يبدو بوضوح تام وبعيداً عن القراءات والإجتهادات أن زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى لبنان لم تعطِ ثمارها، على رغم التعويل عليها، وإن كان الأخير أكد أنه سيعود إلى بيروت وان مهمته لم تنتهِ. ووفق مصدر مطلع سيصار الى انتخاب رئيس للجمهورية تحت سقف تسوية الدوحة من خلال الدور الذي يضطلع به لودريان.
وقد توجهت السفيرة الأميركية ليزا جونسون إلى واشنطن للتشاور مع إدارة بلادها في الموضوع اللبناني لاسيما في الملف الرئاسي، الأمر الذي يشير الى أن هناك دوراً أميركياً رئاسياً مرتقباً، ربما يكون من خلال ٱموس هوكشتاين. ويرى البعض ان انتخاب الرئيس دونه عقبات وصعوبات، وعلى هذه الخلفية، فالقرار أولاً وأخيراً لواشنطن القادرة على فرض الرئيس. وينقل سياسيون لبنانيون ان هناك استياء في الأوساط الفرنسية، إذ إن باريس لطالما كانت الأم الحنون، ولها خصوصية سياسية وثقافية واجتماعية مع لبنان لا يمكن رميها من أجل أي دور آخر، في حين يرى آخرون أن "غلطة" الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كانت في زيارته إلى تل أبيب بعد عملية 7 أكتوبر مباشرة، والمزايدة على الولايات المتحدة الأميركية في دعم حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ما أدى إلى استياء عربي واسع، وعليه كانت الصفعة في لقاء لودريان مع رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد، ما يعني ان كلمة الثنائي الشيعي كانت واضحة للموفد الفرنسي، فيما القرار الأميركي يبقى الأساس في كل الاستحقاقات.
وتقول مصادر سياسية مطلعة لـــ"النهار"، إن الحقيقة الظاهرة الآن تشير الى أن الولايات المتحدة والثنائي الشيعي هما من لهما الدور والقرار الأساسي في انتخاب الرئيس، من دون إغفال الدور السعودي لجملة اعتبارات، ولا يمكن أن يأتي رئيس بمعزل عن المملكة، إضافة إلى ذلك يجب قراءة بعض المحطات التي حصلت في الأيام الماضية ويبنى عليها، وهذا أيضاً ما أشارت إليه معلومات عن ان ثمة تقاطعا أميركيا -إيرانيا-سعوديا سيؤدي إلى تسوية، وبالتالي إنتخاب رئيس، من دون إغفال سقف تسوية الدوحة التي احتضنت اللقاء الخماسي، إلى كل الإجتماعات التي حصلت من جدة إلى الرياض ولقاءات الخماسية في بيروت، وهذه المحطات التي يعول عليها تمثلت بتعيين المملكة العربية السعودية سفيراً لها في العاصمة السورية دمشق، بعد استئناف العلاقات بين البلدين، وهو السفير فيصل بن سعود المجفل، أول سفير للمملكة في سوريا بعد إغلاق سفارة المملكة في العام 2012.
من هنا، فان اللقاء الذي جمع الرئيس السوري بشار الأسد بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، على هامش قمة البحرين التي عقدت مؤخراً في المنامة، إلى مشاركة الأول في قمة جدة العربية قبل عام، كل ذلك يطرح تساؤلات: هل تعود معادلة "السين-سين" التي كان لها دور في لبنان، وتمرير كل إستحقاقاته، خصوصاً إنتخاب الرئيس؟ هنا تشير المصادر إلى أن تلك التطورات تعتبر من الأهمية بمكان في هذه المرحلة، لكن الأمور قد تكون تغيرت عن معادلة "السين- سين" ابان حقبة الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز والرئيس الأسد، والتي أنتجت تفاهمات في لبنان واستقراراً، فيما راهناً، الأمر مختلف كلياً، أي ثمة حضور لطهران بعد الحرب السورية، حيث باتت دمشق في وضع لا يساعدها على الإمساك بالورقة اللبنانية كما كانت الحال سابقاً بحسب "النهار".