تعد الهجرة غير الشرعية مسألة خلافية متفاقمة في الولايات المتحدة بالتزامن مع استعداد المرشحين للرئاسة خوض غمار السباق الانتخابي نحو البيت الأبيض المقرر في نوفمبر 2024.
ويستغل هذا الملف بشكل كبير في الحملات للانتخابات الرئاسية التي تقترب على الأرجح من جولة إعادة بين الرئيس الحالي جو بايدن والرئيس السابق دونالد ترامب الذي يقترب من نيل ترشيح الحزب الجمهوري.
وُجهة بايدن وترامب، هي الحدود الجنوبية للولايات المتحدة في إطار محاولتهما كسب تأييد الناخبين حول واحدة من أكثر القضايا إثارة للانقسام في الولايات المتحدة.
ما الذي يحدث على الحدود مع المكسيك؟
يتهم المعسكر الجمهوري بايدن وإدارته بالتسبب في زيادة تدفق المهاجرين من خلال سياسات اللجوء التي اعتمداها.
وسجلت هيئة الجمارك وحرس الحدود الأميركية أكثر من 2,5 مليون عملية عبور في العام 2023، فيما يتحدث الجمهوريون عن أرقام أكبر من ذلك بكثير.
في الأسابيع الأخيرة، دخلت ولاية تكساس في مواجهة مع إدارة بايدن مع اتهام حاكمها الجمهوري غريغ أبوت المؤيد لترامب ، الحكومة الفيدرالية بالسماح بـ"غزو" مهاجرين غير شرعيين الحدود الجنوبية للبلاد.
ومراقبة الحدود هي من وظيفة السلطات الفيدرالية في الولايات المتحدة، لكن ولاية تكساس كثفت الإجراءات الرامية إلى مكافحة الهجرة، مع وجود العديد من النزاعات القضائية الجارية حول هذه القضية.
ومن المقرر أن يدخل قانون جديد في ولاية تكساس حيز التنفيذ في الخامس من آذار/ مارس، يسمح لسلطات الولاية باعتقال وترحيل الأشخاص المشتبه في عبورهم الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك بشكل غير قانوني، مما يختبر الحدود القانونية لسلطة الولاية.
من جهته، يؤكد البيت الأبيض أن الحزب الجمهوري يتعمد تخريب أي محاولة للتوصل إلى تسوية بشأن هذه القضية وأن ترامب لا يرغب في منح انتصار سياسي لبايدن في عام الانتخابات.
فالرئيس اليميني السابق الذي بنى شعبيته خلال حملته الانتخابية الأولى من خلال وعوده ببناء جدار بين الولايات المتحدة والمكسيك، استخدم نفوذه للضغط على النواب الجمهوريين في الكونغرس لمنع تبني مشروع قانون بشأن الهجرة.
ويتفاوض أعضاء مجلس الشيوخ منذ أشهر على اتفاق لمكافحة الهجرة غير الشرعية، حيث يصر الجمهوريون على تعزيز أمن الحدود مقابل الموافقة على طلب بايدن تخصيص تمويل لأوكرانيا وإسرائيل.
يقول الباحث والمحلل السياسي حسن منيمنة إن توافد المهاجرين عبر الحدود الجنوبية للولايات المتحدة وصل لأرقام قياسية في السنوات الأخيرة.
ويضيف منيمنة للحرة أن "هذه الأرقام تمثل أزمة فعلية وبات من الصعب على المجتمع الأميركي استيعابها".
ويتحدث منيمنة عن وجود "تقصير وقصور في نظام الهجرة الأميركي على مدى عقود"، مشددا أن الوضع "وصل لنقطة تصاعد فيها الخطر، وربما يتجاوز الأمر ونصل لنقطة الخطر الحقيقي والشديد".
الهجرة والانتخابات الرئاسية المقبلة
على مدى شهور، أظهرت الاستطلاعات بأن الأميركيين يعتبرون أزمة الهجرة في مقدمة مخاوفهم، ويحمّلون الديموقراطيين بالمجمل مسؤولية ازدياد الأعداد.
وتسعى أعداد قياسية من المهاجرين إلى دخول الولايات المتحدة، معظمهم من أميركا الوسطى وفنزويلا، هربا من الفقر والعنف والكوارث التي تفاقمت بسبب تغير المناخ.
وعبرت أعداد قياسية من المهاجرين بشكل غير قانوني إلى الولايات المتحدة منذ تولى بايدن، منصبه في عام 2021، بما في ذلك عدة ملايين عبروا إلى تكساس.
وأظهر استطلاع أجرته رويترز/إبسوس مطلع شباط/ فبراير تزايد المخاوف المتعلقة بالهجرة، ووصفها 17 في المئة من المشاركين بأنها المشكلة الأكثر أهمية التي تواجه الولايات المتحدة اليوم، مقارنة مع 11 بالمئة اعتبروها القضية الأكثر إلحاحا في كانون الأول/ ديسمبر.
وظل الاقتصاد هو الشغل الشاغل للأميركيين عموما، وعبر عن ذلك 22 في المئة من المشاركين في الاستطلاع مع المعاناة من التضخم وغيره من توابع جائحة كوفيد-19.
وقال نحو ثلثي المشاركين، بينهم 47 في المئة من الديمقراطيين، إن البلاد تسير على المسار الخاطئ.
ويؤكد منيمنة أن الطرفين الجمهوري والديموقراطي يحاولان استغلال قضية الهجرة لأغراض انتخابية.
فعلى صعيد الجمهوريين يقول منيمنة إن هناك "مبالغات ومحاولات لتصوير الواقع وكأنه كارثة واجتياح واحتلال للولايات المتحدة في محاولة لإثارة عواطف الناخبين".
"بالمقابل هناك في الجانب الديمقراطي من يقول أن الأمر طبيعي وهو جزء من طبيعة وقوة المجتمع الأميركي".
ويلفت منيمنة إلى أن "ترامب عرقل التوصل لاتفاق في ملف الهجرة، من خلال تأثيره على أعضاء في الكونغرس، لأنه يريد أن تكون هذه الأزمة شعارا انتخابيا له ولا يرغب برؤية بايدن ينجح في معالجتها".
ويضيف قائلا: "على الأرض ليس هناك فرق كبير بين سياسات ترامب وسياسات بايدن في التعامل مع أزمة الهجرة، وفي كلا الحالتين هناك تقصير وقصور، ولكن ترامب أكثر براعة في استغلال هذه المسألة من أجل حشد الناخبين".
ويشير منيمنة إلى "ملف الهجرة الى جانب المواضيع الاقتصادية عادة ما تكون مواضيع رئيسية في الانتخابات الرئاسية"، مبينا أن "ترامب نجح لغاية الآن في استغلال ملف الهجرة الوافدة لصالحه وفي حال تراجع الاقتصاد خلال الأشهر المقبلة فأعتقد أن حظوظه (ترامب) ستكون قوية للفوز".
ويضيف "في حال حصل العكس وظل الاقتصاد يستمر في التحسن والصعود، فهذا يصب لصالح بايدن ويعني أن المنافسة في انتخابات نوفمبر ستكون محتدمة مع ترامب".