تحيي الولايات المتحدة السبت الذكرى الـ20 لاعتداءات 11 أيلول/سبتمبر، في مراسم رسمية تجري على وقع انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان الذي تخللته الفوضى وعودة طالبان إلى السلطة.
وستقام المراسم المؤثرة في كل من المواقع الثلاثة التي صدم فيها 19 خاطفا من تنظيم القاعدة، معظمهم سعوديون، طائرات ركاب أميركية، في ضربة لرموز الولايات المتحدة الثقافية والمالية والسياسية بدّلت شكل العالم إلى الأبد.
وتحل الذكرى بينما انسحبت القوات الأميركية من أفغانستان بشكل نهائي، لكن الخلافات والصعوبات السياسية التي يواجهها الرئيس جو بايدن، تلقي بظلالها على أي شعور بأنه تم طي الصفحة.
وفي تسجيل مصوّر نشر عشية الذكرى، حض بايدن الأميركيين على الوحدة التي تعد "أعظم نقطة قوة لدينا".
وقال في رسالة من البيت الأبيض مدّتها ست دقائق "بالنسبة إلي، هذا الدرس الرئيسي من 11 أيلول/سبتمبر: في أكثر لحظات ضعفنا وفي التجاذبات التي تجعلنا بشر وفي المعركة من أجل روح أميركا، الوحدة هي أعظم نقطة قوة لدينا".
وفي "غراوند زيرو" في نيويورك، موقع انهيار برجي مركز التجارة العالمي حيث أقيم نصب مائي مكانهما، سيقرأ أقارب الضحايا بصوت مرتفع أسماء نحو 3000 شخص قتلوا في الاعتداء، في مراسم تبدأ عند الساعة 08,30 (12,30 ت غ) وتستمر لأربع ساعات.
وسيتم الوقوف ست دقائق صمت أي ما يعادل الوقت الذي استغرقه ضرب البرجين وانهيارهما ولحظات تعرّض مقر البنتاغون للهجوم وتحطّم الرحلة رقم 93.
وتقول مونيكا إكين-مورفي، التي فقدت زوجها البالغ 37 عاما مايكل إكين في مركز التجارة العالمي، إن الذكرى هذه المرة ستكون "أكثر صعوبة" من العادة بالنسبة للعديد من الأميركيين.
لكن بالنسبة إليها، على غرار العديد من الناجين، فإن حدة الألم لم تخف رغم مرور عقدين.
وقالت لفرانس برس "أشعر وكأنه (الاعتداء) وقع للتو".
وكبر جيل بأكمله منذ صباح 11 أيلول/سبتمبر 2001.
في الأثناء، ألقي القبض على مؤسس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وقتل. وشُيّد برج جديد شاهق في مانهاتن، حل مكان البرجين. وقبل أقل من أسبوعين، غادر آخر الجنود الأميركيين مطار كابول، مسدلين الستار على ما عرفت بـ"الحرب الأبدية".
لكن طالبان، التي كانت في الماضي توفر ملاذا لبن لادن، عادت إلى السلطة في أفغانستان. وفي خليج غوانتانامو، ما زال العقل المدبّر للاعتداءات خالد شيخ محمد بانتظار محاكمته مع أربعة متهمّين آخرين، وذلك بعد تسع سنوات على توجيه التهم إليهم.
وما تزال الرواية الكاملة للكيفية التي تمّت فيها الاعتداءات سرية. وأمر بايدن الأسبوع الماضي بنشر وثائق سرّية من التحقيق الذي أجراه مكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي) على مدى الشهور الستة المقبلة.
"تكريم وإحياء ذكرى"
في "غرواند زيرو"، قتل 2753 شخصا من دول عديدة في الانفجارات الأولى أو عندما قفزوا من النوافذ أو فقدوا لدى اندلاع النيران في البرجين المنهارين.
وفي البنتاغون، خلّفت طائرة مخطوفة اصطدمت بالمقر فجوة اشتعلت فيها النيران، ما أسفر عن مقتل 184 شخصا في الطائرة وعلى الأرض.
وأما في شانكسفيل في بنسلفانيا، تحطّمت طائرة الخطوط الجوية المتحدة "يونايتد" الرحلة رقم 93 في حقل عندما قاوم ركّابها الخاطفين، قبل بلوغ هدفها الذي كان على الأرجح مقر الكابيتول في واشنطن.
وأفاد البيت الأبيض بأن بايدن وزوجته السيدة الأولى جيل سيتوقفان عند كل موقع من هذه المواقع السبت من أجل "تكريم وإحياء ذكرى الأرواح التي أزهقت".
وفي خطابه المسجّل ليل الجمعة، حض بايدن الأميركيين على توحيد صفوفهم أثناء استذكارهم المأساة.
وقال "لا تعني الوحدة بأن على معتقداتنا أن تتطابق، لكن يجب أن يكون لدينا احترام وثقة ببعضنا البعض وبهذه الأمة".
وخطط الرئيس ليكون هذا اليوم مفصلي في ولايته الرئاسية التي بدأت منذ نحو ثمانية أشهر.
لكنه بدلا من الإشراف على لحظات تعكس الوحدة، سيسافر بايدن في أنحاء بلد يشعر بالامتعاض حيال عملية الإجلاء من كابول التي اتسمت بالفوضوية، وقتل خلالها 13 جنديا أميركيا بتفجير انتحاري وسط إدراك واسع بالفشل والهزيمة التي لحقت بالولايات المتحدة.
وأما بالنسبة لأقارب الضحايا، فالحادي عشر من أيلول/سبتمبر مرتبط كما كان دوما بإبقاء ذكرى أحبائهم حية.
ويقول فرانك سيلر، الذي توفي شقيقه الإطفائي ستيفن في مركز التجارة العالمي، "إنه أشبه ببيرل هاربر".
وأضاف "الأشخاص الذين لم يكونوا على قيد الحياة لا يحملون المشاعر ذاتها التي يحملها أولئك الذين عايشوها. لكن أميركا لم تنس قط بيرل هاربر ولن تنسى 11 أيلول/سبتمبر".
أ ف ب