العراق

العراق.. فساد مراكز الشرطة يغذي النزاعات العشائرية

العراق.. فساد مراكز الشرطة يغذي النزاعات العشائرية

يستمر مسلسل النزاعات العشائرية المسلحة والتي تتركز في وسط وجنوب العراق، وكان آخرها نزاع عشائري مسلح في ناحية الحيدرية ضمن محافظة النجف أدى إلى مقتل شخصين وإصابة عشرات آخرين بينهم اثنين من عناصر القوات الأمنية، فيما احترقت 3 منازل، وقد تمت استهداف عناصر الدفاع المدني التي كانت تحاول إطفاء الحرائق فيها لكي تنسحب من موقع الحادث ولكنها استطاعت إخماد الحرائق قبل أن تتوسع بشكل أكبر.

العلاقة التاريخية

العشائر العراقية تشكل جزءاً هاماً من الهوية الاجتماعية والثقافية في العراق. تُعتبر العشائر تنظيمات اجتماعية تعتمد على القبلية والعائلية، حيث تتكون من مجموعات كبيرة من الأسر المترابطة تحت سلطة واحدة لزعيم عشيري. تلعب العشائر دوراً مهماً في تنظيم الحياة المجتمعية والسياسية والاقتصادية في المجتمعات العراقية التقليدية، وكانت لها تأثير كبير في تاريخ العراق الحديث.

عادةً ما تكون العشائر قائمة على التضامن الاجتماعي والدعم المتبادل بين أفرادها، وتُعزز الولاءات العشائرية الشديدة التي قد تتفوق أحياناً على الولاءات الوطنية. يمكن أن تؤدي العشائر دوراً إيجابياً في تعزيز الاستقرار وحل النزاعات في المجتمعات العراقية، ولكن في بعض الأحيان قد تشكل تحديات أمنية أو سياسية عندما تتصادم مع السلطات المركزية أو تستخدم لأغراض سياسية أو عسكرية.

من الجدير بالذكر أن العشائر العراقية لها تاريخ طويل ومتشعب، وتختلف تنظيماتها وأساليبها باختلاف المناطق داخل العراق.

تحديات أمنية

ويرى خبير أمني أن الفساد الذي تعاني منه مراكز الشرطة وطلب الرشاوى المالية مقابل المضي بالشكوى التي يقدمها المواطن، دفع المواطنين إلى تفضيل واختيار شيخ العشيرة من أجل تقديم الشكوى إليه ليقوم هو بحل المشاكل والنزاعات بعيداً عن القانون ومؤسسات الدولة، فيما يعتقد خبير قانوني بأن تطبيق القانون يحقق الردع والعدالة الاجتماعية وإنفاذ القانون يعد أهم واجبات جهات إنفاذ القانون لافتاً إلى أن الأعراف العشائرية والفساد الإداري والمالي وحاجة عدة قوانين للتحديث والتطوير لتواكب التغيرات في الواقع العراقي يعرقل ذلك.

استهتار بالقانون والدولة

يقول الخبير الأمني جليل خلف إن "النزاعات العشائرية تدل على استهتار بعض العشائر بالقانون وبالدولة، وهي تستخدم السلاح بشكل واسع وعلني بما في ذلك الأسلحة المتوسطة والثقيلة دون خوف أو حساب وجود متابعة وإنفاذ للقانون لمن يخالفه، ويهدد السلم المجتمعي ويبث الرعب في قلوب المواطنين بين فترة وأخرى".

ويرى خلف، أن "الدولة عاجزة من أن تحد من هذه الظاهرة المتصاعدة من قبل بعض العشائر، ونحن أيضاً نحمل المسؤولية ونلقي اللوم على بعض رؤساء العشائر، ونحن أيضاً نشير إلى أن المواطن لا يذهب للشكوى في مراكز الشرطة ويفضل الذهاب للعشائر لكون المواطن سوف تطلب منه الرشوة وسوف تسحب أموال كثيرة من المشتكي والمشتكى عليه على حد سواء بمقابل المضي أو تعطيل الإجراءات القانونية".

ويعتقد الخبير الأمني، أن "المواطن لا يلجأ لمراكز الشرطة لكونه يعلم أنه سوف يخسر أكثر مما يربح وستطول جداً فترة حسم القضية وتطول قائمة الطلبات والمتطلبات والكثير من الأمور تدفع المواطن لعدم اختيار مركز الشرطة لأخذ حقه بل يتوجه لشيخ العشيرة، ونحن نتأمل من وزير الداخلية معالجة هذه المسألة والتي سوف تحد كثيراً من النزاعات العشائرية".

‏‎وكانت وسائل إعلام محلية قد نقلت أن نزاعا عشائريا قد اندلع صباح الأربعاء الماضي بين عشيرتين في ناحية الحيدرية شمالي النجف، واستخدمت فيه الأسلحة المتوسطة، وأدى إلى مقتل شخصين، قبل أن تتحرك قوة أمنية كبيرة لفرض السيطرة عليه، والتحقيق في أسباب اندلاعه.

‏‎وذكرت أن نزاع الحيدرية، نتج عنه حرق 3 منازل تابعة للعشيرة التي تسبب بقتل أحد أفراد الطرف الثاني، وأن أفراد الدفاع المدني نجوا من محاولة اغتيال، بعدما تعرضوا لإطلاق نار نتيجة محاولتهم إخماد نيران المنازل المحترقة، ‏‎مشيرة إلى أن النزاع نتج عنه أيضاً إصابة عنصرين أمنيين أثناء محاولة فض النزاع العشائري.

انتشار السلاح

وتنتشر في عموم العراق الذي يبلغ عدد سكانه 40 مليون نسمة، منهم 40 في المئة دون الـ14 عاما، حوالى 7,6 مليون قطعة سلاح خفيف، وفقا لمسح أجري عام 2017، فيما قد يكون عدد الأسلحة غير المعلن عنها أكبر بكثير.

‏‎ولا تقتصر أسلحة العشائر على الرشاشات الخفيفة، فهي تملك صواريخ ومدافع رشاشة وعجلات مدرعة وأسلحة أخرى ثقيلة تستخدم أحيانا خلال القتال العشائري، ويؤدي ذلك إلى وقوع نزاعات طويلة الأمد أحياناً قد تدوم سنوات.

وتُعتبر النزاعات العشائرية في مناطق جنوب العراق ووسطه، إحدى أبرز المشاكل الأمنية التي تعاني منها تلك المناطق، إذ تحصل من وقت لآخر مواجهات مسلحة تُوقع قتلى وجرحى بين عشائر مختلفة، لأسباب يتعلق أغلبها بمشاكل الأراضي الزراعية والحصص المائية، يُستخدم فيها أحياناً سلاح متوسط وقذائف هاون، والقذائف الصاروخية المحمولة على الكتف.

يقرأون الآن