قد لا يؤدي موت إبراهيم رئيسي إلى تغييرات ذات مغزى في السياسات الإيرانية، لكنه سيسرع عملية انتقال السلطة تحت أعين المرشد الأعلى، علي خامنئي، إلى جيل جديد حريص على إكمال برنامج الأسلحة النووية للبلاد ولا تكسره مناقشات السياسة الخارجية كما كان سائدا في السابق.
وينقل تحليل من مجلة "بوليتيكو" أن رحيل رئيسي، سليل الثيوقراطية الإيرانية، سيجبر المسنين في النظام على الارتجال في لحظة محفوفة بالمخاطر في الداخل وحول المنطقة.
ومع دوره في إعدام 5000 سجين سياسي في عام 1988 كجزء من حملة أكبر من قبل الدولة الدينية الإيرانية لترهيب مواطنيها، قد يشعر العديد من ضحايا رئيسي بالرضا في وفاته، لكن النظام القمعي الذي تركه وراءه سيعيش بعده.
ولم يكن صعود رئيسي إلى ثاني أعلى منصب في النظام دليلا على أي كاريزما أو مهارة سياسية واضحة، بل كان اعترافا بأنه يمتلك الصفات الأكثر قيمة للاستبداد في المراحل المتأخرة، الولاء المطلق للنظام الحاكم، وسجل حافل من الوحشية والاندماج العميق داخل الشبكات الدينية والعائلية والأمنية التي تدعم الدولة. وبهذا المعنى، كان موظفا موثوقا به في دولة الملالي، بحسب التحليل.
ولهذا السبب، من غير المرجح أن يؤدي موته إلى تغييرات ذات مغزى في السياسات الإيرانية. وستنشغل القيادة العليا في إيران بضمان الانتقال السلس إلى رئيس جديد وسط لامبالاة الإيرانيين، وسيكون خامنئي والأجهزة الأمنية مدركين تماما للمخاطر الكامنة في أي صورة للضعف، سواء من حيث موقفهم الخارجي أو سياستهم الداخلية. ونتيجة لذلك، بحسب التحليل، من المتوقع أن تكون إيران متقلبة وتفاعلية وقد تكون أكثر خطورة إذا اعتبرت نفسها في موقف دفاعي.
أما خامنئي، الذي كان عدوانيا في تطهير أقرانه وشخصيات المؤسسة القديمة مثل الرئيس السابق حسن روحاني ورئيس البرلمان السابق علي لاريجاني، فيجد أن لديه قواسم مشتركة مع الجيل الأصغر من الرجعيين أكثر من معاصريه، في واحدة من المفارقات العديدة في إيران.
ويجد خامنئي الجيل الجديد من الطبقات التقليدية مرتبطا بجمهوريته الدينية. فقد تم تدريبهم في كليات مثل جامعة الإمام الصادق، وهم جنود للثورة، يحرسون الأجهزة الأمنية والحرس الثوري.
ولديهم حزبهم السياسي الخاص حزب Paydari (الصمود)، وكان رئيسي مقبولا بالنسبة لهم نظرا لإرثه المروع، لكنهم ينظرون إلى معظم شيوخهم على أنهم بقايا فاسدة من الماضي. وهم يهيمنون على البرلمان ويتطلعون الآن إلى الرئاسة.
ومن بين الرجال الذين يمكن أن يكونوا رؤساء مقبولين لهذه المجموعة المفاوض النووي السابق سعيد جليلي ووزير الطرق والتنمية الحضرية الحالي مهرداد بازرباش. فهؤلاء يعتقدون أن وقتهم قد حان، كما يلوح في الأفق فوق كل هذا تدبير خامنئي لخلافته.
ويحتاج خامنئي إلى رجال لا يتذبذبون في مواجهة الضغوط الدولية أو يستسلمون لإغراءات التجارة مع الغرب، كما فعل روحاني. ليس لديه خيار سوى أن يعهد بدولته إلى واحدة من آخر شرائح مجتمعه التي لا تزال تؤمن بقضية الله، وهم منظرين لم يتم اختبارهم بعد.
والقضية المتبقية التي يتعين على خامنئي تسويتها قبل رحيله هي البرنامج النووي. لقد قام العلماء والفنيون الإيرانيون بعملهم، وربما لم تعد هناك أي حواجز تكنولوجية متبقية أمام القنبلة. وقد وسع خامنئي البنية التحتية النووية من حيث الحجم والتطور، لكنه كان مترددا في عبور الخط النهائي وتفجير القنبلة فعليا، وفق التحليل.
وبينما يفكر في قراره الأخير والأكثر أهمية، سيكون محاطا بشكل متزايد برجال يشعرون أنه ليس لديهم الكثير ليخسروه في عصر الانحدار الأميركي في الشرق الأوسط.
ويخلص التحليل إلى أن رئيسي كان من نواح كثيرة شخصية انتقالية في النظام الإيراني بين الذين كانوا حاضرين عند انطلاق الثورة والجيل الجديد الذي تحت العين الساهرة لخامنئي،سيتولي السلطة وهو يعتقد أن العالم يسير في طريقه.