للمرة الأولى منذ اندلاع المواجهات على الحدود الجنوبية في 8 تشرين الأول الماضي، كان وسط مدينة النبطية عصر أمس مسرحاً لغارة إسرائيلية استهدفت قياديين في "حزب الله". وبدا مشهد السيارة المستهدفة كأنه نسخة عن مشهد السيارة التي استهدفتها غارة أميركية قبل يومين في وسط بغداد ما أدى الى مقتل القيادي البارز في "حزب الله" العراقي أبو باقر الساعدي وفق ما ورد في "نداء الوطن".
وبغارة النبطية اجتازت إسرائيل مجدّداً الخط الأحمر الذي طبع مواجهات الجنوب قبل 4 أشهر، إذ سبق لإسرائيل أن اجتازت هذا الخط في عمق الضاحية الجنوبية لبيروت باغتيال القيادي في حركة "حماس" صالح العاروري مطلع العام الجاري.
ماذا في تفاصيل غارة النبطية التي تقع خارج منطقة الليطاني كلياً؟ لم يذكر "حزب الله" من استهدفت الغارة، مكتفياً بإعلان إصابة شخصين أحدهما بجروح بالغة. أما "وكالة فرانس برس"، فأوردت، نقلاً عن مصدر أمني، إصابة مسؤول عسكري في "حزب الله" بجروح "خطرة" جراء ضربة إسرائيلية استهدفت سيارته في النبطية. كما أصيب شخص آخر كان برفقته. ورداً على سؤال للوكالة عن الضربة، اكتفى متحدث باسم الجيش الإسرائيلي بالقول "ننظر في هذه التقارير".
وجاء استهداف السيارة في وقت كثّف "حزب الله" منذ صباح أمس وتيرة قصفه لمواقع إسرائيلية بينها ثكنتا معاليه غولان وبرانيت ومقر قيادة في كريات شمونة، وفق ما أعلن في بيانات عدة.
أما في إسرائيل، فأورد موقع "الأزمنة الاسرائيلية The Times of Israel" الالكتروني ما أفادت به وسائل الإعلام العربية من أنّ أحد المصابَين هو عباس الدبس. وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي، أنّ الدبس كان قائد المنطقة التي أطلقت منها أمس نيران مضادة للدبابات على بلدة كريات شمونة شمال إسرائيل. وقالت إنّ الغارة على النبطية، نفّذت رداً على إطلاق قذائف على قاعدة للجيش الإسرائيلي في مكان قريب وإصابة أحد الجنود بجروح خطرة.
أما مصادر قناة "سكاي نيوز"، فتحدثت عن "نجاة القائد العسكري العام لـ"حزب الله" علي كركي من محاولة الاستهداف في النبطية".
وتزامناً قال قائد سلاح الجو الإسرائيلي: "إنّ عشرات من طائراتنا تنشط في أجواء جنوب لبنان وعند الحاجة ستتحول إلى مئات".
في موازاة ذلك، بحسب "نداء الوطن"، قدّم ديبلوماسيون أجانب اقتراحات لإحلال الهدوء على الحدود اللبنانية الإسرائيلية المضطربة بالتوازي مع مفاوضات الهدنة الجارية في غزة، وفقاً لمسؤولين. ويشمل ذلك انسحاب "حزب الله" من الحدود ونشر الآلاف من قوات الجيش اللبناني الإضافية.
وسيستند الاقتراح الذي قدّمه ديبلوماسيون أوروبيون إلى "التنفيذ الجزئي" لقرار مجلس الأمن 1701 الذي أنهى حرباً استمرت 34 يوماً بين إسرائيل و"حزب الله" عام 2006، حسبما قال مسؤولان سياسيان لبنانيان وديبلوماسي لبناني مقيم في أوروبا لوكالة "أسوشيتد برس".
ويذكر أنّ وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه طرح في بيروت يوم الثلاثاء الماضي اقتراحاً لتخفيف التوترات، وحذّر من أنّ الوضع الحدودي "مقلق للغاية"، وأنّ إسرائيل جادة في تهديداتها للبنان، كما قال أحد المسؤولين اللبنانيين. وصرح سيجورنيه: "يجب ان يكون هناك صوت لبناني يتحدث باسم مصالح لبنان. ويجب ان تُستكمل المؤسسات الدستورية بانتخاب رئيس، لأن عدم وجود صوت لبناني يتيح لدول أخرى التحدث عن لبنان". وأعلن أنّ "هناك اقتراحات ملموسة لما بعد التهدئة، لكننا لا نناقشها علناً".