات الطب والهندسة والتكنولوجيا والصناعة المدنية والعسكرية لفترة ولا تدعهم يغادرون بمعرفتهم وخبراتهم".
بينما لم يتحدث المسؤولين في حماس مباشرة إلى السلطات الإسرائيلية، عمل السنوار من خلال وسطاء لإقناع إسرائيل بنوايا مجموعته الطيبة. كجزء من هذه الجهود، تعاون مع السلطة الفلسطينية للتفاوض على تصاريح عمل إسرائيلية لحوالي ١٨ الف غزاوي، مما سمح لهم بالعمل كعمال يوميين داخل إسرائيل.
كان بعض هؤلاء العمال هم من قال عنهم المسؤولين الأمن الإسرائيليون إنهم رسموا خرائط للمجتمعات وأعدوا قوائم بالعائلات المحلية لتوجيه مقاتلي حماس قبل ٧ تشرين الأول/أكتوبر.
منذ الهجمات، لم يصدر السنوار أي بيانات أو يتحدث إلى الصحافة.
في هذه الأثناء، على بُعد ٧٥ ميلاً من مكان وقوع الهجمات، يتدلى ملصق على جدار وزارة الدفاع في تل أبيب. يتضمن العديد من قادة حماس مع خطوط مرسومة على وجوه أولئك الذين تم قتلهم. الخطة هي ملء الملصق بالعلامات. والسنوار على قمة القائمة.