رغم التهديدات الإسرائيلية المتكررة ضد لبنان، واستعداد اسرائيل لعمل عسكري محتمل على الجبهة اللبنانية، برز الكثير من المواقف المتناقضة حول توقيت الهجوم لدى قادة العدو وتخيير لبنان بين الحل الدبلوماسي أو الذهاب إلى الخيار العسكري.
في هذا السياق، لفت الموقف الذي أعلنه وزير الحرب في حكومة بنيامين نتنياهو ومفاده أن الجيش الإسرائيلي مُنهَك وهو يحتاج إلى ما يقارب السنتين من الراحة وإعادة تقييم تداعيات الحرب على غزة والخسائر البشرية التي مني بها، وقوله إن الجيش الإسرائيلي بحاجة إلى تعيين عشرة آلاف جندي لضبط الأمن في الداخل الإسرائيلي قبل التفكير بشن أي هجوم ضد لبنان.
مصادر مقرّبة من حزب الله أشارت عبر جريدة "الأنباء" الالكترونية إلى أن أفضل حل لخفض التصعيد جنوباً يكون من خلال تطبيق القرار 1701 الذي يحفظ حقوق الجميع، أما القول بانسحاب حزب الله مسافة 8 كيلمترات باتجاه الشمال، فيعني انسحاب اسرائيل الى الداخل المسافة نفسها، وإلا لا تسوية.
المصادر نفسها دعت إلى عدم الأخذ بالتهويل الإسرائيلي بالحرب، مؤكدةً أن حزب الله ضد توسيع الحرب، وإذا كانت اسرائيل مستعجلة لإعادة النازحين الإسرائيليين إلى قراهم ومستعمراتهم في الشمال فعليها وقف الحرب في غزة والسماح بدخول المساعدات الغذائية والانسانية الى الفلسطينيين.
توازياً، تتجه الانظار الى اللقاء المرتقب في باريس، غداً الأربعاء، بين مساعد الرئيس الأميركي لشؤون الشرق الاوسط آموس هوكشتاين والموفد الفرنسي جان ايف لودريان، حيث سيُبحَث بالملفات اللبنانية على المستويين الرئاسي كما الميداني الحدودي.
مصادر متابعة ربطت عبر جريدة "الأنباء" الالكترونية هذا اللقاء بالإتصالات التي تقوم بها اللجنة الخماسية بعيداً عن الاعلام لإعادة تحريك الملف الرئاسي وإمكانية إحداث خرق ما في جدار الأزمة الرئاسية بعد تعثر الوصول الى تفاهم حول هذا الموضوع.
المصادر رأت أن على هوكشتاين أن ينزع فتيل الحرب الشاملة وإبلاغ العدو الاسرائيلي بأن هذا الأمر سيشعل المنطقة بأسرها بدءاً من لبنان مروراً بسوريا والعراق وصولاً الى ايران واليمن وغيرها من الدول ما قد ينذر بحرب إقليمية واسعة، متسائلة عن الأجوبة التي سمعها في تل أبيب ومدى قدرته فعلاً على ضبط الجنون الاسرائيلي عن القيام بأي مغامرة.
من جهته، اعتبر النائب الياس جرادي في حديث لجريدة الأنباء الالكترونية أن الأمور بشكل عام اتجهت إلى الحلول السياسية، ولكن ليس عن طريق التسريع فيها لأنها قد تستغرق وقتاً.
ولفت جرادي إلى "حظوظ عالية تصبّ في هذا المنحى وقد رأينا كيف ان العدو خفض من نبرته العالية وأصبح لديه نوعاً من التواضع وذلك بفضل قوة الردع التي فرضتها المقاومة وما تظهره من مقدرات".
ورأى جرادي أن التصعيد الذي جرى في الأسبوعين الماضيين كان مدروساً من قبل المقاومة وقد أعطى مفعوله، يضاف الى ذلك تأزم الوضع العسكري داخل اسرائيل وما أرسته المعارك والمجازر التي ارتكبت من قبل العدو في غزة وما قام به من أعمال بربرية ووحشية، حيث بدأنا نلمس التحوّل الكبير لدى الرأي العام العالمي حيال الجرائم التي ارتكبت في غزة. وكنا قد نبهنا منها من البداية". وأشار جرادي الى قراءة موضوعية وإنسانية على مستوى العالم بإدانة ما جرى في غزة. وأن الحل سيكون غير ذلك الذي تحاول أن تفرضه إسرائيل، فهي لم تحقق أي انتصار بفضل الضغط الذي مورس من قبل المقاومة وأرسى معادلات مهمة في الميدان وكان بمثابة رسالة واضحة للقاصي والداني.
وتمنى جرادي أن تسير الأمور في هذا الاتجاه وأن ينزل العدو عن الشجرة وأن يكون الاتجاه نحو حلول مستدامة، وهذا ما فرضته قواعد الميدان.
وعليه، فإن المشهد جنوباً لا زال يتحكم بالوضع السياسي العام في لبنان، ويمكن الجزم بأن كل الملفات ستبقى رهن الميدان ولن تكون المخارج متوفرة قبل توقّف المدفع بحسب الانباء الالكترونية.