تستمر دولة قطر باستقبال زعامات وممثلين عن القوى والأحزاب السياسية في لبنان منذ مدة، بعيدًا عن الضجيج الاعلامي التي اعتادت عليه دول وجهات، تتحرك عربيا ودوليا للمساعدة على حل الأزمة المتفاقمة في لبنان، بدءًا من انتخاب رئيس للجمهورية وتأليف حكومة جديدة تتولى مهمات، إعادة النهوض بالدولة ومؤسساتها المشلولة وفق ما ورد في "اللواء".
ماذا يُميّز الحراك القطري عن غيره، وما هي حظوظ نجاحه؟
تنطلق قطر في مساعيها المتواصلة دون انقطاع، من علاقاتها الجيدة والمنتظمة مع الدولة اللبنانية، ومعظم الأطراف السياسيين، من دون تمييز أو تفرقة، وحرصها المتواصل على الوقوف إلى جانب لبنان، في الازمات المتعددة التي تواجه اللبنانيين، والحروب والاعتداءات الإسرائيلية التي تعرض لها طوال العقود الماضية، ومساهمتها السخية في إعادة الاعمار والاستثمار، ودعم الجيش اللبناني في مواجهة الأزمة المالية والاقتصادية الصعبة التي يواجهها لبنان منذ خمس سنوات، ماديًا ومعنويًا ليتمكن من القيام بمهماته بالحفاظ على الأمن والاستقرار والدفاع عن الوطن.
ليس هذا فحسب، بل تلعب علاقات قطر الجيدة مع الدول العربية والمتوازنة إقليميا، مع ايران والمتقدمة مع الولايات المتحدة الأميركية، دورًا مهما في تذليل العديد من العقبات والعراقيل، التي تعترض طريق حلّ الأزمة القائمة في لبنان والتوصل إلى اتفاق بين كافة الاطراف لانتخاب رئيس جديد للجمهورية في نهاية المطاف.
وتستند قطر في مساعيها إلى النجاح الذي حققته سابقا في جمع الاطراف السياسيين اللبنانيين في الدوحة، لحلّ مشكلة اجتياح "حزب الله" بسلاحه الإيراني في السابع من أيار عام ٢٠٠٨، للعاصمة بيروت، وامعانه قتلًا وترهيبًا وخرابًا فيها بحجج وذرائع مختلقة، ونجحت يومها في التوصل إلى اتفاق الدوحة، الذي جنَّب انزلاق لبنان يومها إلى حرب طائفية ومذهبية مدمرة، كادت تهدد وحدته وامنه ومستقبله.
ومنذ قيام إسرائيل بالحرب العدوانية على قطاع غزة، لعبت قطر دورًا مميزًا، واستضافت وما تزال العديد من اللقاءات العلنية والسرية، لوقف هذه الحرب الإسرائيلية الاجرامية على الشعب الفلسطيني، وقامت بكل ما يمليه عليها واجبها بتقديم الدعم المالي السخي لمساعدة الفلسطينيين في الصمود امام آلة القتل الصهيونية المنظمة، وتعرضت جراء ذلك لجملة من التهديدات والضغوط الإسرائيلية، لوقف دعمها للشعب الفلسطيني.
كل هذه العوامل، تحفز الدولة القطرية للالتقاء برؤساء وممثلي الأحزاب السياسية والكتل النيابية هذه الأيام، لتكرار تجاربها السابقة، في القيام بالمساعي والجهود المطلوبة، لجمع الاطراف السياسيين اللبنانيين المختلفين على قواسم مشتركة، لإنهاء الأزمة وحلّ مشكلة انتخاب رئيس جديد للجمهورية، تفاديًا لمزيد من الضرر اللاحق بلبنان جراء الفراغ الرئاسي، واستباقًا للتفاهمات والصفقات الاقليمية والدولية الماثلة للعيان بعد انتهاء الحرب الإسرائيلية على غزّة بحسب "اللواء".