دولي

هل استُدرجت واشنطن للحرب؟

هل استُدرجت واشنطن للحرب؟

جاءت الضربات العنيفة التي أمر الرئيس الأميركي جو بايدن بتنفيذها على اليمن بعد تحذيرات لأسابيع لحركة الحوثي بالكف عن مهاجمة السفن في البحر الأحمر وإلا ستكون هناك عواقب.

ورغم هذه التحذيرات، واصل الحوثيون إطلاق طائرات مسيرة وصواريخ مما دفع الولايات المتحدة على ما يبدو إلى تنفيذ تهديداتها. وهو ما أثار تساؤلا لدى بعض الخبراء: هل أراد الحوثيون الحرب مع الولايات المتحدة؟ وإن كان هذا صحيحا، فلماذا؟

جيرالد فايرستاين سفير الولايات المتحدة السابق إلى اليمن أحد هؤلاء الذين يعتقدون أن واشنطن منحت الحوثيين ما أرادوه بالضبط ألا وهو القتال.

وقال فايرستاين لرويترز "بالتأكيد كانوا يحاولون إثارة رد فعل انتقامي من الولايات المتحدة".

وأضاف "كانوا واثقين من قدرتهم على الصمود أمام أي شيء نقدم عليه. رأوا أنهم يحظون بدعم شعبي".

وقالت الحركة، التي تسيطر على مساحات كبيرة من اليمن منذ قرابة عشر سنوات، إن خمسة مقاتلين قُتلوا بعد شن 73 ضربة جوية في المجمل. وتوعدت بالانتقام ومواصلة هجماتها على عمليات الشحن التي تقول إنها تهدف إلى دعم الفلسطينيين ضد إسرائيل.

وأعلن الجيش الأميركي في ساعة متأخرة من مساء أمس الجمعة أنه نفذ ضربة أخرى استهدفت موقعا للرادار.

وبعد الضربات الأميركية والبريطانية الأولى، أظهرت لقطات بطائرة مسيرة بثتها قناة المسيرة التابعة للحوثيين احتشاد مئات الآلاف في صنعاء مرددين شعارات تندد بإسرائيل والولايات المتحدة. وتجمعت حشود في مدن يمنية أخرى أيضا.

ويقول خبراء إن قدرا كبيرا من الثقة لدى الحوثيين ينبع من مقاومتهم هجمات السعودية لسنوات. لكن الحملة التي تقودها الولايات المتحدة ضد الحركة قد تكون مختلفة تماما.

وقال اللفتنانت جنرال الأميركي دوغلاس سيمز مدير العمليات بهيئة الأركان المشتركة للصحفيين يوم الخميس إن الضربات استهدفت 28 موقعا بأكثر من 150 ذخيرة. ولدى حصر الأضرار، قال إنه كان يأمل في عدم تسبب الحوثيين في هذا النوع من الدمار.

وأضاف سيمز "أعتقد لو أنك تعمل على تشغيل قاذفة صواريخ باليستية الليلة الماضية، فمن المؤكد لم تكن ترغب في تنفيذ الضربة. لكن، لا، كنت أتمنى ألا يريدوا أن ننفذ الهجمات".

 مقاتلون في الجبال

ينسب عبد الملك الحوثي، الزعيم الغامض للمقاتلين الحوثيين، نفسه إلى نسل النبي محمد. ويؤكد في خطب وكلمات مسجلة مسبقا أن حركته تتعرض لحصار بسبب الدين.

واكتسب الحوثي سمعة طيبة بكونه قائدا قويا في ساحات المعارك قبل أن يصبح زعيما لحركة الحوثيين، وهم مقاتلون في الجبال خاضوا قتالا ضد تحالف عسكري تقوده السعودية منذ عام 2015 في صراع أودى بحياة عشرات الآلاف ودمر اقتصاد اليمن ودفع الملايين إلى براثن الجوع.

وبتوجيه من الحوثي، وهو في الأربعينات من عمره، ضمت الجماعة عشرات الآلاف من المقاتلين وامتلكت ترسانة ضخمة من الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية زودتها بها إيران إلى حد كبير.

وفي أعقاب الضربات، أقر سيمز ومسؤولون أميركيون آخرون بأن الحوثيين ربما يقدمون على تنفيذ تهديداتهم بالانتقام.

وذكرت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن الحوثيين أطلقوا أمس الجمعة صاروخا باليستيا مضادا للسفن باتجاه البحر الأحمر.

وقال مسؤول أميركي، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إنه بعيدا عن ردعهم، ربما يعد الحوثيون العدد القليل المحتمل للقتلى بين مقاتليهم في هذه الضربات بمثابة نجاح للجماعة حتى وإن أدت إلى تراجع قدراتها.

وأضاف المسؤول الأميركي "تعريف شخص ما للنجاح يعتمد في حقيقة الأمر على وجهة نظره".

ومع تصاعد التوترات، ارتفع سعر خام برنت واحدا في المئة أمس الجمعة بسبب المخاوف من احتمال اضطراب الإمدادات. وأظهرت بيانات تتبع السفن التجارية أن ما لا يقل عن تسع ناقلات نفط توقفت أو حولت مسارها بعيدا عن البحر الأحمر.

 مزيد من الضربات؟

قال مايكل مولروي نائب مساعد وزير الدفاع السابق لشؤون الشرق الأوسط في عهد إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إنه يتعين على البنتاجون الاستعداد لتنفيذ عمل عسكري إضافي.

وتابع قائلا "على الولايات المتحدة البدء في التخطيط لتصعيد ردنا على وقوع مزيد من الهجمات في البحر الأحمر أو سوريا أو العراق".

وأضاف "يجب إدراج الحرس الثوري الإيراني ضمن تلك الأهداف".

وتدعم إيران حركة الحوثي باعتبارها جزءا من "محور المقاومة" الإقليمي - وهو عبارة عن جماعات متحالفة مع طهران تضم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وجماعات مسلحة في العراق وسوريا.

وتتهم الولايات المتحدة إيران بدعم هجمات الحوثيين في البحر الأحمر وتزويدهم بالقدرات العسكرية والاستخباراتية لتنفيذها.

وينفي الحوثيون أن يكونوا دمى في يد طهران ويقولون إنهم يحاربون نظاما فاسدا وعدوانا إقليميا.

ومع ذلك، يحذر فايرستاين من أن تحدي الحوثيين للولايات المتحدة وحلفائها يساعد في تلميع صورتهم في الشرق الأوسط، وهو قلق يشاركه فيه بعض المسؤولين الأمريكيين الحاليين.

وقال فايرستاين "يعزز ذلك صورة الحوثيين على المستوى الإقليمي. ويضعهم في الصف الأول بين المتحالفين مع إيران في محور المقاومة".

وأضاف "لا يجب علينا أن نمنح الحوثيين ما يريدون، وهذا ما فعلناه بالضبط".

يقرأون الآن