استعرضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني، مخاطر الحرب في غزة على الاقتصاد العراقي، حيث أبقت على تصنيف العراق عند CAA1، مع نظرة مستقبلية مستقرة.
وقالت الوكالة في بيان لها، إن التصنيف يعكس اعتماد العراق المالي والخارجي على الهيدروكربونات، ما قد يؤدي إلى تأثره بتقلبات أسعار النفط ومخاطر التحول عن الكربون.
وقالت وكالة موديز إن "الصراع الدائر بين إسرائيل وحماس" لا يزال يتركز في المقام الأول في غزة. إن تصعيد الصراع إقليمياً بمشاركة إيران والولايات المتحدة، وهو السيناريو الذي تعتبره وكالة موديز احتمالية ضعيفة في هذه المرحلة، ستكون له انعكاسات مادية على العراق، من خلال عدد من القنوات.
والأهم من ذلك أن أي تصعيد للتوترات في الخليج من شأنه أن يهدد بتعطيل طرق النقل البحري عبر مضيق هرمز، الذي يعتمد عليه العراق في معظم صادراته النفطية.
وقالت إن هيمنة النفط على الإيرادات الحكومية والصادرات ستعني ضمناً ضغوطاً فورية وكبيرة على المالية العامة والسيولة، مع اعتماد التأثير الإجمالي على المدة التي سيستمر فيها هذا الاضطراب. ومع ذلك، فإن اعتماد العراق المنخفض على التمويل الخارجي والاحتياطي الذي يوفره انتعاش احتياطيات النقد الأجنبي يؤكدان مجموعة من عوامل التخفيف حتى في هذا السيناريو.
وفي التفاصيل، أكدت وكالة موديز أن التصنيف يعكس اعتماد العراق الاقتصادي والمالي والخارجي على قطاع النفط والغاز، ما يؤدي إلى تعرض كبير لتقلبات أسعار النفط ومخاطر التحول الكربوني. فالمؤسسات والحوكمة الضعيفة للغاية تعمل على تقييد فعالية السياسات، وقدرة الحكومة على الاستجابة للصدمات المحلية والخارجية، والقدرة التنافسية للاقتصاد.
ولفت تقرير الوكالة على موقعها الإلكتروني إلى أن الانقسام السياسي العميق وقابلية العراق للتأثر بالتوترات الجيوسياسية والضغوط الاجتماعية المتزايدة الناجمة عن ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب وعدم كفاية فرص الحصول على الخدمات الأساسية، كلها عوامل تعرض العراق لمخاطر الأحداث السياسية.
وأدى ارتفاع أسعار النفط العالمية إلى حدوث تحول كبير في الحسابات المالية والخارجية للعراق، ما دعم تخفيض الدين العام وانتعاش ملحوظ في وضع احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي العراقي إلى مستويات قياسية. ومع ذلك، فإن الميزانية التوسعية التي تمتد لثلاث سنوات والإصلاح المحدود سوف يدعمان التدهور المطرد والمتجدد في المقاييس المالية، ويزيدان من ترسيخ نقاط الضعف الهيكلية في العراق.
تبقى الحدود القصوى للعملة المحلية والعملة الأجنبية في العراق من دون تغيير، وسط اعتماد الاقتصاد الكبير على مصدر واحد للإيرادات، ومخاطر سياسية عالية جدًا ومؤسسات لا يمكن التنبؤ بها إلى حد كبير.
وقال التقرير إن حصة العراق المرتفعة بشكل استثنائي من عائدات النفط في إجمالي الإيرادات الحكومية (حوالي 90%) تدعم الحساسية العالية للحسابات المالية للحكومة لتطورات أسعار النفط العالمية وإنتاج النفط. وفي غياب أي عوامل استقرار، يتقلب الوضع المالي والسيولة جنباً إلى جنب مع أسعار النفط.
وبحسب موديز، لا يزال العراق أحد منتجي النفط والغاز الأكثر تعرضًا لمخاطر التحول الكربوني نظرًا لهيمنة النفط على الإيرادات الحكومية والصادرات، بالإضافة إلى القدرة المحدودة على التكيف، ونتيجة للعقبات المؤسسية والاجتماعية والسياسية التي تعترض الإصلاح.
ولا يزال العراق أيضًا من بين الدول ذات الدرجات الأدنى في مؤشرات الفساد، حيث احتل المرتبة 157 من بين 180 دولة شملها الاستطلاع في مؤشر مدركات الفساد لعام 2022 الصادر عن منظمة الشفافية الدولية. ويعني ضعف الإدارة المالية العامة أن الحكومة معرضة لضغوط مالية، لا سيما في أوقات صدمات أسعار النفط (مثل تلك التي شهدناها في 2015-2016 و2020)، عندما تضعف الإيرادات الحكومية ويقيد الوصول إلى التمويل الخارجي.
وتؤثر التوترات السياسية والاجتماعية المحلية على فعالية السياسات ونتائج المالية العامة، ومن المرجح أن يظل التقدم محدودا في الجهود المبذولة لتنويع الاقتصاد، وتعزيز تحصيل الإيرادات غير النفطية، ومعالجة أوجه القصور في إدارة المالية العامة.
وتركز أجندة الحكومة الجديدة على الحد من الفساد وتعزيز الفرص الاقتصادية وتحسين الخدمات العامة. وعلى الرغم من أن مجالات السياسة هذه تعتبر أساسية للنتائج الاجتماعية والاقتصادية في العراق، إلا أن، وفق "موديز"، قدرة الحكومة على تمرير الإصلاحات الهيكلية من خلال ائتلاف برلماني كبير، ولكن غير عملي، غير مؤكدة إلى حد كبير.