تدخل الحملة الانتخابية في الجزائر، يوم الثلاثاء، مرحلة الصمت والتي تستمر حتى يوم 12 يونيو، وهو موعد فتح صناديق الاقتراع أمام الناخبين.
وتبدو شوراع الجزائر العاصمة في حالة عادية، بينما كان هذا اليوم يشهد ذروة احتدام المنافسة بين المترشحين، خلال المواعيد الانتخابية السابقة.
ووضعت الحملة الانتخابية أوزارها، وسط إجماع على وصف المشهد السياسي العام بالبارد، الذي يخيم عليه عدم مبالاة المواطن بالسياسة وهمومها بشكل عام.
ويجري التعبير عن هذا التذمر بشكل صريح في شوراع الجزائر العاصمة، لا سيما في ملامح الناس، والبسطاء تحديداً، كما هو أحد عمال النظافة الذي تحدثنا إليه وسط أهم شوارع الجزائر، وهو يقوم بتنظيف الساحة التي نصبت عليها اللوحات المخصصة لصور المرشحين.
يجيبنا الرجل الخمسيني عن سؤال "هل ستنتخب؟ وما الذي تتوقعه من تغيير؟ قائلا "الانتخاب واجب وحق، لكنني لا أشعر بأن البرلمان سيغير شيء في حياتي".
لا يبدى ذلك الرجل أي اهتمام بالسياسة، وأقصى ما يتمناه هو أن تتحسن معيشته ويحصل على درجة أعلى في هذه المهنة التي تحاصرها نظرة المجتمع الحادة أحيانا"، لأن راتب عامل النظافة لا يتجاوز 100 دولار شهريا".
يأسٌ في الشارع
حال هذا الرجل هو حال المئات من الجزائريين، يحلمون بأن تنخفض أسعار المواد الغذائية، وتتوقف قوارب الموت الهجرة غير الشرعية التي تحمل كل يوم عشرات الشباب إلى المجهول.
وعند التقدم باتجاه ساحة البريد المركزي، وهي معلم مهم للحراك الشعبي الذي أطاح بنظام بوتفليقة عام 2019، يزداد معدل المارين وسط صور المترشحين المنتشرة يمينا وشاملا، ولا أحد يخصص دقائق للوقوف أمام الصور إلا قليلون.
نشعر أنه من الصعب العثور على جزائري يبدي تفاؤله إزاء الانتخابات، رغم وجود نوع من الإجماع على ضرورة الذهاب إلى الصندوق لقطع الطريق أمام من تصفهم السلطة بالمتربصين بأمن واستقرار البلاد.
في غضون ذلك، يستوقفنا مشهد لعدد من الشباب، ملامحهم توحي بأنهم في العشرين من العمر، ربما يخوضون تجربة التصويت لأول مرة في حياتهم، هكذا نسألهم السؤال البديهي "ماذا تلاحظون اليوم، ولماذا توقفتم أمام صور المترشحين!".
يبادر أحدهم بالإجابة، نحن طلبة جامعيون، خرجنا للتو من امتحانات الفصل الثاني، وهذه صور لمترشحين لا نعرف عنهم شيئا ولم نسمع منهم شيء.
هموم الشباب
يقول أحد الشباب وهو طالب سنة أولى حقوق بجامعة الجزائر "لم انتخب في حياتي، وللأمانة أرغب فعلا في ممارسة هذا الحق".
وأضاف "أشعر أنني أصبحت رجلا ومسؤولا عن بلادي، لم أتمكن من الانتخاب في رئاسيات 2019، ولا في دستور نوفمبر 2020، ولن أضيع هذه الفرصة".
يدخل شاب آخر على الخط قائلا "ستنتخب من، نحن الشباب لا أحد سيهتم بنا في نهاية المطاف، هؤلاء "يقصد المترشحين" كل واحد منهم يفكر في مصلحته فقط".
وعند الاتجاه إلى الأحياء العريقة في الجزائر، حيدرة وشارع سيدي يحي تحديداً، تتبقى مسافة قصيرة من مقرات العديد من الأحزاب السياسية البارزة، كحزب جبهة التحرير الوطني، وحركة مجتمع السلم وغيرهما من الأحزاب.
تختلف ملامح الحياة، وتبدو أكثر صخبا وحيوية، ولكنها تحمل الإحساس ذاته في علاقتها بالسياسية، ينشغل الناس هناك بأمور عدة، وكرة القدم أولها.
بالأمس، نصبت الشاشات لعرض آخر مباريات كرة القدم التي جمعت الفريق الوطني بالفريق المالي، وهي المباراة التي قفز فيها أشبال جمال بلماضي إلى رقم قياسي جديد ب26 مباراة من دون هزيمة.
تبلغ مساحة الجزائر أكثر من 2 مليون كيلومتر مربع، وهي أكبر بلد إفريقي من حيث المساحة، ويبلغ عدد سكانها اليوم حوالي 45 مليون نسمة، 80 في المئة منهم شباب.
وفيما تظل جولة واحدة في الشارع الجزائري غير قادرة على تلخيص مجمل مواقف الجزائريين حيال الانتخابات، لكن ثمة مطالب تبرز بإلحاح، وعلى رأسها التشغيل، لا سيما أن معدل البطالة في البلاد يناهز 18 في المئة.
سكاي نيوز