العراق آخر تحديث في 
آخر تحديث في 

من هو مجيد.. "العقرب العراقي" أكبر "مهرّب بشر" لأوروبا؟

من هو مجيد..

تحوّل العراقي برزان مجيد، المدرج على قوائم "المطلوبين" عالمياً ‏إلى حديث وسائل الإعلام في بريطانيا وغيرها، بعد إجراء راديو بي ‏بي سي لمقابلة شخصية معه، بثتها عبر "بودكاست"، مفعم بالتفاصيل ‏الدرامية، خلال رحلة البحث عنه لإعداد اللقاء، وصولاً إلى أحد ‏مقاهي مدينة السليمانية في العراق، فمن هو مجيد الذي يحمل لقب ‏‏"العقرب"، والمتهم بتزعم عصابة هربت الآلاف إلى المملكة المتحدة؟

تشير المعلومات إلى كردي عراقي، عندما بلغ العشرين من عمره في ‏العام 2006، تمكن من تهريب نفسه إلى نوتنغهام في إنجلترا في ‏الصندوق الخلفي لشاحنة، ورغم عدم حصوله على الإذن بالبقاء في ‏البلاد بعد سنة من تهريبه، ظل لعدة سنوات هناك، بعضها في السجن ‏بتهمة ارتكاب جرائم تتعلق بالأسلحة والمخدرات. وفي العام 2015 ‏تم ترحيله إلى العراق، وبعد وصوله بفترة وجيزة يُرجح أنه "ورث" ‏أعمال تهريب البشر من شقيقه الأكبر الذي كان يقضي عقوبة السجن ‏في بلجيكا.‏

ومع نجاحاته الإجرامية في تهريب البشر، أصبح يطلق عليه الاسم ‏الحركي "العقرب"، وهكذا كان يظهر اسمه على هواتف الباحثين عن ‏الهجرة غير الشرعية لأوروبا، مصحوباً بصورة للعقرب، ووصل ‏إلى تمكنه من السيطرة على أغلب أنشطة تهريب البشر بين دول ‏أوروبا والمملكة المتحدة، خلال الفترة من 2016 إلى 2021، ‏وتعرض 26 من أفراد عصابته للإدانة في محاكم الولايات المتحدة ‏وفرنسا وبلجيكا، لكن "العقرب" نفسه ظل حراً طليقاً يمارس أنشطته.‏

بعد ذلك قضت محكمة بلجيكية غيابياً على مجيد ب 121 تهمة تتعلق ‏بتهريب البشر، وفي تشرين الأول (أكتوبر) سنة 2022، حُكم عليه ‏بالسجن لعشر سنوات وغرامة قدرها 968 ألف يورو، وهي الغرامة ‏التي لا تزال غير مدفوعة. ومن ذلك الوقت اختفى عن الأعين.‏

خلال اللقاء الذي تم بثه على ثماني حلقات، تباهى "مجيد" بأنه سيطر ‏منذ العام 2016 على غالبية أعمال تهريب البشر إلى بريطانيا، ‏لدرجة أنه أصبح أحد أكبر مهربي البشر المطلوبين في أوروبا، ‏وسعى الصحفيان من أجل الوصول إليه، إلى نقاط التقاط الشاحنات ‏السرية في كاليه، ومغاسل السيارات في المملكة المتحدة، وحتى ‏ساحات القوارب في تركيا، لكن بعد معرفتهم بانه يقيم في السليمانية ‏بالعراق ذهبوا للبحث عنه، ثم تواصل هو معهم بعد معرفته، ووافق ‏على اللقاء.‏

ويصف البرنامج "العقرب" بأنه يبدو كـ"لاعب غولف ثري.. يرتدي ‏ملابس أنيقة، جينز جديد، وقميص أزرق فاتح وسترة سوداء" مع ‏أظفار مشذبة بعناية، ويعتقد أن الأموال التي يجنيها تستثمر في ‏العقارات والأعمال. وعندما تمت مواجهته بجرائم تهريب البشر، ‏وتسببه في وفاة البعض قال: "لم أضع أحداً على متن قارب قط ولم ‏أقتل أحداً أبداً"، وعندما سُئل عن الأموال التي تمكن من جمعها من ‏هذه العمليات قال متفاخراً: "مليون دولار".‏

ومن المثير أنه نفى خلال اللقاء ممارسته للتهريب حالياً، لكن مقدم ‏البرنامج لاحظ أثناء النقاشات ورود رسائل إلى هاتفه بها أرقام ‏وصور جوازات سفر.‏

ويقول مجيد إنه "يحب السيارات الجميلة، والمنزل الجميل، وكان ‏يعيش حياة مترفة، وكان لديه المال دائماً - 200 ألف دولار دائماً ‏تحت سريره". و"في ليلة واحدة، حصل على 500 ألف جنيه ‏إسترليني. كان يحمل 56 راكبًا، وكان الحد الأدنى لسعر الشاحنة ‏‏9000 جنيه إسترليني". وأكد أن "الفساد داخل مراقبة الحدود ساعده ‏كثيراً للقيام بأعماله والوصول إلى الشواطئ البريطانية"، بل وتقديم ‏خدمة متميزة أكثر أماناً تكلف مبلغاً كبيراً لكل شخص يتم تهريبه.‏

خطة للهرب

يكشف "البودكاست" أن الشخص الذي سيتم تهريبه، يتوجه إلى بوابة ‏الخروج المخصصة فقط للموظفين في ميناء كاليه بشمال فرنسا، ثم ‏يطلب أفراد عصابة "العقرب" من الشخص أن يرتدي ملابس أنيقة ‏والتحرك بثقة، ثم يقال له إن البوابة ستفتح في الساعة الثامنة مساء، ‏وبعد ذلك يجب عليه الاختباء في مبنى المراحيض لمدة 20 دقيقة، ‏وهناك يدخل عليه أحد الموظفين الفاسدين، ثم ينقله إلى العبّارة متجنبًا ‏مراقبة جوازات السفر البريطانية، فيما رفضت سلطات ميناء كاليه ‏التعليق على هذه المزاعم التي أوردتها بي بي سي.‏

ووفقاً لوزارة الداخلية، وصل 120 ألف شخص إلى شواطئ المملكة ‏المتحدة بهذه الطريقة منذ عام 2020، ويعمل محققون من الوكالة ‏الوطنية لمكافحة الجريمة (‏NCA‏) مع ضباط في بلجيكا لتعقب مجيد ‏وأصدروا مذكرة اعتقال بحقه في عام 2022، ويأتي البودكاست ‏وسط جدل حول خطة الحكومة الجديدة لإرسال المهاجرين إلى ‏رواندا.‏

يقرأون الآن