دولي

اغتيال العاروري.. إنذار لزعماء حماس وتهديد لجهود التهدئة

اغتيال العاروري.. إنذار لزعماء حماس وتهديد لجهود التهدئة

خرج اسم كبير من قائمة المطلوبين لدي إسرائيل بعد اغتيال صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في لبنان لكن هذا قد يدفع زعماء الحركة الفلسطينية في المنفى إلى الإمعان في التخفي وتوخي الحذر وقد يعرقل جهود التفاوض على اتفاقات أخرى لوقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن.

قُتل العاروري في هجوم بطائرة مسيرة في الضواحي الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله اللبناني، حليف حماس المدعوم من إيران، في هجوم نسب على نطاق واسع إلى إسرائيل عدو حماس اللدود.

ولم تؤكد إسرائيل أو تنف أي ضلوع في الاغتيال، لكن الهجوم جاء بعد شهر من بث هيئة البث العامة الإسرائيلية (راديو كان) تسجيلا لرئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) يتعهد فيه بمطاردة حماس في لبنان وتركيا وقطر حتى لو استغرق ذلك سنوات.

وقال رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية (الموساد) ديفيد بارنيا، اليوم الأربعاء، إنه ملتزم بتصفية الحسابات مع حماس. وأضاف "لتعلم كل أم عربية أنه إذا كان ابنها شارك، بشكل مباشر أو غير مباشر، في مذبحة تشرين الأول/ أكتوبر ، دمه مباح".

وقال أشرف أبو الهول، مدير تحرير صحيفة الأهرام المصرية والخبير في الشؤون الفلسطينية، إن مقتل العاروري "قد يدفع حماس إلى التشدد في موقفها حتى لا تظهر وكانها ستتنازل تحت الضغوط أو التهديدات بمزيد من الاغتيالات".

الاغتيال قد يعرقل محادثات الإفراج عن الرهائن ووقف إطلاق النار

والمخاطر كبيرة سواء لنحو مليوني فلسطيني يحاولون النجاة من القصف الإسرائيلي في غزة أو بالنسبة للرهائن الإسرائيليين الذين تحتجزهم حماس التي تسيطر على القطاع الساحلي والحليفة لإيران مثلها مثل حزب الله.

وشارك مفاوضو حماس، وكان من بينهم العاروري، في محادثات مع إسرائيل بوساطة قطرية للتوصل إلى وقف محتمل لإطلاق النار في الحرب مع احتمال إطلاق سراح مزيد من الرهائن الإسرائيليين.

وقال مصدر مطلع على المحادثات إن الجانبين أجريا في الأسبوع الماضي مناقشات مع وسطاء قطريين بشأن الهدنة والرهائن، مما يشير إلى الفترة التي ربما كانت فيها الضربة على العاروري في المراحل النهائية من الإعداد.

وقال محللون إن المخاوف الأمنية قد تؤدي الآن إلى تعقيد الأمور.

وقال مهند الحاج علي، نائب مدير الأبحاث في مركز مالكوم كير- كارنيجي للشرق الأوسط في بيروت، إن الجماعات الفلسطينية في لبنان، الذي يُعتبر فيه حزب الله لاعبا قويا، نعمت بقدر من الأمن في السنوات القليلة الماضية. وأضاف أنه يتعين على حماس أن تكون أكثر حذرا الآن.

فقدان شخصية بارزة قد يدفع حماس الى التشدد

أوضح الحاج علي هذه الجماعات كانت "سعيدة بالوضع القائم المتمثل في بعض الهدوء والاستقرار ونوع من الردع الذي يمثله حزب الله. انتهى هذا مع هجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر والصراع في جنوب لبنان وما تمضي الأمور قدما إليه".

كان العاروري (57 عاما) أول قيادي سياسي كبير في حماس يتعرض للاغتيال منذ أن تعهدت إسرائيل بالقضاء على الجماعة في أعقاب هجومها على جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الذي قتلت فيه 1200 شخص وأخذت 240 رهينة إلى غزة.

وقال محللون لرويترز إن فقدان شخصية بارزة قد يدفع حماس الآن إلى اتخاذ موقف أكثر صرامة ضد إسرائيل التي تشن حاليا هجوما جويا وبريا مدمرا ضد الحركة.

ولم يتضح بعد مدى التغيير المحتمل في موقف حماس.

مواقف من اغتيال العاروري في الضاحية

ورد حسام بدران، وهو قيادي سياسي بحماس في المنفى، على مقتل العاروري بنبرة تحد ووعيد قائلا "نقول للاحتلال المجرم إن المعركة مفتوحة بيننا وبينهم".

لكن سامي أبو زهري، القيادي في حماس، قال إن وفاة العاروري "سيكون لها تداعيات" لكن موقف حماس يظل متمثلا في أنه إذا أوقفت إسرائيل هجماتها بالكامل، فإن الحركة مستعدة لإجراء محادثات حول "بقية الملفات".

وقد يؤدي اغتيال العاروري أيضا إلى توسيع نطاق الحرب في غزة إلى أراض جديدة في لبنان. فقد كانت الضربة هي الأولى على بيروت بعد نحو ثلاثة أشهر من القصف عبر الحدود بين حزب الله وإسرائيل والذي كان يقتصر على جنوب لبنان.

وقال محللون إن حزب الله سيتعرض لضغوط للانتقام لحليفه، وخاصة لأنه قتل في الضاحية الجنوبية، معقل الحزب في بيروت.

وقالت ثلاثة مصادر إيرانية وثيقة الصلة بالمؤسسة الدينية في طهران إن مقتل العاروري أثار مخاوف بين قادة الجمهورية الإسلامية من احتمال أن تحاول إسرائيل توسيع الصراع باستدراج طهران إليه.

وقال أحد المصادر المطلعة "أصاب اغتياله الجميع بصدمة في طهران. لكن هذا لا يعني أنها ستتورط في الصراع مباشرة، وإن كان هذا، فيما يبدو، هو الهدف الرئيسي لقادة النظام الصهيوني".

لكن في غضون ساعات من القتل، أشار مسؤول إسرائيلي إلى أن إسرائيل تريد تجنب التصعيد، حتى مع إصراره على أن إسرائيل لا تتحمل المسؤولية عن الهجوم.

بعد عملية الاغتيال...حذر في بيروت

وفي حديثه لشبكة (إم.إي.إن.بي.سي) وصف المسؤول مارك ريجيف، مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الهجوم بأنه "ضربة مستهدفة ضد قيادة حماس" وليس هجوما على الدولة اللبنانية أو حزب الله.

ومهما كان تأثيره النهائي على الاستقرار الإقليمي، فمن المرجح أن يؤدي اغتيال العاروري إلى جعل قادة حماس الآخرين أكثر حذرا وإمعانا في التخفي. وفي غزة، لم يظهر أي زعيم لحماس منذ هجوم السابع من أكتوبر تشرين الأول. ويعتقد أن كثيرين منهم يختبئون في أنفاق عميقة تحت الأرض.

وعلى مدى عقود، جعلت الذراع الطولى لجهاز المخابرات الإسرائيلي الموساد المعارضين الفلسطينيين يتخفون عن الأعين تجنبا لاحتمالات الاغتيال.

وردت إسرائيل على مقتل 11 من أعضاء الفريق الأولمبي الإسرائيلي في دورة ميونيخ عام 1972 بحملة اغتيالات ضد نشطاء ومنظمي جماعة أيلول الأسود الفلسطينية على مدى سنوات وفي عدة بلدان.

ونجا زعيم حماس خالد مشعل من محاولة اغتيال نفذها عملاء الموساد الإسرائيلي في الأردن عام 1997. وفي عام 2010، قتل أشخاص يشتبه في أنهم إسرائيليون القيادي في حماس محمود المبحوح في أحد فنادق دبي. ولم تؤكد إسرائيل أو تنف تورطها.

وفي لبنان، دأب بعض مسؤولي حماس على الظهور في الأشهر القليلة الماضية للإدلاء بتصريحات صحفية. لكن العاروري وآخرين ضالعين في الشؤون الاستراتيجية تجنبوا الأضواء.

ومن المتوقع أن يبقى زعيما حماس، إسماعيل هنية وخالد مشعل، في تركيا، القوة الإقليمية ثقيلة الوزن، وقطر، اللاعب الدبلوماسي النشط، وهما دولتان لن ترغب إسرائيل في استعدائهما.

ودأبت تركيا على تحذير إسرائيل من المساس بأعضاء حماس على الأراضي التركية. وقبل مقتل العاروري، اعتقلت السلطات التركية قبل يومين 34 شخصا اشتبهت أن لهم صلات بالموساد وأنهم كانوا يخططون لمهاجمة فلسطينيين يعيشون في تركيا.

يقرأون الآن