دولي

"جنودنا في فخ".. تقرير يدعو لسحب القوات الأميركية

في ظل احتمالات التصعيد الاقليمي الذي سيعرض ارواحهم لخطر أكبر، دعت صحيفة "ذا هيل" الاميركية الى سحب القوات الاميركية الصغيرة المتمركزة بشكل مكشوف في كل من العراق وسوريا، والاقتداء بما فعله الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان، عندما سحب القوات الاميركية من بيروت بعد مقتل المئات منهم بتفجير مقرهم العسكري، ونقلهم من البر إلى السفن في عرض البحر.

واعتبر التقرير ان المصالح الامنية الأميركية تتحقق بأفضل وجه عندما يتمكن الجيش الأميركي من تطبيق القوة الحاسمة من خلال بدء العمليات في الوقت والمكان الذي يختاره، مشيرا الى ان الجنود المنتشرين في العراق وسوريا، لا يمكنهم خوض "معركة عادلة"، داعيا الى تطبيق "المنطق السليم" بدلا من تعريض الأعداد الصغيرة من الجنود المتمركزين في قواعد نائية ومكشوفة لإطلاق نار من الفصائل المدعومة من إيران.

وبعدما ذكر التقرير بوقوع أكثر من 73 هجوما على القوات الاميركية في العراق وسوريا خلال الأسابيع الماضية، واصابة أكثر من 60 منهم، ونجاتهم من اصطدام طائرة مسيرة مفخخة بمبنى لهم في احدى القواعد في العراق لكنها لم تنفجر، قال التقرير إن الهدف من هذا الهجوم لم يكن تهديد او ازعاج أفراد الخدمة العسكرية الاميركية، وإنما قتلهم.

وفيما لفت التقرير إلى الغارات الجوية الانتقامية التي نفذتها الولايات المتحدة ضد الفصائل ردا على تلك الهجمات، اكد على انه يجب على الولايات المتحدة ان تحتفظ بحق الرد وبقوة عندما تكون القوات الاميركية معرضة للخطر، لكنه حذر من أن مثل هذه العمليات لن تمنع وقوع المزيد من الهجمات على المواقع الاميركية الهشة، بل على العكس من ذلك، فإن هذه الهجمات قد تتزايد في حجمها ووتيرتها.

ورأى التقرير ان "العديد من الاميركيين سوف يشعرون بالحيرة عندما يدركون أن نحو 2500 جندي اميركي ما زالوا في العراق وان 900 آخرين ما زالوا متمركزين في سوريا"، مضيفا أن انتشارهم هذا هو في إطار بقايا لمهمة مكافحة تنظيم داعش التي انتهت تقنيا بالقضاء إقليميا على ما يسمى بـ"الخلافة" في العراق في العام 2017 وفي سوريا في العام 2019.

وتابع قائلا ان القوات الاميركية حاليا منتشرة في أنحاء العراق كافة، وتتمركز في قاعدة التنف في سوريا، وذلك في سياق مهمة محددة ظاهريا من أجل تقديم المشورة والمساعدة للقوات المحلية التي تعمل على ضمان "الهزيمة الدائمة" للتنظيم الإرهابي.

لكن التقرير اعتبر أن قوة الجيش الاميركي تنجح عندما تصبح مهمته واضحة، وعندما يتم نشر موارده بشكل مدروس، مع ضمان الالتزام القوي بتحقيق النصر من خلال المشاركة المدنية القوية وانخراط الكونغرس، مضيفا أنه عندما يجري إهمال القوات المسلحة ولا يكون هناك التزام قوي وغير واضح لتحقيق النصر، فان الجنود الاميركيين، وحلفاءهم، يكونون عرضة للخطر.

وفي الذكرى السنوية الـ40 التي مرت مؤخرا لتفجير مقرات قوات المارينز الاميركية في بيروت عندما فجر انتحاري شاحنة مفخخة مما أسفر عن مقتل 241 من الجنود الأميركيين، أشار التقرير الاميركي إلى ان مهمة القوات الاميركية لم تكن محددة بوضوح وقتها، وكانت ملزمة بقواعد الاشتباك في وقت السلم بالحفاظ على "وضع المحايد"، لكنها كانت تتعرض لنيران القناصة وقذائف الهاون منذ اللحظة التي جرى إنزالها فيها من البحر على البر.

وأشاد التقرير بموقف الرئيس ريغان وقتها عندما أعاد تمركز قوات المارينز على السفن البحرية، وسحب الجنود بهدوء من حرب اهلية دموية ومتعددة الاطراف، اذ انه بذلك صحح المسار وأنقذ المزيد من ارواح الأميركيين ومواردهم، واصفا ما قام به ريغان بأنه طبق الوعي الاستراتيجي والثبات السياسي في قراره بانتشال الجنود الاميركيين من خطر لا ضرورة له.

ولهذا، قال التقرير "دعونا نتعلم من هذا الدرس. لقد حان الوقت الآن لاستعادة زمام المبادرة وحرمان خصومنا من الهدف من خلال سحب قواتنا من العراق وسوريا"، مضيفا أنه "أيا كانت الأوامر التي يفترض أنها تبرر مهامهم، فلابد من مقارنتها بحقيقة أنه في حالة وقوع ضرر جسيم لهم، فقد لا يكون هناك مفر من اندلاع حرب إقليمية أوسع نطاقا"، محذرا من أن "مثل هذا الصراع لن يخدم المصالح الاميركية والإسرائيلية".

وتابع قائلا ان نشر الولايات المتحدة لمجموعتي "ايزنهاور" و"فورد كارير سترايك"، وهي غواصة نووية من طراز "اوهايو" المسلحة بـ 154 صاروخ كروز "توماهوك"، الى جانب السفن الحربية الاخرى في المنطقة، تشكل دليلا لا لبس فيه على القدرة الاميركية على اظهار القوة الساحقة والدفاع عن مصالح واشنطن ومساعدة الحلفاء.

وختم التقرير بالتذكير بأن الجنود الاميركيين موجودون في قواعد هشة ومعزولة في العراق وسوريا، ويتعرضون لإطلاق النار، وهم هناك منذ ما قبل الازمة الحالية، ولا يزال انتشارهم غير محدد الأهداف الفورية، وهو وضع يقيد حريتهم في العمل، في حين ان الجيش الاميركي يجب ان يتم نشره من اجل القتال وتحقيق النصر، وليس وضعه "كطعم في فخ من صنعنا". ولهذا، دعا التقرير صناع السياسة في واشنطن الى "التحلي بالشجاعة اللازمة لتطوير طريقة تفكيرهم، والاستفادة من نقاط القوة وتجنب الكوارث غير الضرورية".

يقرأون الآن