سلطت تحركات جديدة لعضو في مجلس النواب الأميركي ضد مجلس القضاء الأعلى في العراق الضوء على شخصية قضائية أثارت جدلا واسعا خلال ترؤسها السلطة القاضية في العراق.
وقال النائب الأميركي، مايك والتز، عبر منصة "أكس" للتواصل الاجتماعي، إن رئيس مجلس القضاء الأعلى العراقي، فائق زيدان، "يقع في قلب مؤامرة إيران لتحويل العراق إلى دولة عميلة".
في المقابل، رفضت بغداد تلك التصريحات واعتبرتها "تدخلا سافرا في الشأن العراقي". وقالت وزارة الخارجية العراقية في بيان، إن "محاولة التأثير على السلطة القضائية هو مساس بأهم مقومات كيان الدولة".
ولم تتطرق الخارجية العراقية في بيانها لإيران، لكنها رفضت تصريحات النائب الأميركي التي تحمل "مساسا بشخص رئيس مجلس القضاء القاضي فائق زيدان وبالحقوق الأساسية للدولة العراقية، والتي يمثل فيها القضاء الضامن الأساسي للحقوق والحريات".
وكان موقع "واشنطن فري بيكون" نشر تقريرا مفاده بأن النائب الجمهوري والتز، وهو عضو لجنتي القوات المسلحة والشؤون الخارجية بمجلس النواب، سيقدم تعديلا على مشروع قانون من شأنه اعتبار مجلس القضاء الأعلى العراقي ورئيسه "كأصول تسيطر عليها إيران".
وبحسب الموقع، فإن هذا "إجراء تاريخي من شأنه أن يفضح زعيما عراقيا بارزا ويشعره بالعار كونه أداة للنفوذ الإيراني" في العراق.
وقال والتز ومصادر في الكونغرس تعمل على هذه القضية للموقع ذاته، إن هذا الجهد هو "خطوة أولى نحو عزل الأصول الإيرانية في الحكومة العراقية وكبح النفوذ المتزايد" لطهران.
لإيران نفوذ في العراق من خلال علاقاتها بأطراف سياسية، مثل "الإطار التنسيقي" الذي هو تحالف سياسي من أحزاب موالية لإيران، ومن خلال دعمها فصائل ومليشيات مسلحة داخل الأراضي العراقية.
من هو فائق زيدان؟
ويشغل زيدان البالغ من العمر 57 عاما منصب رئيس مجلس القضاء الأعلى منذ كانون الثاني/يناير عام 2017، وهو أيضا رئيس محكمة التمييز العراقية.
وبعد دراساته العليا في مجال القانون، عمل محاميا في العراق خلال التسعينيات، قبل أن يعين قاضيا في محكمة بغداد، وفقا لمجلة "حمورابي" التي تصدرها جمعية القضاء العراقي.
وعمل زيدان في المحاكم المدنية والمحاكم الجنائية في بغداد منذ 1999 لغاية عام 2005، قبل أن يصبح رئيسا لمحكمة التحقيق المركزية المختصة بمكافحة الإرهاب والجرائم المهمة حتى 2012.
وفي ذلك العام، عين في المحكمة الاتحادية العليا في العراق ثم في 2014 نائبا لرئيس محكمة التمييز، والتي أصبح رئيسها عام 2016، قبل عام واحد من توليه رئاسة مجلس القضاء الأعلى إثر صدور قانون بتعيين رئيس محكمة التمييز لمجلس القضاء الأعلى.
وبحسب شبكة "فوكس نيوز"، فإن زيدان هو القاضي المسؤول عن إصدار مذكرة اعتقال بحق الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، بسبب الغارة التي نفذتها الولايات المتحدة وأودت بحياة قائد فيلق القدس السابق، قاسم سليماني، ونائب رئيس الحشد الشعبي السابق، أبو مهدي المهندس، في يناير من عام 2020.
وكان مجلس القضاء الأعلى في العراق أصدر عام 2021 مذكرة اعتقال بحق ترامب بتهمة القتل العمد مع سبق الإصرار، والتي يعاقب عليها بالإعدام عند الإدانة.
وفي عام 2022، عندما كان العراق يعيش أزمة سياسية بين التيار الصدري و"الإطار التنسيقي" حول من يجب أن يتولى منصب رئيس الوزراء، كتب الزميل البارز بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، مايكل نايتس، أن "الإطار التنسيقي نفذ انقلابا قضائيا في أوائل 2022، بالشراكة مع قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قآني ورئيس مجلس القضائي الأعلى فائق زيدان".
وقال إن زيدان وقآني التقيا بمنزل رئيس الوزراء الأسبق، نوري المالكي، في يناير 2022 "وتلقى زيدان عندها تعليمات من المالكي والجنرال الإيراني".
وأضاف: "تضمن الانقلاب القضائي الحالي إصدار تعليمات لرئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان بتسهيل سلسلة من الأحكام في المحكمة الاتحادية العليا التابعة له، تم طرحها في تتابع سريع في أوائل العام 2022. والأهم من ذلك، ألغت المحكمة الاتحادية العليا عمليا خيار تعيين رئيس (البرلمان) بالأغلبية البسيطة إذا فشلت جهود تحقيق أغلبية الثلثين.
وبذلك، أطاح الإطار التنسيقي فعليا بجهود مقتدى الصدر الرامية إلى تشكيل حكومة أغلبية من 165 مقعدا بمشاركة الفصائل العربية السنية والكردية".
"آفاق جديدة للنفوذ"
في تصريح لشبكة "فوكس نيوز" الأميركية، قال نايتس، وهو باحث متخصص في الشؤون العسكرية والأمنية للعراق وإيران ودول الخليج، إن زيدان "قاض ... قوي مثل رئيس وزراء العراق. كما أنه غير منتخب ومنصب من قبل إيران وليس له مدة محددة".
ومطلع العام 2023، نقلت وسائل إعلام محلية في العراق عن زيدان قوله إن عملية اغتيال سليماني والمهندس كانت "جريمة غادرة ليس لها أساس قانوني".
وفي كلمة بمناسبة الذكرى الثالثة لمقتلهما، اعتبر زيدان أن "استشهاد قادة النصر خسارة كبيرة لن تعوض"، مضيفا أن "مسؤولية القضاء في محاسبة من ارتكب الجريمة مضاعفة".