ودعت الكويت اليوم الأحد أميرها الراحل الشيخ نواف الأحمد الصباح، الذي وافته المنية أمس، ووري جثمانه الثرى بعد مسيرة استمرت ستة عقود في العمل العام، انصب تركيزه فيها على القضايا الداخلية بشكل أساسي.
وأدى أمير الكويت الجديد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح (83 عاما) صلاة الجنازة، على الفقيد في مسجد بلال بن رباح بمنطقة الصِدّيق، بحضور الشيخ أحمد نواف الصباح رئيس الوزراء ونجل الأمير الراحل، ورئيس مجلس الأمة أحمد السعدون ورئيس الوزراء الأسبق الشيخ ناصر المحمد الصباح، وجمع من المواطنين وأبناء الاسرة الحاكمة، وشوهد حاكم الكويت الجديد وهو يذرف الدموع أثناء الصلاة.
وكان الأمير قد أدخل المستشفى في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر بسبب ما وصفتها وكالة الأنباء الرسمية وقتئذ بأنها وعكة صحية طارئة.
وتم إعلان خلافة ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الصباح (83 عاما) له، وهو الحاكم الفعلي للكويت منذ 2021 عندما فوضه الأمير بممارسة معظم مهامه.
وبموجب الدستور الكويتي يصبح ولي العهد أميرا بصورة تلقائية، لكنه لا يتولى السلطة إلا بعد أداء اليمين في البرلمان.
وبموجب الدستور، فإن الأمير أمامه عام لاختيار ولي العهد الجديد، لكن عادة تلعب الأسرة الحاكمة دورا في الاختيار الذي يتم بالتوافق، ولا بد أن يحظى بموافقة مجلس الأمة (البرلمان).
بث مباشر | تغطية خاصة من #الإخبارية لمراسم تشييع أمير #الكويت الراحل #الشيخ_نواف_الأحمد_الصباح #برنامج_اليوم https://t.co/15O5WNYD5l
— قناة الإخبارية (@alekhbariyatv) December 17, 2023
"أمير التواضع"
وصف دكتور عبدالله الملا، وهو أستاذ جامعي (56 عاما) الشيخ نواف الأحمد بأنه "والدنا الكبير" قائلا إنه كان "أمير العفو والرحمة والمساواة. الشعب الكويتي سيتذكر الشيخ (نواف) بتواضعه ورحمته وقربه من الناس. لم يكن يجعل بينه وبين أحد أي حاجز . الشعب كله عنده سواسية".
وتولى الشيخ نواف الأحمد الحكم فترة زادت قليلا عن ثلاث سنوات،عانى فيها من متاعب صحية جمة، وهي بكل حال مدة قصيرة نسبيا إذ استمر سلفه الشيخ صباح الأحمد الصباح في الحكم نحو 14 عاما.
وفي أواخر عام 2021 فوض الشيخ نواف الأحمد معظم صلاحياته لخليفته الشيخ مشعل الأحمد الصباح، الذي أصبح حاكما فعليا للبلاد منذ ذلك الحين.
وحافظت الكويت، التي تمتلك سابع أكبر احتياطي نفطي في العالم، طوال عهد الأمير الراحل على علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة الأمريكية حليفتها الرئيسية كما حافظت أيضا على التوازن في علاقاتها مع جيرانها، السعودية والعراق وإيران.
ومن المتوقع أن يواصل الأمير الجديد نفس النهج في السياسة الخارجية بما في ذلك تعزيز الوحدة الخليجية، والتحالفات الغربية، والعلاقات الجيدة مع الرياض، التي يتوقع أن تكون لها الأولوية.
مراسم الجنازة
نقل جثمان الفقيد ملفوفا بعلم الكويت في مراسم خاصة نقلها تلفزيون الكويت على الهواء مباشرة، إلى مقبرة الصليبخات، حيث ووري الثرى.
وعلى طريق الدائري الخامس، وبجوار قصر بيان، وهو أحد قصور الحكم بالكويت، ارتفعت لافتة كبيرة كتب عليها "عظم الله أجركم يا أهل الكويت" مع صورة كبيرة للأمير الراحل.
وأغلقت وزارة الداخلية الطريق الذي سلكته الجنازة، في الاتجاهين، مع وجود أمني أكثر من المعتاد على طريق الدائري الخامس، وفي منطقة الصديق بجوار قصر اليمامة، منزل الشيخ نواف، ومسجد بلال بن رباح.
وأعلن مجلس الوزراء أمس الحداد الرسمي لمدة 40 يوما وإغلاق الدوائر الرسمية لمدة ثلاثة أيام تنتهي مساء يوم الثلاثاء.
تولى الشيخ نواف الأحمد الحكم في 2020 وكان حينها يبلغ 83 عاما، وهو أكبر أمير يتولى حكم البلاد، وتوفي عن عمر ناهز 86 عاما، وتولى خلال حياته مناصب عدة في فترات زمنية مختلفة، منها وزارات الداخلية والدفاع والشؤون الاجتماعية.
كان يُنظر للأمير الراحل باعتباره صانعا للتوافق، بين الحكومة والبرلمان، اللذين قلما يتفقا في دولة تهيمن الصراعات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية على المشهد السياسي فيها.
كما أصدر عفوا عن العديد من المواطنين والمعارضين المتهمين في قضايا ذات طابع سياسي أو أولئك الذي أدينوا في جرائم تتعلق بتوجيه انتقادات علنية لكبار المسؤولين أو بعض الدول.
وبموجب الدستور فإن الأمير أمامه عام لاختيار ولي العهد الجديد، لكن عادة تلعب الأسرة الحاكمة دورا في الاختيار الذي يتم بالتوافق، ولا بد أن يحظى بموافقة مجلس الأمة (البرلمان).
وقدمت كل من السعودية ومصر والإمارات وقطر والبحرين وعمان ولبنان والأردن والعراق وإيران وروسيا التعازي في الأمير الراحل. وقالت السفارة الأمريكية في الكويت على موقع إكس اليوم إن الرئيس جو بايدن سيرسل وزير الدفاع لويد أوستن لتقديم العزاء للكويت.
وقال النائب فلاح الهاجري في فيديو بثه على حسابه على موقع إكس "اليوم الحزن يغيم على سماء الكويت. عزاؤنا أن بداية الحكم عفو ونهايته عفو. فمن عفا وأصلح فأجره على الله".
وقال الدكتور بدر الملا وزير النفط الأسبق والنائب الحالي في البرلمان "رحم الله من أحب الجميع بلا استثناء وأحبه الجميع بلا استثناء. رحم الله من عفا عند المقدرة وجمع الشتات وجمع الأقارب. وعزاؤنا لعضيده ومن صان عهده الشيخ مشعل الأحمد الصباح ولآل الصباح الكرام".
ومن المقرر أن يصل قادة ومسؤولون كبار من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك العاهل الأردني الملك عبد الله ووزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، إلى الكويت لتقديم التعازي. ووصل أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى الكويت بعد الظهيرة.
ومن المقرر أن يحضر وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان لتقديم التعازي نيابة عن رئيس بلاده إبراهيم رئيسي.
وقالت وزارة الخارجية الإيرانية إنه سيشدد على أهمية تطوير العلاقات الثنائية في اجتماعات مع كبار المسؤولين الكويتيين.
وتمنى رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في منشور على إكس لحاكم الكويت الجديد النجاح قائلا "أتمنى لأخي الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح التوفيق والسداد في قيادة دولة الكويت الشقيقة نحو المزيد من الإنجازات في مختلف المجالات. سنواصل العمل معا من أجل تعزيز علاقاتنا الأخوية لمصلحة شعبينا ودفع مسيرة العمل الخليجي المشترك إلى الأمام لما فيه الخير لشعوب المنطقة".