بعد انتهاء ملف التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون وتسجيل مشهد التفاهم الجزئي في مجلس النواب من خلال تأمين نصاب الجلسة التشريعية، تعول القوى السياسية على أن تنسحب اجواء هذه الجلسة على عملية الاستحقاق الرئاسي حتى وإن كان سيناريو تأجيل التسريح مغايرا لأي سيناريو آخر. حتى الآن تغيب المؤشرات الحقيقية لملف الانتخابات الرئاسية وأي حركة جديدة فيه لن تحصل في الوقت القريب، فالمرحلة الراهنة هي مرحلة ترقب حتى وإن دخلت البلاد في فلك الأعياد.
تبقى تطورات الجنوب في أولوية المتابعة، وما هو منتظر في العام الجديد لا يدركه أحد لاسيما أن قنوات اتصال فتحت وهناك جهد فرنسي في الرئاسة وملف الجنوب ليس معلوما ما إذا كان يتكلل بالنجاح ام لا.وفي الفترة الماضية تراجع الاستحقاق الرئاسي نقاشا وتفصيلا واليوم عاد البعض للمطالبة بإدراجه بندا أساسيا للبحث في الأيام المقبلة.
لم يضع الأفرقاء خططا بعد لأن الوقائع لا تزال على حالها في ما خص توازنات القوى ، وما ظهر في موضوع التمديد ليس بالضرورة أن يشكل عاملا يمكن البناء عليه في الرئاسة إلا إذا قرر أحد الأفرقاء لعب دور بيضة القبان والاستدارة، وهذا أمر قيد تبدل معطيات محددة. فهل وضع موعد لتحريك الملف الرئاسي؟ وهل ينوي التيار الوطني الحر رد الصاع لفريق المعارضة الذي دعم موقفه رئيس مجلس النواب نبيه بري في التمديد لقائد الجيش؟.
ما يدور في الأروقة الخارجية حاليا من مباحثات يتركز على وضع غزة وانعكاساته وما قد يستجد على جبهة الجنوب خصوصا إذا اتخذ أي قرار بالتصعيد، ووفق المعلومات فإن اللجنة الخماسية لا تزال توكل مهمة التنسيق في الملف الرئاسي للجهود القطرية معطوفة على مساع فرنسية.
وفي هذا الإطار، قالت أوساط سياسية مطلعة لـ"اللواء" أن إعادة تزكية الخيار الرئاسي الثالث هي محور اتصالات تأخذ مداها في العام الجديد بعد بلورة الصورة على صعيد الوضع على الحدود، وهذا يعني أن هناك فترة قد تمر قبل الخوض في مشاورات موسعة بشأن المرشحين الجدد وكيفية مراجعة القوى السياسية في لبنان لخياراتها الرئاسية ومدى الاستعداد للمباشرة جدياً يتبدل توجهاتها أو الانتقال إلى مرحلة الحسم، وتشير إلى أنه حتى الآن لا يزال اسم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية خيارا أساسيا لقوى الممانعة،أما إذا كان التيار الوطني الحر بات قاب قوسين أو أدنى من تبنِّي فرنجية بعدما شعر انه محاصر من قبل القوى الأخرى،فإن هذه المسألة غير مبتوت بها بعد ولم تخرج اجواء من التيار البرتقالي تفيد انه مقبل على قرار كهذا قريبا،مع العلم أن التواصل بين رئيس التيار النائب جبران باسيل والنائب السابق فرنجية قد يستأنف في أي لحظة بعد لقائهما الأخير،مع العلم أن لقاءات بين الفريقين تتم وما من موانع في هذا السياق إلا إذا كان تأييد تيار المردة لقائد الجيش قد ساهم في فرملة أي فكرة للتيار في دعم فرنجية، معلنة في الوقت نفسه أنه أي التيار ينسق قراره مع الحزب.
وماذا عن تحريك الملف، وهل يكون ذلك بعد عطلة الأعياد مباشرة ؟ هنا تعرب الأوساط نفسها عن اعتقادها أن المسألة مرهونة بالحراك المحلي والخارجي، وفي الشق الداخلي ليس هناك من تحضير لأية مبادرات سوى المطالبة بعقد جلسة انتخاب الرئيس وهي مناطة برئيس المجلس الذي أكد أن انتخاب الرئيس هو شغله الشاغل، وقد تكون هناك جلسة في العام الجديد لكن لا موعد مجددا لذلك، فالرئيس بري يدرك جيدا متى يحين ذلك وكما فعل في ملف التمديد فإن أرنبه الرئاسي سهل أن يحضر،معلنة أن موضوع الحوار بشأن الرئاسة لم يتأكد ما إذا كان يصار إلى تفعيله على قاعدة انه المدخل، ولكن قد يستنبط مقترحات جديدة ويخرج من جعبته افكارا جديدة، ويتشارك فيها مع النائب السابق وليد جنبلاط.اما اسم المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري والذي تردد أنه مرشح قطر فان المعطيات تتحدث عن طرح اسمه للنقاش الفعلي وسط غياب أي فيتو عليه من عدد من القوى،انما لا بد من انتظار إشارة لهذه الغاية تحت قاعدة الحؤول دون حرقه، في حين أن اسم قائد الجيش هو اسم مطروح بشكل دائم.
وعما إذا كانت زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان إلى بيروت في العام الجديد تحمل معطيات جديدة، فإن المصادر تستبعد ذلك طالما أن الأولوية لما يجري في غزة كما لتطبيق القرار ١٧٠١وقد لا يحمل معه أي طرح جديد وإن جولاته المتكررة إلى لبنان تهدف إلى إمكانية خلق أرضية لمناقشة ملف الرئاسة وحض الفرقاء على تحمل المسؤولية في هذا المجال والإسراع في انتخاب رئيس الجمهورية.
يطوي العام الراهن في لبنان صفحاته الأخيرة من دون أية إنجازات تذكر لا سيما في موضوع الرئاسة، فهل يقدر للعام الجديد أن يصادفه المصير نفسه ام ان الانقسامات السياسية ستتراجع ويحصل توحد في هذا الملف ؟ أنه سؤال يصعب إيجاد الإجابة عنه في المدى المنظور.