استعرضت مجلة إيكونوميست كتابين تناولا مخاطر "الإبادة" التي يمكن أن يتعرض لها كوكبنا من جراء هجوم نووي، وفي إحداهما تشير الكاتبة إلى "سيناريو" يمكن أن يتغير فيه العالم في غضون ثوان معدودة، نتيجة إطلاق صاروخ واحد.
وفي كتابها "الحرب النووية: سيناريو"، تتحدث الصحفية الأميركية، آني جاكوبسن،عن هجوم نووي مفترض تطلقه كوريا الشمالية على الولايات المتحدة و"الدوامة" التي ستحدث للعالم نتيجة لذلك.
ويشير ملخص للكتاب إلى "صورة حية لما يمكن أن يحدث إذا فشل حراسنا النوويون" إذ يمكن أن ينتهي العالم "الذي نعرفه في غضون ساعات" نتيجة "الحرب النووية".
وأحد أسباب تلك الحرب سيكون إطلاق صاروخ نووي باتجاه الولايات المتحدة.
وتستند هذه الافتراضات للكاتبة إلى عشرات المقابلات الحصرية مع خبراء عسكريين ومدنيين، لديهم صلات ببناء الأسلحة النووية، أو مطلعين على خطط الاستجابة النووية، أو لديهم صلة بعمليات صنع القرارات.
وتوصلت دراسات عدة من قبل إلى سيناريوهات مخيفة لما قد يبدو عليه العالم في حال نشوب حرب نووية، جميعها تتفق على أمر واحد، هو دمار البشرية.
وخلصت واحدة منذ هذه الدراسات إلى أن أي حرب نووية قد تغرق العالم في ظلام دامس لسنوات عدة، وستتسبب في انخفاض درجات الحرارة بشدة، وستمحو الكثير من الحياة البحرية في العالم.
العالم متخوف من حرب نووية
خلصت دراسة جديدة حول مخاطر الحرب النووية على العالم، إلى أن أي صراع من هذا النوع قد يغرق العالم في ظلام دامس عدة سنين، ويتسبب في انخفاض درجات الحرارة بشدة ويمحو الكثير من الحياة البحرية في العالم.
وتشير جاكوبسن في كتابها إلى السرعة التي يمكن بها إبادة دول بأكملها.
وتقول إن الأقمار الصناعية الأميركية تحتوي على أجهزة استشعار "قوية للغاية بحيث يمكنها رؤية عود كبريت مضاء من مسافة 200 ميل".
وهذا يعني أنه في غضون 15 ثانية، تستطيع الرادارات معرفة أن صاروخا كوريا شماليا متجه إلى الولايات المتحدة، وهذا الصاروخ يحتاج إلى ما يزيد قليلا عن نصف ساعة للوصول إلى أهدافه في الأراضي الأميركية. وبمجرد إطلاع الرئيس الأميركي على الأمر، يكون لديه ست دقائق ليتخذ قرارا.
وتشير إلى أن غواصة روسية قبالة الساحل الغربي لأميركا يمكنها إطلاق مجموعتها الكاملة من الصواريخ على جميع الولايات الـ50 في وقت واحد خلال 80 ثانية.
وفي السيناريو الذي تتخيله، يمكن أن يدمر صاروخ كوري شمالي محطة للطاقة النووية شمال لوس أنجلوس، ويمكن لقنبلة أخرى أن تدمر العاصمة الأميركية، واشنطن.
ويمكن أن يحدث خلال هذه الحرب المفترضة بين أميركا وكوريا الشمالية سوء فهم من جانب روسيا، فالصواريخ الأميركية المتجهة إلى كوريا الشمالية يجب أن تحلق فوق روسيا بحكم الجغرافيا.
وقد لا يستطيع القادة الأميركيون إجراء مكالمة هاتفية مع الرئيس الروسي، لذلك فقد يحدث أن ترى أقمار الإنذار المبكر الروسية "دون المستوى" عن طريق الخطأ مئات الصواريخ القادمة، فيهاجم الكرملين الولايات المتحدة، والأخيرة ترد على هذا الهجوم.
وتنقل الصحفية عن الجنرال جون هيتن، القائد السابق للقوات النووية الأميركية: "إذا أطلق شخص ما سلاحا نوويا ضدنا، فإننا نرد الإطلاق".
ويقول ويليام بيري، وزير الدفاع في عهد الرئيس الأميركي الأسبق، بيل كلينتون، إنه بمجرد اكتشاف صاروخ قادم "نستعد للإطلاق... نحن لا ننتظر".
ويقول تقرير المجلة إنه ربما تحمل الأفكار التي طرحتها الكاتبة بعض العيوب، وتتساءل على سبيل المثال: لماذا تخاطر كوريا الشمالية بالقيام بمثل هذا العمل الانتحاري؟، ولماذا يقدم الروس على إنهاء العالم استنادا إلى بيانات أجهزة استشعار معيبة؟
لكن الأمر الذي لا خلاف عليه، وفق المجلة، هو تغيير الأسلحة النووية للعالم، فوجود كميات كبيرة من السخام في الغلاف الجوي بعد هجوم نووي من شأنه أن يؤدي إلى انخفاض بنسبة 70 في المئة في أشعة الشمس لمدة 10 سنوات. وستنخفض كمية الأمطار بنسبة 50 في المئة.
وكتبت جاكوبسن: "بعد 10 آلاف عام من الزراعة والحصاد، يعود البشر إلى حالة الصيد وجمع الثمار".
وفي كتاب "العد التنازلي"، تقدم سارة سكولز لمحة عن العلماء في المختبرات النووية الأميركية الضخمة، مثل مختبرات لوس ألاموس في نيو مكسيكو (حيث أشرف أوبنهايمر على اختراع وبناء أول قنبلة نووية).
وبعد أن جمعت لسنوات تقارير ميدانية في مختبرات الأسلحة النووية في البلاد، تتساءل سكولز في كتابها: "هل امتلاك الأسلحة النووية يبقينا آمنين ويمنع الهجمات والحرب الإشعاعية؟".
وتشير الكاتبة إلى فكرة أن شخصا ما قد يستخدمها يوما ما، وتقول إن استخدامها في عالم اليوم بات على نفس القدر من الأهمية الذي كانت عليها خلال الحرب الباردة، ويقول بعض الخبراء إننا قد نكون قريبين من كارثة نووية الآن كما كنا في ذروة ذلك الصراع.
وتنقل مواقف العاملين في المجمعات النووية الأميركية بين المؤيدين والرافضين لنزع السلاح النووي.
والبعض يتحمس لأهمية الردع النووي، ويقولون إنه عدد الوفيات الناجمة عن الحروب الكبرى انخفضت بعد اختراع القنبلة النووية.
والبعض الآخر يعبر عن معارضته للأسلحة النووية في حين يصر على أنه يتعين على شخص ما أن يضمن أن الأسلحة الموجودة تظل آمنة وموثوقة
ولايزال آخرون يفضلون التركيز على التطبيقات المدنية لأبحاثهم.
هل تواجه البشرية "تهديدا وجوديا"؟
تطور متسارع للتكنولوجيا التخريبية، وتصاعد متواصل للحروب والتهديدات النووية، وسط تغيرات مناخية غير مسبوقة بكوكب الأرض، عوامل تجعل البشرية أقرب إلى "نهاية العالم" أكثر من أي وقت مضى.
وتشير مجلة إيكونوميست إلى عودة الحديث بقوة عن الحروب النووية بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، في شباط/ فبراير 2022، والنجاح الذي حققه فيلم "أوبنهايمر"، الذي يحكي السيرة الذاتية وقصة العالم الأميركي، روبرت أوبنهايمر، ودوره في تطوير القنبلة الذرية.
وبعد الغزو الروسي، ظهرت مخاوف جدية بشأن سلامة محطة زاباروجيا، أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا، التي سيطرت عليها قوات الكرملين، ومنذ ذلك الحين تبادلت موسكو وكييف الاتهامات بشأن قصف المحطة، وسط جهود دولية غير ناجحة لجعل محيط المحطة منطقة منزوعة السلاح.
وبعد الغزو، أعلن بوتين استدعاء مئات آلاف الروس للقتال في أوكرانيا محذرا الغرب من أن موسكو "ستستخدم كل الوسائل" المتاحة لها للدفاع عن نفسها بما في ذلك السلاح النووي.
وكان الرئيس الروسي قد كشف في خطاب ألقاه، في مارس 2018، عن وجود خمسة برامج أسلحة نووية رئيسية، أطلق عليها "الأسلحة الفائقة" وهي قادرة على الوصول إلى أبعد من 5 آلاف كلم من مكان إطلاقها باستخدام الصواريخ الروسية الاستراتيجية، كما أنها قادرة على إحداث قدر كبير من الدمار.
وتمتلك روسيا ما يقرب من 5977 سلاحا نوويا، يمكن إطلاقها من الصواريخ والغواصات والطائرات. وفي عام 2021، أنفقت ما يقدر بنحو 8.6 مليار دولار لبناء وصيانة قواتها النووية، وفقا لموقع منظمة ICANW، المتخصصة في مكافحة الأسلحة النووية.
وكشف تقرير حديث لشبكة "سي أن أن" أنه في أواخر عام 2022، بدأت الولايات المتحدة "الاستعداد بجدية" لاحتمال أن تشن روسيا ضربة نووية على أوكرانيا.
وحذر الرئيس الأميركي، جو بايدن، مرارا موسكو من "استخدام أسلحة غير تقليدية".