دولي

خاركيف تنزف.. هل تسقط ثاني أكبر مقاطعة أوكرانية؟

خاركيف تنزف.. هل تسقط ثاني أكبر مقاطعة أوكرانية؟

في الوقت الذي دخلت فيه الحرب في أوكرانيا عامها الثالث، ‏تستهدف روسيا خاركيف ثانية كبرى المقاطعات الأوكرانية، ‏حيث يتواصل نزيف المدن في المنطقة التي تبعد 40 ‏كيلومتراً فقط عن بيلغروود الروسية بوتيرة سريعة وصعبة، ‏وهو ما دفع قائد الجيش الأوكراني أولكسندر سيرسكي، الأحد، ‏للإقرار بأن قوات بلاده تواجه موقفاً عصيباً في القتال الدائر ‏بخاركيف.‏

وشنّت روسيا هجوماً جديداً على منطقة خاركيف في شمال ‏أوكرانيا الجمعة، وهو ما يفتح جبهة قتال جديدة في الحرب ‏الدائرة منذ نحو 27 شهراً. وقالت موسكو أمس السبت إنها ‏سيطرت على خمس قرى بينما قالت كييف إنها تصد الهجمات ‏وتقاتل من أجل الاحتفاظ بالسيطرة على تلك القرى.‏

وكتب سيرسكي على تليغرام "تخوض وحدات قوات الدفاع ‏معارك دفاعية شرسة. تم صد محاولات الغزاة الروس ‏لاختراق دفاعاتنا".‏

وأضاف "الموقف عصيب لكن قوات الدفاع الأوكرانية تقوم ‏بكل ما في وسعها للصمود عند خطوط ومواقع الدفاع وتكبيد ‏العدو الخسائر".‏

قرى خاركيف تتساقط

أوكرانيا في حالة دفاع أمام روسيا التي تحظى بتفوق عددي ‏وبذخيرة وافرة، وتقول كييف إن تأخيراً لعدة أشهر من ‏الكونجرس الأمريكي في التصويت على حزمة مساعدات ‏ضخمة كلفها الكثير في ساحة المعركة. وتأمل أوكرانيا الآن ‏في وصول سريع لكميات كبيرة من المساعدات التي تم ‏إقرارها مؤخراً لدعم دفاعاتها.‏

وقال المتحدث باسم الجيش نزار فولوشين للتلفزيون ‏الأوكراني الأحد "روسيا تنفذ عملياتها على جبهتين، إنهم ‏يحاولون توسيع نطاق الجبهة"، وأضاف أن الاتجاهات ‏الرئيسية للهجوم الروسي تستهدف مدينتي فوفتشانسك ‏وليبتسي.‏

وتبعد ليبتسي نحو 20 كيلومتراً عن ضواحي خاركيف، ثاني ‏أكبر مدينة أوكرانية. وفي عام 2022، وصلت القوات ‏الروسية إلى ضواحي المدينة قبل صدها ودفعها للتراجع إلى ‏الحدود.‏

وحضّ فولوشين السكان على البقاء هادئين، قائلاً إن "روسيا ‏تشن حملة إعلامية لبث الذعر إلى جانب هجومها العسكري".‏

وقال: "يجب أن يظل السكان هادئين، قوات الدفاع صامدة ‏على الخطوط والوضع تحت السيطرة".‏

من جانبها، قالت وزارة الدفاع الروسية الأحد، إن القوات ‏الروسية سيطرت على أربع قرى أخرى في منطقة خاركيف ‏بأوكرانيا هي هاتيشتشي وكراسني وموروخوفيتس ‏وأولينيكوفي.‏

وأوضحت الوزارة في بيان "تقدّمت الوحدات التابعة لمجموعة ‏قوات الشمال في عمق دفاعات العدو وحررت بلدات ‏غاتيشتشي وكراسنوي وموروخوفيتس وأولينيكوفو في منطقة ‏خاركيف".‏

وكان الجيش الروسي قد أكّد السبت سيطرته على ست قرى ‏أوكرانية بينها خمس في منطقة خاركيف.‏

وضع معقّد

وقال حاكم المنطقة أوليغ سينيغوبوف عبر منصات التواصل ‏الاجتماعي "تمّ إجلاء ما مجموعه 4073 شخصاً"، وأكد ‏سينغوبوف الأحد، مقتل رجل يبلغ 63 عامًا بنيران المدفعية ‏في قرية غليبوك وإصابة آخر يبلغ 38 عامًا في بلدة ‏فوفشانسك الحدودية التي كان عدد سكانها حوالى ثلاثة آلاف ‏نسمة قبل الهجوم الحالي.‏

وقال الشرطي أوليكسي خاركيفسكي الذي يساعد في تنسيق ‏عمليات الإجلاء إن عدة أشخاص قُتلوا في قصف السبت، فيما ‏عُثر على قتيل تحت الأنقاض ليلًا.‏

وأضاف: "المدينة تتعرض لإطلاق نار مستمر".‏

وتابع متحدثًا عند نقطة إخلاء في قرية قريبة من فوفشانسك ‏‏"كلّ ما في المدينة دُمّر، يمكن باستمرار سماع دوي انفجارات ‏وقصف مدفعي وقذائف مورتر، الروس يضربون المدينة بكلّ ‏ما لديهم".‏

إطلاق نار على فرق الإجلاء

وقدّر خاركيفسكي أن يكون نحو 1500 شخص قد تم ‏إجلاؤهم أو فروا من فوفشانسك منذ الجمعة، لافتًا إلى حدوث ‏‏32 ضربة بمسيّرات على البلدة في الساعات الـ24 الأخيرة.‏

ولفت إلى تعرّض فرق الإخلاء لإطلاق النار عدة مرات.‏

وأكّد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي السبت أن ‏القوات الأوكرانية تنفذ هجمات مضادة في القرى الحدودية في ‏منطقة خاركيف، قائلًا "علينا تعطيل العمليات الهجومية ‏الروسية وإعادة زمام المبادرة إلى أوكرانيا"، ولفت الى أن ‏‏"كل أنظمة الدفاع الجوي والأنظمة المضادة للصواريخ مهمة ‏لإنقاذ الأرواح".‏

وأكد أنه "من المهم أن يدعم شركاؤنا جنودنا وصمود ‏أوكرانيا من خلال عمليات التسليم في الوقت المناسب حقًا".‏

وكثّفت القوات الأوكرانية هجماتها داخل الأراضي الروسية ‏والمناطق التي تسيطر عليها روسيا في أوكرانيا، خصوصاً ‏على البنية التحتية للطاقة.‏

وحذر مسؤولون في كييف منذ أسابيع من أنّ موسكو قد ‏تحاول شنّ هجوم على المناطق الحدودية الشمالية الشرقية، ‏مشيرين إلى تفوّقها في وقت تعاني أوكرانيا من تأخّر وصول ‏المساعدات الغربية ونقص العديد.‏

وأعلنت واشنطن حزمة مساعدات عسكرية ب400 مليون ‏دولار لكييف بعد ساعات على بدء الهجوم، معربة عن ثقتها ‏بأنّ أوكرانيا قادرة على صدّ أيّ حملة روسية جديدة.‏

هجوم صاروخي على بيلغورود

وفي بيلغورود الروسية قتل وأصيب ما لا يقل عن 24 شخصاً ‏الأحد، عندما انهار جزء من مبنى سكني متعدد الطوابق في ‏مدينة بيلغورود الروسية بسبب سقوط صاروخ يعود للحقبة ‏السوفييتية أطلقته أوكرانيا واعترضته أنظمة الدفاع الجوي ‏الروسية.‏

وفي واحدة من أكثر الهجمات دموية حتى الآن على منطقة ‏بيلغورود، شنت أوكرانيا ما قال مسؤولون روس إنه هجوم ‏بصواريخ توشكا البالستية وأنظمة إطلاق الصواريخ المتعددة ‏أدلر وآر.إم-70 فامباير.‏

وأظهرت لقطات من الموقع انهيار ما لا يقل عن 10 طوابق ‏من المبنى. وفي وقت لاحق، بينما كانت أطقم الطوارئ تفتش ‏عن ناجين بين الأنقاض، انهار سقف المبنى وسط محاولات ‏من الناس للنجاة بحياتهم.‏

وقالت وزارة الدفاع الروسية إن الهجوم، الذي وصفته بأنه ‏‏"هجوم إرهابي على مناطق سكنية"، واستخدم فيه ما لا يقل ‏عن 12 صاروخاً.‏

وأضافت الوزارة "شظايا أحد صواريخ توشكا-يو التي تم ‏إسقاطها ألحقت أضرارا بمبنى سكني في مدينة بيلغورود»".‏

وذكرت وكالات أنباء روسية أن سبعة أشخاص على الأقل ‏قتلوا وأصيب 17 آخرون، بينهم طفلان. ولا يزال آخرون ‏محاصرين تحت الأنقاض.‏

وتقول كل من أوكرانيا وروسيا إنهما لا تستهدفان المدنيين، ‏على الرغم من مقتل العديد من المدنيين في الحرب من ‏الجانبين.‏

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا ‏زاخاروفا إن الضربة كانت هجوماً استهدف مدنيين ما أظهر ‏إجرام أوكرانيا وداعميها، وهم في المقام الأول الولايات ‏المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون، ولم يصدر تعليق من أوكرانيا ‏حتى الآن على هذا الهجوم.‏

لماذا خاركيف؟

وقال محللون إن الهجوم قد يمثل بداية محاولة روسية لإقامة ‏منطقة عازلة تعهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإنشائها ‏في وقت سابق من هذا العام لوقف الهجمات الأوكرانية ‏المتكررة على بيلغورود وغيرها من المناطق الحدودية ‏الروسية.‏

وكانت أوكرانيا قد قالت في وقت سابق إنها على علم بأن ‏روسيا تجمع آلاف القوات على طول الحدود الشمالية الشرقية، ‏بالقرب من منطقتي خاركيف وسومي، وبينما حققت قوات ‏الكرملين أحدث توغلاتها البرية في شرق أوكرانيا، قال ‏مسؤولو المخابرات الأوكرانية إنهم يتوقعون أن تهاجم قوات ‏الكرملين في شمال شرق أوكرانيا أيضاً.‏

من جهته، قال معهد دراسة الحرب الجمعة، إنّ روسيا حقّقت ‏مكاسب كبيرة من الناحية التكتيكية، وأضاف المعهد الذي يتخذ ‏من الولايات المتحدة مقراً، أنّ الهدف الرئيسي للعملية هو ‏استدراج القوة البشرية الأوكرانية والعتاد من قطاعات مهمة ‏على الجبهة في شرق أوكرانيا، مشيراً إلى أنّها لا تبدو هجوماً ‏واسع النطاق لتطويق خاركيف والاستيلاء عليها.‏

يقرأون الآن