أنهى منتخب إسبانيا الجولة الأولى من أمم أوروبا بالفوز على كرواتيا بثلاثة أهداف للا شيء ليكون منتخب دي لا فوينتي قد نجح بتسجيل 16 هدفاً بآخر 4 مباريات أي بمعدل 4 أهداف في المباراة الواحدة وهو رقم مرتفع جداً خاصة بالنسبة لمنتخب يرى الكثيرون أنه ليس من الأجيال المميزة للاروخا.
في 2010 حين فاز الإسبان بكأس العالم مع الجيل الذهبي لم يكن المنتخب يسجل عدد أهداف كبير واكتفوا بتسجيل 8 أهداف فقط خلال 7 مباريات بالبطولة لكن شباكهم اهتزت مرتين فقط ولم تهتز أبداً طوال الأدوار الإقصائية، بالوقت الذي يبدو فيه أن الجيل الحالي قادر على تقديم مستوى مرتفع من الحسم بالأمام وتسجيل عدد عالٍ من الأهداف.
ولو عدنا لوضعية إسبانيا في مونديال 2022 فإن ملامح المنتخب حينها لم تكُن توحي بقدرة هذا الجيل على خلق المتعة، بل تم اتهام الجيل الحالي بالملل من كثرة لعب التمريرات وقلة خلق الخطورة استمراراً لما حدث مع جيل 2018 والذي هزأت منه "ماركا" بعد خسارته بركلات الترجيح من روسيا وقالت أن كوكي سأل الحكم إذا ما كان بإمكانه تمرير ركلة الترجيح بدلاً من تسديدها بعد قيام المنتخب بـ1008 تمريرة صحيحة خلال المباراة مقابل تسجيل هدف واحد وعدم تمكنه من حسم المباراة.
على الرغم من استقدام مدرب عمل مع الفئات العمرية للمنتخب إلا أن لويس دي لا فوينتي لم يكُن متشرباً لمشاكل المدربين الذين تولوا مسؤولية المنتخب بالسنوات الأخيرة ويبدو أي دي لا فوينتي قد استثمر معرفته باللاعبين من عمر صغير لأقصى حد، فصاحب الـ62 عاماً عمل مدرباً لمنتخبات الفئات العمرية لإسبانيا منذ 2013 حيث درب منتخب \تحت 19 عاماً\ لخمس سنوات ثم منتخب \تحت 21 عاماً\ لأربع سنوات ومن بينها عاماً مع منتخب \تحت 23 عاماً\ أيضاً.
خلال هذه السنوات فاز المدرب بأمم أوروبا \تحت 19 عاماً\ سنة 2015، ومع \تحت 21 عاماً\ سنة 2019 ثم حصل على فضية أولمبياد 2020 لكن اللقب الأهم والظهور الأكبر كان فوزه بدوري الأمم الأوروبية بعد شهور قليلة من توليه تدريب المنتخب خلفاً للويس إنريكي ومنذ ذلك الحين بدأ شكل المنتخب يتغير.
صحيح أن الإسبان لم يتخلوا عن عاداتهم بالاستحواذ لكن المنتخب أصبح أكثر قدرة على التسجيل والحسم، وضد كرواتيا سجل الفريق 3 أهداف مختلفة، الأول من بينية، والثاني من مهارة فردية، والثالث من عرضية تابعها كارفخال ليكون المنتخب قد سجل 3 أهداف من 11 تسديدة ومن نسبة استحواذ 44% خلال الشوط الأول الذي سجل فيه الإسبان ثلاثيتهم مؤكدين أن الاستحواذ لم يعد يمثل كل شيء بالنسبة للإسبان.
خيارات دي لا فوينتي كانت مغايرة لحد كبير عن المرحلة الماضية، ناتشو أصبح قلب الدفاع الأساسي وكارفخال الذي استُبعد لفترة جيدة عن المنتخب عاد أساسياً، والتنوع بالخيارات أصبح أكبر مع تألق لامين جمال الذي أصبح أصغر لاعب يشارك في أمم أوروبا، وأصغر لاعب يصنع هدفاً بالبطولة.
دون امتلاك أسماء بحجم تشافي وإنييستا وراموس وكاسياس وفيا وألونسو والجيل الذهبي، يبدو أن الجيل الحالي قادر بجماعيته ولعبه المباشر أن يصنع التميز لإسبانيا ووضعها بين أكبر المرشحين باللقب رغم أن القيمة السوقية للاعبي المنتخب الحالي هي 965 مليون يورو أي أقل بحوالي 300 مليون يورو من فرنسا و600 مليون يورو عن إنكلترا.