سواء سكتت أصوات المدافع، وخفت "مشاوير" الطائرات الحربية الإسرائيلية التي دأبت على استباحة الأجواء اللبنانية، استطلاعًا وقصفًا واغتيالًا وغيرها، أو لم يحصل ذلك.. فإن الحياة في لبنان مستمرة بوتيرة عادية في المناطق البعيدة عن الميدان الجنوبي.
أماكن السهر مزدحمة بالرواد، من شوارع الجميزة ومار مخايل والكورنيش البحري في العاصمة بيروت، إلى شوارع بدارو ونهر الموت وساحل المتن الشمالي والكسليك وجونية - المعاملتين وصولًا إلى ساحل جبيل في محافظة جبل لبنان، فالبترون الصاخبة في محافظة الشمال، حيث فتحت مقاه ومطاعم جديدة إضافية داخل المدينة القديمة.. الحركة قوية وشبه عادية تحضيرا لموسم واعد.
والشيء عينه بالنسبة إلى المنتجعات البحرية، حتى تلك الواقعة على ساحل إقليم الخروب وصولًا إلى شكا (شمالًا)، فقد أعلنت عن نفاد الحجوزات الموسمية للشاليهات، واستقبال طلبات المشتركين لتمضية فصل الصيف، فضلًا عن الإعلان عن أسعار بطاقات الدخول في منتصف الأسبوع وفي أيام العطل ونهاية الأسبوع.
كذلك بيوت الضيافة التي كانت دخلت "بقوة إلى السوق السياحي"، أشارت إلى موسم واعد، وحجوزات لفترة الصيف بالكامل.
وحده القطاع الفندقي يسير في مشهد معاكس، ذلك أنه يعتمد على السياح العرب والأجانب، غير الراغبين في القيام بحجوزات مسبقة قبل التأكد من سلامة الوضع الأمني، وضمان عدم إقفال مطار بيروت الدولي، جراء تفاقم العمليات العسكرية بين إسرائيل و"حزب الله".
وقد تحدث نقيب الفنادق بيار أشقر غير مرة عن موسم فندقي لا يبشر بالخير، متناولًا نسب الحجوزات الضئيلة، معتبرًا أنها لا تكفي لتشغيل القطاع.
المهرجانات الصيفية قائمة حتى إشعار، وتحدث رئيس لجنة مهرجانات جبيل الدولية المحامي رافاييل صفير لـ"الأنباء" عن تحضيرات "لإقامة حفلات، من دون القيام بما اعتدنا عليه سابقًا لجهة الحجز مع الشركات الدولية وكيلة فنانين عالميين، والدفع مسبقًا، تقديرًا منا للوضع الحالي".
وكشف صفير عن "رغبة لجنة مهرجانات بعلبك الدولية بإقامة ولو حفلة واحدة"، معتبرًا أن التوصل إلى وقف الحرب في غزة وتاليًا في الجنوب "كفيل بليال صاخبة في المهرجانات اللبنانية"، على رغم تأكيده "ان المهرجانات وخصوصًا الدولية منها، تواجه صعوبات مادية لجهة غياب الرعاة الكبار، نسبةً إلى الظروف في المنطقة ككل وليس في لبنان فقط".
بدوره، كشف رجل الأعمال ميشال أبي رميا- الراعي الرسمي التجاري لعدد كبير من مهرجانات القرى بينها بلدته اهمج في قضاء جبيل لـ"الأنباء"- عن "التحضير وكأن الأمور طبيعية. نريد ضخ الإيجابية في بلد اعتاد أهله الإصرار على الفرح والإحتفال، وتحدي الصعاب والتغلب عليها".
وكذلك شهدت الأماكن المخصصة للإحتفالات بالأعراس حجوزات بعضها مبدئي، وغالبيتها نهائي "من دون إسقاط تطورات دراماتيكية محتملة، قد تطيح بكل شيء"، بحسب مصمم أعراس معروف متعاقد مع أماكن مصنفة "خمس نجوم". وكشف لـ "الأنباء" عن "مرونة لجهة حدوث ظروف قاهرة، تسبق المواعيد المقررة. إلّا أن الحجوزات كبيرة، وتتضمن استئجار أماكن خاصة، والتعاقد مع شركات خدمات فندقية تعنى بتأمين المأكولات وشركات أمن معروفة، ومنظمين وفرق رقص ومطربين".
صيف لبناني حار بالحركة. حرارة تتحدى اشتعال الجبهات، لكنها لا تستطيع فعل الكثير، ما لم "تبرد" الأخيرة، ولو بصورة مؤقتة.