في أحد أيام شهر شباط/ فبراير من سنة 2006، كانت "خديجة" (اسم مستعار) عائدة من المدرسة، لكنها على غير عادتها، تأخرت عن موعد دخولها إلى المنزل فشرعت الأم في البحث عنها، قبل أن تدخل سيدة إلى منزلها وتدعي أنها عثرت على ابنتها وخلصتها "من قبضة شاب حاول الاعتداء جسدياً عليها".
وحتى بعد مرور حوالي عشرين سنة على الحادث، ما زال الألم يعتصر قلب الأم والغصة تخنق حنجرتها وهي تنتظر إنصاف القضاء لها ولابنتها، حيث تروي الأم أنها في ذلك اليوم المشؤوم، وجدت ابنتها وهي مغمى عليها، فأخذتها مع السيدة إلى المستشفى. وعندما استفاقت وهي على سرير المستشفى، شرعت في الصراخ قائلةً إنها تعرضت للاعتداء على يد نفس السيدة، وروت أن السيدة أخذتها من باب المدرسة وحاولت إغراءها بشراء أدوات للرسم، قبل أن تأخذها إلى دكان حيث قامت بضربها وتهديدها بالقتل في حال استمرارها بالصراخ، قبل أن تقوم باختطافها وحجزها في منزل مهجور.
وهناك قامت بالاعتداء عليها جنسياً بواسطة عصى، كما تحكي الأم المكلومة، التي أرفقت قصتها بالشواهد الطبية اللازمة. وأضافت أن الفتاة الصغيرة المذعورة تعرضت لهذا الاعتداء الجنسي والجسدي والنفسي على مرأى من أقارب المشتبه بها، التي تقول إنها تشتغل كمحامية.
وتابعت الأم في حديثها لـ"العربية.نت"، أنها منذ سنة 2006، وهي تعاني من أجل الحصول على حق ابنتها، والمطالبة بإنصافها، وتوقيف المشتبه فيها.
حالة نفسية مزرية بعد 18 عاماً
وأضافت أن ابنتها منذ ذلك الوقت وهي تعيش وضعية نفسية مزرية، حيث تراجع مستواها الدراسي بشكل كبير، كما هددت بالانتحار عبر رمي نفسها من سطح المدرسة. قبل أن تقرر الأم تغيير المدرسة، ولكن النتيجة لم تكن كما كانت ترجو، إذ إن مستواها الدراسي بقي على حاله المتدني. كما أنها ظلت تحت تأثير المهدئات في محاولة للتخلص من شبح الحادث الأليم الذي تعرضت له. هذا بالإضافة إلى قرارها بمغادرة مدينتها لنسيان ما وقع.
ورغم مرور السنين، فإن الملف ما زال بين يدي القضاء، وتقول الأم إنها تأمل في إنصافها خلال جلسة محكمة الاستئناف المرتقبة الشهر المقبل.
إلى ذلك، تابعت الأم أنها وضعت شكايات لدى النيابة العامة، ولدى جمعيات حماية الطفولة، وأنها بالتزامن مع ذلك كانت في عدد من المرات تتعرض للتهديدات من طرف المشتبه بها ومرات أخرى بالترغيب وبالرشوة لكي تتنازل عن شكاياتها.
اليوم، تعاني خديجة، بعدما صارت شابة في الـ30 من عمرها، من تداعيات نفسية كبيرة إثر هذا الحادث الأليم، فهي لم توفق في دراستها، ولم تتمكن من الحصول على عمل، كما تجد صعوبات كبيرة في الاندماج في المجتمع، ما يجعلها في حالة هروب دائم ونزوح نحو العزلة في مناطق نائية.
من جهتها، تُلاحق المتهمة، في حالة سراح، بتهم هتك عرض قاصر بالعنف، والاختطاف، والاحتجاز والضرب والجرح والإيذاء والتهديد، وفق المحضر الذي حصلت "العربية.نت" على نسخ منه.
مرض لا شفاء منه
إلى ذلك، قال الدكتور بوشيبة محمد الطيب، المنسق الوطني لمنظمة "ما تقيسش ولدي"، إن "البيدوفيليا، أو تعشق الأطفال، بالمفهوم القدحي، هو الرغبة في خوض تجارب جسدية جنسية مع الطفل، سواء كان الطفل من صلب الجاني أو غيره، وسواء كان هذا الجاني رجلاً أو امرأة، فهو يكون ضحية لتربية غير سوية. والمصاب بهذا المرض الخطير جداً لا يمكن أن يشفى منه، فهو جرح للطفولة".
وأضاف في تصريحه لـ"العربية.نت" أن "البيدوفيليا مرض لا شفاء منه، وهو ظاهرة موجودة لدى الذكور والإناث، غير أنها لدى هذه الأخيرة ما زالت حبيسة جدران الصمت مخافة الفضيحة ووصم العار الذي سيلازم الضحايا طيلة حياتهم".
وتابع: "هناك عدد من الحالات التي كانت واردة على جمعية "ما تقيسش ولدي" لكن آباء الضحايا في غالب الأحيان يتراجعون عن متابعة هذه الملفات، ويكتفون بوضع شكاية لدى الجمعية، مع المطالبة بالحفاظ على سرية الشكاية خوفاً من الفضيحة".
مصدر مطلع قال لـ"العربية.نت" إنه يوجد عدد من الحالات لنساء ضبطن وحوكمن بعد ممارستهن العنف على أطفال إناث وذكور، كنوع من التعذيب الجنسي وهتك العرض.
أم تتحرش بابنها
أكثر من ذلك، يروي ذات المصدر الحقوقي الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أنه تلقى شكاية صادمة من طرف أب يتهم طليقته بالتحرش والاعتداء الجنسي على ابنهما ذي الخمس سنوات، حيث قال الأب إنه لاحظ سلوكيات جنسية شاذة لدى طفله الصغير كلما حان موعد زيارته له، ما أثار مخاوفه من تعرض ابنه للتحرش، وهو ما دفعه للجوء إلى استشارة أخصائي نفسي الذي كشف له أن ابنه يقلد سلوكاً يعيشه، وبسؤال الطفل، أخبرهم أن كل الحركات التي يقوم بها تعلمها من والدته وهي التي تمارسها عليه.
وأضاف المصدر أن هذه الشكاية الموجودة اليوم بين يدي القضاء كانت صادمة بشكل مقزز لكنها ليست الأولى ولا الأخيرة، فظاهرة النساء المغتصبات موجودة غير أن الحديث عنها لا يزال مصنفاً من "التابوهات".
حالة أخرى التقاها موقع "العربية.نت" لضحية لاغتصاب على يد امرأة، وهي لشاب مغربي في بداية الأربعينيات من عمره، والذي يحكي أنه تعرض للتحرش الجنسي من طرف قريبة له أثناء طفولته وبداية مراهقته، بعدما حلت ضيفة لديهم ذات صيف. وقال الشاب إنه اعتقد في بادئ الأمر أن ما يحدث له كان مجرد لهو ولعب، قبل أن يستوعب ما تفعله السيدة الثلاثينية. ويتذكر الشاب بمرارة وخجل أن قريبته دأبت على فعلتها كلما حلت ضيفة لديهم، دون أن تكون له القدرة على الإبلاغ بما يحدث له لوالديه خوفاً من الفضيحة. أكثر من ذلك، قال إنه حين حكى لأحد أقرانه، اعتبر هذا الأخير ما حدث له "حظاً وإنجازاً"، قبل أن يفطن فيما بعد أن ما تعرض له لم يكن إلا وجها من أوجه الاغتصاب والتحرش الجنسي.
من جانبها، اعترفت نجاة أنور، رئيسة منظمة "ما تقيسش ولدي" في تصريحها لموقع "العربية.نت" بعدم وجود معطيات كافية بخصوص اعتداء النساء جنسياً على الأطفال، معتبرةً أن "هذا النوع من الجرائم يدخل في خانة الجرائم الصامتة التي ظهرت من خلال ملف البيدوفيل الإسابني راموس الذي كان يستقطب مغتصبين من بينهم نساء من بعض الدول ويقدم لهم الأطفال الضحايا لإشباع رغابتهم المريضة".
وتابعت المتحدثة أنه على المستوى القانوني فهذه الملفات تتم معالجتها بشكل دقيق في حال تواجد دلائل قاطعة.