العراق آخر تحديث في 
آخر تحديث في 

العراق… من بريمر إلى السوداني

العراق… من بريمر إلى السوداني

دخل العراق مرحلة سياسية جديدة مع تصاعد حدة التوتر بين الفصائل العراقية المسلحة الموالية لإيران والقوات الأميركية، وانعكس ذلك على علاقة هذه الفصائل بالحكومة العراقية ورئيسها الذي أخطر واشنطن بنيته التخلي عن الدعم العسكري الأميركي المباشر وإزالة كل القواعد العسكرية الأجنبية من العراق.

علاقة الزعماء العراقيين مع الولايات المتحدة الأميركية، اختلفت من حيث الشكل والمضمون بين رئيس وزراء وآخر وبين حقبة وأخرى.

هذا الخلاف الذي خرج الى العلن منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، إثر اندلاع الحرب في غزة، هو الأخطر منذ العام 2003 أي بعد تشكيل الحكومة العراقية المؤقتة أو حكومة أياد علاوي، عقب غزو قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأميركية للعراق، والتي أدت إلى الإطاحة بحكم الرئيس العراقي السابق صدام حسين وحزبه الحاكم حزب "البعث العربي الإشتراكي".

وتوالى على رئاسة الحكومة بعد علاوي، إبراهيم الجعفري ونوري المالكي، وحيدر العبادي وعادل عبد المهدي، ومصطفى الكاظمي ثم محمد شياع السوداني.

الشخصية الجدلية الأبرز بين هؤلاء كان إياد علاوي، الذي تنقل من البعث العراقي إلى حليف لواشنطن ثم انقلب على الجميع بمن فيهم إيران.

من هو إياد علاوي؟

ولد علاوي الذي يتحدث الإنكليزية بطلاقة عام 1945، وحصل على درجات علمية في الطب من لندن. قضى أكثر من 30 عامًا في المنفى، وعاد كحليف للولايات المتحدة بعد الغزو.

ويقول علاوي العضو السابق في حزب البعث المحظور حاليًا، إنّه نجا من محاولة اغتيال عام 1987 في لندن على أيدي عملاء بعثيين، حين كان الرئيس صدام حسين يحكم العراق.

وأصبح علاوي من أبرز منتقدي الغزو الأميركي والحكومة، التي يقودها الشيعة برئاسة نوري المالكي. ويتهمها بالفشل في توفير خدمات وأوضاع أمنية أفضل لخفض معدلات البطالة بعد أربع سنوات في الحكم.

وانتقد علاوي أيضًا إيران بشدة ذات مرة لتدخلها في شؤون العراق ودعمها فصائل شيعية، لكن أفادت تقارير بأنّه سعى إلى تحسين علاقته بطهران فيما بعد. وأثارت زيارة قام بها للسعودية قبل الإنتخابات جدلاً بين العراقيين المتشككين في التدخلات الخارجية.

علاوي وبعد غياب طويل عن الساحة السياسية، خرج بتصريحات أثارت الجدل حول الهدف منها في هذا الوقت.

فقد قال رئيس الوزراء العراقي الأسبق إنَّ "السلطات التي قامت بعد سقوط النظام أجرت تحقيقات ولم تعثر على عقار واحد باسم صدام حسين، بما في ذلك الطائرة التي كان يستخدمها في أسفاره". وأضاف أنَّ "همَّ صدّام كان السلطة لا المال، ولم يقترب من "المال الحرام" لأنَّه كان محافظاً". وأكَّد أنَّ "صدام قاد فريقاً من المقاومة للاحتلال الأميركي".

وذكر علاوي أنَّه على رغم جروحه الشخصية نتيجة محاولة اغتياله على يد النظام، رفض زيارة صدام بعد اعتقاله كي لا يرى "رئيس العراق في أيدي جنود الإحتلال"، ولأنَّ التقاليد لا تسمح بالشماتة، مشيراً إلى أنَّ الزعيم الكردي مسعود بارزاني رفض هو الآخر "لأنَّ الشماتة ليست من عاداتنا".

مواقف علاوي المتمايزة عن باقي رؤساء الحكومات العراقية، كان لها أثر كبير على العراق والمنطقة، فهو الوحيد الذي أعلن استعداد العراق للتطبيع مع إسرائيل لكن بشروط.

وأكّد علاوي أنّ الفلسطينيين تعرضوا "للأذى والإحتقار"، وإسرائيل لم تحترم قرار حل الدولتين.

وعن الصراع الدائر حاليًا في غزة، كشف عن اقتراح تقدم به لوقف الحرب، مبينًا أنّ "ظهور حركة حماس والحركات الأخرى نتيجة طبيعية لسياسات إسرائيل القمعية".

وأشار علاوي إلى أنّ "قمة القاهرة لم تنتج اتفاقًا أو بيانًا ختاميًا، وكانت أشبه بـ"مداراة الخواطر"، لافتّا إلى أنّه "قد نكون أمام حرب واسعة وطويلة، والقبة الحديدية التي تتباهى بها إسرائيل "طلعت تنك"، معتبرًا أنّ "موقف حكومة السوداني من أزمة فلسطين ممتاز، والقادة العرب مرتاحون لكلمة السوداني في قمة القاهرة".


وأوضح علاوي أنّ "العراق سيتعرض لضرر كبير إذا توسعت الحرب في المنطقة، وأنا أحذر مبكراً لأنّ المواقف قد تتفجر في العراق بأية لحظة. ضربات الفصائل ضد القواعد الأميركية لن تغير قواعد حرب غزة".

وتابع: "السعودية تشترط حل الدولتين مقابل مضيها بالتطبيع، والسعودية بإمكانها الحصول على قنبلة نووية "فوراً"، مشيرا إلى أن "العراق مستعد للتطبيع إذا سارت المنطقة نحوه وفق شروط، وأنا أؤكد أن معظم القوى السياسية العراقية مستعدة للتطبيع".


يحاول إياد علاوي أن يعوم مجددًا، بعد أن جرفته تيارات متناقضة سيطرت على العراق.

رجل دولة، سياسي براغماتي يمتهن لغة الحوار. ينفي أن يكون حصان طروادة أميركيًا سعوديًا في العراق، لكن سلوكه مرفقاً بجهود واشنطن لضمان توليه رئاسة الحكومة أكد عكس ذلك.

يمكن لعلاوي العودة الى الواجهة مجددًا، ولكن سيبقى بلا سند إقليمي أو دولي، خصوصًا بعد الإخلال بالتحالفات التي بناها في فترات مختلفة.

يقرأون الآن