رأى الخبير الدستوري والقانوني سعيد مالك، انه وبعيدا عن القراءات والحسابات السياسية، لابد من الإشارة أولا إلى انه من الناحية الدستورية الصرف، فإن موضوع تعيين رئيس للأركان في الجيش له أبعاد سياسية ودستورية، وأبعاد ميثاقية وطنية ذات اتصال مباشر بميثاقية العيش المشترك، والحديث هنا عن حضور طائفة الموحدين الدروز الكريمة في هرمية قيادة الجيش، إلا ان ما أقدمت عليه حكومة تصريف الأعمال بتعيين العميد الركن حسان عودة رئيسا للأركان، تضمن مخالفتين دستوريتين جوهريتين وهما:
1 - لجوئها إلى التعيين في ظل الشغور الرئاسي وهي بالأساس حكومة تصريف أعمال بالمعنى الضيق سندا لأحكام الفقرة 2 من المادة 64 من الدستور، اذ انه مهما وسعت حكومات تصريف الأعمال مروحة إمكانياتها في تعاطيها بشؤون البلاد والعباد، إلا انه من غير الجائز لها دستوريا ان تتجاوز المحظور وتصل إلى حد التعيين في أي من المراكز والمواقع أيا يكن نوعها وأيا تكن الحاجة إليها، وذلك لأنه من شأن هذه المخالفة الجوهرية، ان تفتح باب التعيينات على مصراعيه، وتؤدي بالتالي إلى بازار من التعيينات المختلفة، فما بالك وأمامنا استحقاقات عديدة أهمها موقع مدعي عام التمييز، وبعده موقع رئاسة مجلس القضاء الأعلى، وغيرهما لاحقا من المواقع الأساسية في الدولة.
2 - تعيين رئيس لأركان الجيش بمعزل عن اقتراح وزير الدفاع، فالوزير بعد اتفاق الطائف هو سيد وزارته استنادا إلى نص المادة 66 من الدستور، ناهيك عن ان المجلس الدستوري قد أقر وتحديدا في قراره رقم 4/2020 تاريخ 22/7/2020، ان سلطة الوزير في الاقتراح هي سلطة دستورية تحصنه في مواجهة أي تدبير من الممكن ان يتعرض له في وزارته وخلافا لإرادته، وبالتالي كان من المفترض بمجلس الوزراء ان ينطلق في تعيين رئيس الأركان من اقتراح وزير الدفاع، لكن يبقى القول من الناحية الواقعية، انه لطالما يتغيب وزير الدفاع عن حضور الجلسات، ويتلكأ بالتالي عن القيام بواجباته على صعيد الاقتراح، يمكن عندها الذهاب إلى التفسير الدستوري الأوسع لناحية اقتراح الاسم في غياب وزير الدفاع.
وعليه، لفت مالك في تصريح لـ"الأنباء"، إلى ان قرار الحكومة بتعيين رئيس لأركان الجيش، قد يكون موضوع طعن امام مجلس شورى الدولة من قبل كل صاحب صفة ومصلحة سندا لاحكام المادة 106 رقم 10434/75 تاريخ 14/6/1975، المنصوص عنها في نظام مجلس شورى الدولة الذي يتمتع وحده بحصرية الحق في دستورية وقانونية هذا القرار التنفيذي من عدمه.
وردا على سؤال، أكد مالك انها ليست المرة الأولى التي يطرح فيها رئيس مجلس الوزراء مواضيع وأمورا من خارج جدول الاعمال، وهو بالأساس تصرف منوط به كصلاحية دستورية أعطيت له للتعامل مع الأمور التي قد تطرأ بعد تحديد جدول اعمال جلسة مجلس الوزراء، لكن ما نراه عمليا، هو انه غالبا ما يلجأ رئيس الحكومة إلى استعمال هذه الصلاحية، نتيجة تسوية ما، او طبخة سياسية معينة تم إعدادها قبيل انعقاد الجلسة، اي انه غالبا ما يستعمل رئيس الحكومة هذه الصلاحية لعدم إجهاض اتفاق معين تم إبرامه في ليل بين هذه الجهة السياسية وتلك.