سحابة "ماجلان الصغرى" هي مجرة قريبة من درب التبانة ومعروفة لعلماء الفلك. لكن بحثًا جديدًا وجد أنّها تخفي سرًا، وهي في الواقع مجرتان، واحدة خلف الأخرى.
ولتحقيق هذا الإكتشاف، قام فريق بقيادة كلير موراي، عالمة الفلك في معهد علوم التلسكوب الفضائي في ماريلاند، بتتبع حركة سحب الغاز والنجوم الشابة التي تولد داخلها حول سحابة ماجلان الصغرى الواقعة على بعد نحو 199 ألف سنة ضوئية من الأرض.
فوجدوا أنّ المجرة الصغيرة، البالغ عرضها نحو 18900 سنة ضوئية (أو أقل من خمس عرض درب التبانة)، تحتوي على حاضنتين نجميتين متميزتين تفصل بينهما آلاف السنين الضوئية.
وتعد كل من سحابة ماجلان الصغرى وسحابة ماجلان الكبرى، مجرتين قزمتين ترتبطان بقوة الجاذبية بمجرة درب التبانة وتنجذبان بثبات نحو مجرتنا، من أجل الإصطدام والإندماج في نهاية المطاف في المستقبل البعيد.
وفي حين أنّ سحابة "ماجلان الكبرى" لها شكل قرصي مشابه لشكل درب التبانة، فإنّ سحابة "ماجلان الصغرى" أكثر انتظامًا. وتبلغ كتلة سحابة "ماجلان الصغرى" ثلث كتلة المجرة القزمة الأكبر حجمًا، والتي تعادل كتلتها نحو 7 مليارات مرة كتلة الشمس.
وعلى الرغم من أنّه كان يُعتقد سابقًا أنّ سحابة "ماجلان الصغرى" تتكون من مكونات متعدّدة، إلاّ أنّها محجوبة إلى حد ما بسبب سحب الغاز والغبار الموجودة بين النجوم، ما يعني أنّه كان من الصعب التمييز بين هذه المكونات.
وقد حدّدت موراي سابقًا أنّ سحابة "ماجلان الصغرى" مليئة بالغاز، الذي تعطل بسبب تفاعلات الجاذبية مع مجرة درب التبانة وسحابة ماجلان الكبرى.
ومن أجل التحقيق الجديد في سحابة "ماجلان الصغرى"، قامت موراي وزملاؤها بتكبير موجات الراديو المنبعثة من غاز الهيدروجين في المجرة القزمة باستخدام مصفوف الكيلومتر مربع باثفايندر الأسترالي، والذي يتكون من 36 طبق هوائي.
وتابع الفريق هذه الملاحظات باستخدام مركبة غايا الفضائية التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية (ESA)، والتي تقوم حاليا ببناء خريطة ثلاثية الأبعاد للنجوم في درب التبانة، لتتبع سرعة واتجاه آلاف النجوم الأصغر سنا في سحابة ماجلان الصغرى والتي يزيد عمرها عن 10 ملايين سنة.
ومن خلال العمل على افتراض أنّ هذه النجوم الشابة، تتحرك بالتزامن مع سحب الغاز الكبيرة التي ولدتها، رصد العلماء بقعتين متميزتين من الغاز والغبار تولدان النجوم.
وتحتوي السحابتان على وفرة مختلفة من "المعادن"، أي عناصر أثقل من الهيدروجين أو الهيليوم. ويبدو أن إحدى السحابتين أبعد عن الأرض من الأخرى، على الرغم من أن الفصل الدقيق بينهما ليس واضحا بعد.
ويتمثل أحد الألغاز التي يأمل العلماء في حلها، في ما إذا كان الجسمان قد تمّ تجميعهما معًا عن طريق الجاذبية، أم أنّ أحدهما يتكون من غاز انفصل عن الآخر عن طريق تفاعلات الجاذبية مع سحابة ماجلان الكبرى.
وأحد الأدلة التي تؤيد التفسير السابق هو أنّ كلا السحابتين تبدو لهما كتلتين متماثلتين، فإذا انفصلت إحداهما عن الأخرى، فمن المعقول الافتراض أن السحابة "الابنة" ستكون أصغر من سابقتها. إذا كانت السحابتان غير مرتبطتين، فهذا يعني أن سحابة "ماجلان الصغرى" عبارة عن جرمين سماويين لا جرم واحد. وفي هذه الحالة، قد تحتاج سحابة "ماجلان الصغرى" إلى اسم جديد.