تكنولوجيا

وسائط التواصل الاجتماعي تنشر التدخين التقليدي والإلكتروني بين الشباب

وسائط التواصل الاجتماعي تنشر التدخين التقليدي والإلكتروني بين الشباب

كلما زاد الوقت الذي يقضيه المستخدمون على وسائل التواصل الاجتماعي، تفاقمت خطورة تحولهم إلى مدخنين إما للسجائر العادية أو الإلكترونية لدى الأطفال والشباب. وقد أشار إلى ذلك بحث منشور على الإنترنت في "مجلة القفص الصدري" Thorax، ورد فيه أن الباحثين دقّقوا في الارتباطات بين استخدام منصات وسائل التواصل الاجتماعي وتدخين السجائر ومخاطر التدخين الإلكتروني بين الشباب. وقد غطّى البحث فترة زمنية امتدت بين عامي 2015 و2021.

ظاهرة الاستخدام المزدوج

وبحسب تقرير لوكالة "برس أسوسيشن" PA Media، ظهر هذا الارتباط واضحًا بشكل خاص عند مستويات الاستخدام الأعلى لـ"السوشيال ميديا". إذ كان الأشخاص الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي لأكثر من 7 ساعات يوميًا أكثر عرضة للتدخين بثمانية أضعاف تقريبًا من غير المستخدمين، وأكثر عرضة لتدخين السجائر الإلكترونية بأربع مرات.

وأوضح التقرير، أن تلك الخلاصة استندت إلى دراسة تفحّصت بيانات 10808 أفراد تتراوح أعمارهم بين 10 إلى 25 عامًا في المملكة المتحدة 2015-2021.

وفي تلك الدراسة، طُلب من المشاركين الإبلاغ عن استخدامهم لوسائل التواصل الاجتماعي خلال أيام الأسبوع، بالإضافة إلى تدخين السجائر ونشاط التدخين الإلكتروني. وقد أبلغ ما يزيد قليلاً عن 8.5% عن تدخين السجائر، فيما أبلغ 2.5% عن تدخين السجائر الإلكترونية حاليًا، وأبلغ ما يزيد قليلاً عن 1% عن استخدام مزدوج لنوعي السجائر.

وبالتالي، بدا أن تدخين السجائر، والتدخين الإلكتروني، والاستخدام المزدوج كانت جميعها أكثر شيوعًا بين المشاركين الأكثر استخداماً لـ"السوشيال ميديا".

وكذلك أفاد 2% من أولئك الذين قالوا إنهم لا يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي أنهم يدخنون السجائر حاليًا مقارنة بحوالى 16% ممن أفادوا أنهم أمضوا 7 ساعات أو أكثر من أيام الأسبوع في ذلك. وبالمثل، تراوحت نسبة تدخين السجائر الإلكترونية بين أقل من 1% في أوساط غير مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي إلى 2.5% بين أولئك الذين يقضون 7 ساعات أو أكثر عليها كل يوم من أيام الأسبوع.

عناصر أخرى في تدخين الشباب؟

واستكمالاً، جاءت النتائج مستقلة عن العوامل الأخرى المرتبطة بزيادة خطر التدخين واستخدام السجائر الإلكترونية، بما في ذلك العمر والجنس ودخل الأسرة وتدخين الوالدين.

وحينما جرى تقسيم التحليل وفق الجنس ودخل الأسرة، ظهرت ارتباطات مماثلة للتدخين، ولكن ليس للتدخين الإلكتروني. إذ بدا أن الذكور وأولئك الذين تقلّ أعمارهم عن السن القانونية الذين يمكنهم من شراء السجائر، والذين ينتمون إلى أسر ذات دخل أعلى، أكثر عرضة للتدخين الإلكتروني.

هذه دراسة رصدية، وعلى هذا النحو لا يمكن استخلاص أي استنتاجات قاطعة حول العوامل السببية. ويقرّ الباحثون أيضًا بأن الدراسة اعتمدت على بيانات تمّ الإبلاغ عنها ذاتيًا، وأنه لم يكن لديهم أي معلومات عن منصات التواصل الاجتماعي المستخدمة أو كيفية استخدامها.

وفي المقابل، قدّم الباحثون بعض التفسيرات للنتائج التي توصلوا إليها.

وكتب الباحثون: "أولاً وبشكل أكثر وضوحًا، هناك أدلة على أن الشركات التي تقف وراء تدخين السجائر والأبخرة [التدخين الإلكتروني] تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي للإعلان عن منتجاتها والترويج لها. ويشمل ذلك الإعلانات المباشرة التي يجري توجيهها عبر خوارزميات متخصصة، ودفع أموال للمؤثرين على "السوشيال ميديا" الذين يقدّمون التدخين والسجائر الإلكترونية كنشاط عصري ومرغوب فيه. ومن المرجح أن يؤدي قضاء المزيد من الوقت على وسائل التواصل الاجتماعي إلى زيادة التعرّض لهذه الأشكال من التأثير".

ويضيف الباحثون: "ثانيًا، تبين أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي له سمات مشتركة مع السلوك الإدماني الذي يبحث عن المكافأة. وقد يؤدي الاستخدام المرتفع لوسائل التواصل الاجتماعي إلى زيادة التعرّض لسلوكيات إدمانية أخرى مثل التدخين".

وبحسب الباحثون أنفسهم، "ثالثًا، باعتبارها مساحة لا تخضع لرقابة الآباء ومقدّمي الرعاية إلى حدّ كبير، فإن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي قد يشجع السلوكيات المخالفة، بما في ذلك تدخين السجائر والتدخين الإلكتروني".

وخلص الباحثون إلى أن الشركات التي تمتلك منصات وسائل التواصل الاجتماعي لديها سلطة كبيرة لتعديل عرض المواد التي تروج للتدخين والسجائر الإلكترونية إذا اختارت ذلك أو اضطرت لذلك.

ويبدو من غير المرجح أن تستجيب الشركات المالكة لمنصات "السوشيال ميديا" إلى الدعوات للحدّ من الإعلانات عن التدخين بأشكاله المختلفة.

وكذلك ينبغي اعتبار التشريعات حول هذا الأمر وغيره جزءًا أساسيًا من السلامة عبر الإنترنت وحماية الطفل، وبالتالي ثمّة حاجة إلى مزيد من البحوث والحلول الحكومية لمعالجة مسألة التسويق المباشر وغير المباشر لهذه العناصر عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ويجب أن تدرس الأبحاث المستقبلية منصات محدّدة لوسائل التواصل الاجتماعي وتأثيرها على الصحة العقلية.

يقرأون الآن