ثلاثة ملفات كانت ولا تزال وستبقى في صدارة الاهتمامات الداخلية إلى حين توافر الحلول والتسويات اللازمة لها: الاول الوضع على الجهة الجنوبية المشتغلة منذ عملية "طوفان الأقصى" وما يرافقه من توقعات باحتمال تحول المواجهات الجارية بين "حزب الله" وقوات الاحتلال الإسرائيلي الى حرب مفتوحة، والثاني الاستحقاق الرئاسي الذي لم ترس الخيارات المطروحة والمتنازع عليها على بَر بعد، والثالث الاستحقاق العسكري الذي يضغط لإنجازه لتلافي الفراغ في قيادة الجيش قبل انتهاء ولاية قائد الجيش العماد جوزف عون في العاشر من كانون الثاني المقبل. والملاحظ ان النزاع السياسي الداخلي المحتدم حول هذه الملفات الثلاثة لم تنفع التدخلات الخارجية في وضع حدّ له بما يضع البلاد على سكة التعافي المرجو.
وهذه الملفات الثلاثة حملها نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والداخلية السابق الياس المر الى لقائه في عين التينة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس الاول في حضور النائب ميشال المر، وتخلل اللقاء عرض لتطورات الاوضاع وآخر المستجدات السياسية والميدانية في ضوء مواصلة اسرائيل عدوانها على قطاع غزة ولبنان وفق ما جاء في "الجمهورية".
وبعد اللقاء، قال الرئيس المر: "ثلاثة ملفات بحثتُ فيها مع دولة الرئيس بري، الملف الاول هو موضوع الجنوب والانتهاكات الاسرائيلية التي تمارس على الاراضي اللبنانية، وموضوع قواعد الاشتباك التي نتمنى ان تبقى ولا تتمدد اكثر لأن الوضع لا يتحمّل ولا البلد يتحمل ولا الوضع الاقتصادي والاجتماعي يتحمل، لكننا لسوء الحظ نحن في حرب. والملف الثاني هو موضوع الفراغ في قيادة الجيش اللبناني وكما تعرفون انّي تولّيتُ وزارة الدفاع 9 سنوات وأعرف خطورة الفراغ خصوصا اذا حصل فراغ أثناء السلم فكيف اذا كنّا في حالة حرب؟ لهذا السبب أكد الرئيس بري انه سيقوم بما يلزم حتى لا يقع الفراغ في قيادة الجيش. اما العنوان الثالث فهو الفراغ في رئاسة الجمهورية، ومشكلته الكبيرة هي النزاع الداخلي وتحديداً النزاع المسيحي ـ المسيحي الذي نتألم منه جميعاً، والرئيس بري يتألم منه ايضاً. كان من المفروض في هذا الوضع ان نكون محصّنين، وأن يكون هناك رئيس وحكومة وأجهزة امنية وجيش، نحن اليوم بلد من دون رأس".
وأضاف المر: "التمثيل المسيحي اصبح "شحادة". نحن نشحد التمديد لقائد الجيش لبضعة اشهر لانّ هناك حرباً ونريد تقطيع المرحلة، وهذا الشيء مؤسف ومؤلم. ووصلنا الى هنا نحن كمسيحيين تحديداً بسبب مواقفنا ونزاعاتنا الداخلية، وإن كنّا نريد وضعها في الاولويات لأنّ هناك حرباً، يجب ان يكون هناك إنتخابات رئاسية اليوم قبل الغد وهذا الشيء ليس مؤمناً وليس هناك من فريق مسيحي متفق مع الاخر على شخص لسوء الحظ. متفقون ضد شخص لكنهم ليسوا متفقين على شخص".
وأكد المر حسب "الجمهورية" انه "في موضوع قيادة الجيش، لا يعتبر احد ان هناك اتفاقاً مسيحياً على التمديد لقائد الجيش، لكن هناك خوف من الشعبوية التي يمكن ان تضربهم اذا لم يمشوا بالتمديد وإلا كنّا اختلفنا على اسم قائد الجيش ومن قائد الجيش واذا كنّا نمدّد او لا. اما في موضوع الجنوب، فرأيي الشخصي هو انّ العدو الاسرائيلي اذا سمحت له الظروف بتوسيع نطاق الحرب الى لبنان لن يقصّر لأنّ حكومة نتنياهو في مأزق كبير وهو شخصياً في مأزق اكبر، هذه قراءاتهم (الاسرائيليون) نسمعها في اعلامهم، هو يعتبر ان تكبير مساحة المعركة يجرّ من ورائها اميركا وبعض الدول التي يمكن ان يجرّها الى هذا النزاع، ويَحدثُ نزاع إقليمي في المنطقة حتى ينجو برأسه وحكومته في هذه المرحلة، ولهذا السبب يجب ان نكون دقيقين كثيرا في هذا الموضوع".
وعن موقفه من التمديد لقائد الجيش وهل انّ نجله النائب ميشال المر سيصوّت مؤيداً هذا التمديد؟ أجاب: "هو هنا يمكنك ان تسأليه، لكن مثلما قال لي هو سيصوّت مع التمديد".
وردا على سؤال حول القرار 1701 ونشر الجيش على الحدود؟ اجاب الرئيس المر: "انا احد الذين نصّوا اتفاق 1701 عندما ذهبنا الى روما وعملنا عليه، وأنا اعتبر حتى اليوم انه خلق اهتماما بلبنان لأنّ هناك اكثر من 30 دولة من ضمن قوة "اليونيفيل" العاملة في الجنوب. يومها لامَنا البعض وقال: لماذا قمتم بهذا الاتفاق؟ يوجد فيه ثغرات. لكنّ 1701 أمّن الحماية للبلد، وتعديله يعني نسفه وهذا شيء خطير جدا ولا يجب ان نفكر فيه. إنّ تطبيق القرار 1701 شيء آخر نحن ملتزمون به كلبنانيين والأكيد انّ الحكومة كما نرى ونسمع وكذلك المجلس النيابي ملتزمان بالقرار 1701، اما تعديله فهو خدمة لإسرائيل".
وردا على سؤال حول موقف الرئيس بري من هذا الموضوع ؟ اجاب المر: "الرئيس بري ملتزم بالقرار 1701 كاملاً ولم يدخل في التفاصيل اكثر، وانا اقول فلننفّذ القرار 1701 وهذا يكفي".
وعندما سئل المر ايضاً: هل هناك رسالة دولية من نتنياهو حول سحب "حزب الله" من الشريط الحدودي؟ أجاب: "ليس هناك من رسائل دولية تنقل عن لسان نتنياهو. هو لا يملك القدرة على التكلم بلسان نصف حكومته، جاء الاميركيون والفرنسيون وموفدون أيضاً أتوا وطرحوا موضوع التهديدات على لبنان، ورأيي الشخصي هو انّ الوضع السياسي لنتنياهو ووضعه بعد الحرب لن يكون وضعاً سياسياً مريحاً وحتى لا اقول أكثر من ذلك، لهذا السبب هو يستطيع ان يقلب الطاولة ويجر الدول المتعاطفة معه، لذلك يجب ان نكون مُنتبهين كثيراً".
ولدى سؤاله هل هناك خطر حقيقي لتمدّد الحرب؟ أجاب الرئيس المر: "لديّ ثقة في أنّ الذين يتعاطون بملف الجنوب، أي الجيش اللبناني والحكومة والرئيس بري والمقاومة على الارض، لديهم الوعي الكافي حتى لا نصل الى هنا".