مُنتدى قطر الاقتصادي يُرسِّخ مكانته العالمية

تحظى النسخةُ الرابعةُ من مُنتدى قطر الاقتصادي، التي افتتحها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير قطر، أمس باهتمامٍ عالميٍ كبيرٍ، بما تتناوله من قضايا وتحدياتٍ اقتصاديةٍ عالميةٍ وسبل التعامل معها، وطرح رؤى مُبتكرة لإحداث تغييرٍ كبيرٍ في مُستقبل الاستثمارات العالميّة.

وتعكسُ النقلة النوعيّة الكبيرة، التي لمسناها في النسخة الجديدة للمُنتدى، حرصَ الأمير ، على جعل المُنتدى مِنصةً سنويةً مُهمةً تجمع قادة ورؤساء الحكومات والخبراء من مُختلِف أنحاء العالم لوضع تصوّراتٍ مُبتكرةٍ وجديدةٍ للقضايا التي تعنى بالاقتصاد العالمي، ومُناقشة وضع الاقتصاد العالمي، وآفاق نموه، والتحديات التي تواجهه، وسبل التعامل معها، فضلًا عن تعزيز جهود الدولة نحو ترسيخ مكانتها كمركز تِجاري محوري لقطاع الأعمال في العالم، ويُمثل مِنصةً دوليةً سنويةً.

فالمُنتدى، فرصةٌ لترويج الاقتصاد القطري عالميًا، عبر تسليط الضوء على ما يوفّره من مُحفزاتٍ وتسهيلاتٍ تُسهم في جذب المزيد من الاستثمارات والأعمال التِجاريّة إلى الدولة، فضلًا عن زيادة الثقة في الاقتصاد القطري، ما يؤدّي إلى تحفيز النمو الاقتصادي وتسريع وتيرته، ليُصبح المُنتدى الذي يُعقد من خلال شراكة استراتيجيّة بين "بلومبيرغ ميديا" والمدينة الإعلاميّة في قطر، أحد أكثر مُنتديات الأعمال تأثيرًا في المِنطقة.

مكانةٌ مرموقةٌ

وقد عبَّر الأمير عن تلك الأهداف في عبارةٍ موجزةٍ من خلال مِنصة "X"، بالتأكيد على أن المُنتدى الذي يُقام بالتعاون مع بلومبيرغ، أصبح يُمثل "مِنصةً عالميةً لطرح الأفكار البنّاءة بشأن القضايا الاقتصاديّة والجيوسياسيّة العالميّة، وتقديم مُقترحاتٍ مُبتكرةٍ لتجاوز التحديات المطروحة".

ولا شك فإن المكانة المرموقة لدولة قطر على الخريطة الاقتصاديّة العالميّة، كانت أيضًا عاملًا مُهمًا في ترسيخ مكانة المُنتدى الاقتصادى، الذي استقطب في نسخته الرابعة أكثر من 1000 من قادة العالم، بينهم رؤساء دول وحكومات ووزراء، فضلًا عن رموز الفكر وصنّاع القرار المؤثرين من نحو 50 دولة.

كما نجحَ المُنتدى في يومه الأول عبر جلساته الثريّة وقائمة المُتحدّثين القطريين من الوزراء وكبار المسؤولين، في تسليط الضوء على بيئة الأعمال التي توفّرها دولةُ قطر والفرص الاستثماريّة المُتاحة، والتطوّرات التي تمّ إحرازها في تنفيذ المشروعات التنموية الكُبرى، وجهود قطر في تكريس الالتزام بالنظام التِجاري العالمي مُتعدّد الأطراف وتعزيز الانفتاح الاقتصادي وتوطيد أواصر التعاون مع مُختلف الشركاء التِجاريين.

نجاحاتٌ اقتصاديةٌ

وقد استعرضَ الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجيّة، في كلمته الافتتاحيّة للمُنتدى الذي يُقام تحت شعار "عالم مُتغير.. اجتياز المجهول"، ما وصلت إليه قطر من نجاحاتٍ اقتصاديّةٍ لتُصبح "منارةً للفرص الاقتصاديّة للكثيرين"، ويسعى إليها المُستثمرون من أنحاء العالم، لما توفّره من أسس للنجاح الاقتصادي الذي يُساعد في النهوض بالمِنطقة، وليتمكن الجميع من التمتّع بهذا الرخاء.

التحوّل الرقْمي

بدا واضحًا في كلمة رئيس الوزراء كيف تُسابق دولة قطر الزمن نحو تحوّلٍ رقْميٍ شاملٍ من خلال الاستثمار أكثر في مجالات التكنولوجيا والابتكار والذكاء الاصطناعي، ولأجل ذلك خصصت حُزمة حوافز بقيمة 9 مليارات ريال، فضلًا عن استضافة مؤتمر "قمة الويب"، لأول مرة في مِنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، وذلك لتعزيز الشراكات مع كبار المُستثمرين، وتبادل الخبرات مع روّاد التكنولوجيا من أنحاء العالم، حيث تمَّ على هامش هذه القمة إطلاق مشروع "ابدأ في قطر"، وجرى تسجيل أكثر من 250 شركة ناشئة.

وقد توّجت دولة قطر خلال المُنتدى ذلك التوجّه، بإعلان رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجيّة، عن إطلاق مشروع الذكاء الاصطناعي العربي "الفنار"، الذي سيعتمد بشكل أساسي على جمع بيانات إعادة الجودة باللغة العربيّة، وسيُسهم في إثراء النماذج اللُغوية الكبيرة والحفاظ على الهُوية العربيّة.

وأكدَ وزير الخارجية أن عالم الذكاء الاصطناعي، كبير ويتطلب استثمارات هائلة في البنى التحتيّة والتطبيق، وتحسين البرامج الأساسيّة لاستخدام الذكاء الاصطناعي أو في البُعد المُتعلق بالبنى التحتيّة.

توقيتٌ دقيقٌ

وتتضاعفُ أهميةُ المُنتدى، بتوقيت إقامته في ظل العديد من التحديات الاقتصاديّة والأمنيّة العالميّة، تتصدرها التداعيات الاقتصاديّة للحرب في قطاع غزة ومخاطر توسيع دائرة الصراع على أمن واستقرار واقتصاد المِنطقة والعالم، وكذلك الأزمة الروسيّة الأوكرانيّة التي تدخل عامها الثالث، وما تتبعها من تداعيات خطيرة على امتدادات الغاز الروسي لأوروبا، وهي قضايا فرضت نفسها على كلمات المُتحدّثين من المسؤولين والوزراء وقادة الفكر والاقتصاديين.

واجبٌ قطريٌ

تطوّرات الأوضاع في غزة، والدور الكبير الذي تضطلع به دولة قطر في الوساطة الدوليّة مع الشركاء الفاعلين لوقف إطلاق النار في غزة، والعمل على تسهيل إيصال المُساعدات الإنسانيّة والغذائيّة والطبيّة لسكان القطاع، كان محور كلمة رئيس الوزراء، التي أكد خلالها على تواصل الجهود القطريّة لوقف العدوان على غزة، وعدم التخلي عن دور وواجب دولة قطر التاريخي كوسيط فاعل يسعى لحماية أرواح الشعب الفلسطيني الشقيق "رغم مواجهتنا العديد من التحديات في الأسابيع القليلة الماضية، والتي دفعتنا لإجراء إعادة تقييم.. فلم نكن نريد أن يتمَّ استغلالنا كوسيط، وأردنا التوضيح للجميع أن دورنا يقتصر على الوساطة، وهذا ما نفعله، وسنواصل فعله، وأعتقد أننا حققنا تقدمًا كبيرًا".

الراية

يقرأون الآن