دولي

مقترح بايدن لهدنة غزة.. هل ينقذ نتنياهو من عثراته؟

مقترح بايدن لهدنة غزة.. هل ينقذ نتنياهو من عثراته؟

حرك خطاب الرئيس الأميركي جو بايدن بشأن مقترح إنهاء الحرب في غزة، المياه الراكدة بشأن مفاوضات الهدنة المتعثرة منذ عدّة أشهر، خاصة في ظل تجاوب الحكومة الإسرائيلية وحركة حماس، واستعداد الوسطاء للمضي قدمًا في العمل عليه تمهيدًا للحصول على موافقة طرفي الحرب لتنفيذ بنوده.

بيد أن المقترح ذاته جاء بمثابة "اختبار جاد" لكيفية تعامل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في خضم الأزمات الداخلية والخارجية التي تحيط به.

ويعتقد محللون إسرائيليون ومراقبون في حديثهم لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن بايدن وضع نتنياهو أمام "الحيرة الأكبر" في حياته السياسية، إذ بات أمام خيارين إما تفضيل الائتلاف المتشدد بالمضي قدمًا في العمليات العسكرية والتسبب في تعثر المفاوضات للاستمرار في الحكم، أو الاستجابة للمقترح الحالي وتخفيف الضغوط الداخلية والخارجية.

ماذا حدث؟

عرض بايدن مقترحاً للهدنة في غزة من ثلاث مراحل، يستهدف بالأساس وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، والإفراج عن الرهائن الإسرائيليين والسجناء الفلسطينيين وإعادة إعمار غزة.

ورحب المجتمع الدولي بالمقترح الذي جرى إعلانه، حيث شجع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش "جميع الأطراف على اغتنام فرصة وقف إطلاق النار"، في حين دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى "سلام دائم" في المنطقة.

وأكد نتنياهو، أن شروط إنهاء الحرب في غزة "لم تتغير"، إذ قال بيان صادر عن مكتبه إنه "بموجب الاقتراح، ستواصل إسرائيل الإصرار على تحقيق هذه الشروط قبل وضع وقف إطلاق نار دائم، ففكرة موافقة إسرائيل على وقف إطلاق نار دائم قبل استيفاء هذه الشروط غير واردة على الإطلاق".

ويمارس الداخل الإسرائيلي ضغطًا على نتنياهو لدفعه لقبول المقترح، إذ حثت عائلات الرهائن جميع الأطراف إلى القبول الفوري بالاقتراح، موجهة حديثها لرئيس الوزراء الإسرائيلي قائلة: "الوقت ينفد وربما هذه الفرصة الأخيرة لإنقاذ أرواح ذوينا".

ودعا قادة المعارضة إلى قبول المقترح، حيث عرض زعيم المعارضة يائير لابيد، دعم نتنياهو إذا تعنت شركاؤه في الحكومة من اليمين المتطرف، مضيفًا: "هناك اتفاق على الطاولة ويتعين إبرامه"، كما دعا الوزير في مجلس الحرب بيني غانتس إلى انعقاد جلسة للمجلس الحربي مع الطاقم المفاوض من أجل اتخاذ قرار في الخطوات القادمة.

ونقلت صحيفة "هآرتس" عن مسؤول أميركي قوله إن نتنياهو قد يضع العراقيل أمام الصفقة التي اقترحها بايدن، لكن رد فعله الأولي كان مشجعا، موضحة أن واشنطن متخوفة من رد فعل وزيري المالية بتسلئيل سموتريتش والأمن القومي إيتمار بن غفير بشأن الصفقة، ومن إمكانية تأثيرهما على نتنياهو.

ويرى المحلل السياسي الإسرائيلي شلومو غانور، في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، أنّ المقترح الذي عرضه بايدن يرتكز بنسبة 99 بالمئة على المقترح الإسرائيلي الذي أقره مجلس الحرب بالإجماع، وعُرض على الوسطاء كأساس للمفاوضات مع حماس.

وقال غانور إن الرئيس الأميركي وضع نتنياهو أمام "الحيرة الأكبر"، إما تفضيل الائتلاف وسدة الحكم بالاستمرار في الحرب أو قبول المقترح، مضيفًا: "علينا الانتظار لقرار نتنياهو وتبريره للقرار"، لافتًا في الوقت ذاته أن المقترح لم يطرح على هيئة مجلس الوزراء خشية معارضة أحزاب اليمين المتشدد.

واعتبر أن الداخل الإسرائيلي يقترب من نقاط حسم تاريخية، أحدها مصير المخطوفين الناتج عن مصير استمرار الحرب، ومدى شدة ردة فعل المجتمع الإسرائيلي على ما يواجهه من تحديات أخرى مثل الوضع الاقتصادي، وتعميم التجنيد، وتخطي الضغوط الدولية، مشددا على أن "اجتياز معظم هذه المحن ورسم سياسة للخروج منها قد تعد إنجازا وأملا واعدا".

وأشار المحلل السياسي الإسرائيلي إلى أنه حال فشل نتنياهو في إقناع الشعب الإسرائيلي فإن هذا من شأنه الدعوة لاتساع التذمر والمظاهرات الشعبية والمطالبة بتبكير موعد الانتخابات.

بدوره، يعتقد المحلل السياسي الإسرائيلي يوآب شتيرن، في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن خطاب نتنياهو وإعلان المقترح "لم يكن فرصة لإنقاذ نتنياهو، بل لوضع مزيد من القيود عليه، بتحجيمه في زاوية لتأكيد التزامه بالمقترح الذي هو بالأساس كان يجب أن يصدر عنه".

وأوضح شتيرن أن "بايدن أظهر حقيقة نتنياهو، لكي لا تكون هناك فجوة بين موقفه المعلن أمام الشعب وشركائه في الحكومة، وبين ما هو مطروح على الطاولة لتأكيد الوصول لهذه الصفقة"، مؤكدا أن الرئيس الأميركي ليس معنيا بإنقاذ نتنياهو من الضغوط الداخلية والخارجية التي تحيق به.

أما فيما يخص تعامل نتنياهو مع صفقة الهدنة، فأشار شتيرن إلى أن "نتنياهو سيسوق هذا المقترح كانتصار شخصي له بالإفراج عن 33 رهينة بين أحياء وقتلى"، مضيفًا: "لكن هذا لا يعني أن القصة انتهت بذلك، بل ستكون هناك عقبات في طريقه للاستمرار في الهدنة، وقد تعود إسرائيل للحرب حال فشلت المفاوضات المستقبلية".

يقرأون الآن