أثار هدم "قصر أندراوس" التاريخي، في مدينة الأقصر (جنوب مصر)، ضجة كبيرة وانتقادات بين المتخصصين في الآثار والتراث حزناً على مصير القصر الذي كان شاهداً على أحداث مهمة في تاريخ البلاد، مؤكدين أنه كان من "الممكن ترميم القصر والحفاظ عليه بدلاً من هدمه".
يعود تاريخ قصر أندراوس إلى عام 1897، حيث تم إنشاؤه خلف معبد الأقصر، مواجهاً لنهر النيل، واستضاف على مدار تاريخيه شخصيات مهمة، من بينها الزعيم سعد زغلول أثناء ثورة 1919.
معدات لهدم القصر
وبدأت الضجة بتداول صور لعمال ومعدات هدم في محيط قصر توفيق باشا أندراوس في الأقصر، والواقع في حرم معبد الأقصر، ظن كثير من المتابعين في البداية أنها محاولة لتنظيف ساحة القصر من المخلفات، حتى تم التأكد من أنها معدات هدم القصر.
من جانبها، أعربت الدكتورة مونيكا حنا، القائم بأعمال عميد كلية الآثار بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، عن دهشتها من قرار هدم القصر، وقالت، إن "قصر أندراوس كان شاهداً على أحداث تاريخية مهمة، وكان المقر الذي اتخذه سعد زغلول في الأقصر، حتى إنه سمّاه بيت الأمة في الأقصر"، متسائلة «كيف يهدَم قصر بهذه القيمة؟!"، بحسب ما نقلته "الشرق الأوسط".
ما المصلحة من هدمه؟
كما اتفقت معها الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بكلية الهندسة جامعة القاهرة وعضو مجلس إدارة جهاز التنسيق الحضاري التابع لوزارة الثقافة المصرية، وقالت إن "القصر تراث حضاري وتاريخي، لا يجب هدمه"، متسائلة عن المصلحة وراء هدم قصر بهذه القيمة التاريخية.
يذكر أن محاولات هدم القصر بدأت عام 2009، بحسب ما أكده سمير غريب، رئيس جهاز التنسيق الحضاري السابق، الذي أوضح للصحيفة، أنه في تلك الفترة أبدت محافظة الأقصر رغبتها في هدم القصر فتم تشكيل مجموعة عمل لفحصه، من أساتذة متخصصين في العمارة والتراث ذهبت وعاينت القصر من الداخل والخارج، وأوصت بعدم الهدم، بعدها شكّل فاروق حسني وزير الثقافة لجنتين لاتخاذ قرار بشأن القصر أيدتا قرار عدم الهدم، مشيراً إلى أنه "في ظل إصرار المحافظة على الهدم، تم تشكيل لجنة ثالثة لكنها كانت هذه المرة من مهندسين وليس متخصصين في التراث وهي التي اتخذت قراراً بهدم القصر الأول".
وأضاف غريب أنه كان هناك قصران متلاصقان تم هدم الأول بموجب قرار اللجنة الثالثة وبقي القصر الثاني الذي هدم الأحد، وعندما سُئل محافظ الأقصر وقتها عن سبب عدم هدم القصر الثاني قال إنه أبقاه كنموذج للتراث المعماري في تلك الفترة.
آيل للسقوط
بدورها، أشارت حواس إلى أنها كانت عضواً في اللجنتين الأولى والثانية اللتين شُكلتا عام 2009 لمعاينة لقصر، والتقت في ذلك الوقت ابنتي أندراوس اللتين كانتا تعيشان في القصر، وشاهدت ما يحتويه القصر من مقتنيات.
وقالت إن "القصر ذو قيمة تاريخية ومعمارية، لكن المشكلة أنه في هذه الأمور يتم اللجوء لوزارة الآثار، التي تختص بشؤون الآثار الفرعونية والإسلامية والقبطية، أما المباني التراثية فهي اختصاص وزارة الثقافة وجهاز التنسيق الحضاري.
وهدمت محافظة الأقصر القصر بناءً على قرار لجنة أشارت إلى أن القصر أصبح آيلاً للسقوط بسبب أعقاب محاولة لصوص التنقيب عن الآثار أسفل القصر، تم ضبطها العام الماضي، وهو ما أضر بأساسات القصر، على حد قول المسؤولين في المحافظة.
شهد جريمة قتل ابنتي أندراوس
لكن حنا أكدت أنه لا يوجد مبنى غير قابل للترميم، والقصر مبني من الطوب اللبن وكان من الممكن ترميمه، واصفة هدم القصر بأنه استمرار لسياسة وزارة السياحة والآثار التي لا تقدر قيمة تنوع التراث المصري.
بدورها، قالت حواس إن استخدام تعبير آيل للسقوط هو محاولة للالتفاف على القانون الذي ينص على حماية المباني غير الآيلة للسقوط، مشيرة إلى أن أي مبنى يمكن ترميمه.
وشهد القصر عام 2013 جريمة قتل، حيث عُثر على جثتي ابنتي أندراوس (صوفي 82 عاماً)، و(لودي 84 عاماً)، مقتولتين داخل القصر، وفي العام الماضي تم ضبط محاولة تنقيب خلسة عن الآثار في أرضه، ليغلق بعدها بدعوى أنه آيل للسقوط.
العربية