لم يدم انحسار المواجهات العنيفة في جنوب لبنان طويلاً، إذ عادت إسرائيل أمس إلى تكثيف عمليات استهداف واغتيال مقاتلين وكوادر وعناصر في صفوف حزب الله كما في صفوف الجماعة الإسلامية، فيما اكتسب رد الحزب طابع رفع وتيرة القصف الصاروخي واستخدام صواريخ ثقيلة. ومع أن جولة العنف الأخيرة لا تكتسب أي دلالات خاصة وتأتي امتداداً للمناخ المشدود الذي يسبق زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لواشنطن ، فإن المخاوف لم تتراجع بإزاء الشحن الخطير الذي يواكب المواجهات الميدانية واستعار السباق الحاد بين التصعيد الميداني والجهود الديبلوماسية لمنع اشتعال حرب كبيرة وفق ما ورد في "النهار".
ولكن اللافت في الأمر أن واشنطن وقبيل استقبالها نتنياهو مضت في الضغط لمنع اتساع التصعيد واستبعدت الحرب الشاملة، إذ أعلن البيت الأبيض أنه لا يرى أي مؤشرات على حرب شاملة على حدود لبنان وإسرائيل.
وإذ واصل وزير الخارجية عبد الله بو حبيب أمس لقاءات كثيفة مع وزراء خارجية دول عدة على هامش مشاركته في مناقشة مجلس الأمن الدولي للوضع في الشرق الأوسط، بدت الحكومة في مشهد مختلف داخلياً مع بروز التباينات الداخلية ضمن مكوّنات الحكومة نفسها حيال ملفات دقيقة تتصل بالجيش، إذ إن انعقاد جلسة مجلس الوزراء التي وافقت على طلب وزير الدفاع في شأن تسوية المدرسة الحربية لم يكفل حجب التباينات القائمة بين مكوّنات الحكومة بما دفع إلى الواجهة مصير الاهتراء الذي صار متفشياً في هيكل المؤسسات الدستورية، وداخل الحكومة جراء طول أمد أزمة الفراغ الرئاسي والانسداد السياسي الحاد الذي يتحكم بالأزمة الداخلية.
أما الوضع الميداني، فاتسم أمس بكثافة عمليات الاستهداف التي قامت بها المسيّرات الإسرائيلية إذ قتل بنتيجتها القيادي في الجماعة الإسلامية أبو محمود محمد جبارة جراء غارة في منطقة غزة في البقاع الغربي. وكانت مسيّرة إسرائيلية، أغارت على سيارة جبارة على طريق البلدة، ما أدّى إلى اشتعالها. واستهدفت غارة اسرائيلية أخرى منطقة مفتوحة في الجبل فوق بلدة عين التينة في البقاع الغربي. وفي موازاة ذلك على الجبهة الجنوبية أغار الطيران المسيّر الاسرائيلي على سيارة رابيد في بلدة جبال البطم في قضاء صور واستهدف عنصراً من حزب الله هو حسن علي مهنا أبو هادي من بلدة جبال البطم الذي نعاه الحزب.
وقام الجيش الإسرائيلي بعملية تمشيط بالأسلحة الرشاشة باتجاه بلدة الوزاني. واستهدف بلدة شيحين بصاروخ موجّه. كما استهدف القصف المدفعي المتقطع، بلدة عيتا الشعب. واغار الطيران المسيّرعلى غرفة غير مأهولة اندلعت فيها النيران في وادي العزية، اطراف بلدة زبقين وتوجهت فرق الاطفاء الى المكان. وشن غارة ثانية استهدفت المنطقة الواقعة ما بين ياطر وزبقين. وتسبب الدوي الهائل الناتج عن خرق الطيران الحربي الاسرائيلي لجدار الصوت وعلى دفعتين ظهرا في اجواء منطقة النبطية بانهيار جزء من سقف منزل في حي فريدي في بلدة كفرتبنيت، ونجت العائلة بأعجوبة.
في المقابل، أعلن حزب الله أنه قصف التجهيزات التجسسية في موقع حدب يارين بالأسلحة المناسبة ما أدى إلى تدميرها. وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية مساء عن اطلاق نحو 20 صاروخ “بركان” من جنوب لبنان في اتجاه شمال إسرائيل. وأعلن الحزب مساءً أنه ردا على الاعتداءات والاغتيالات التي نفذتها إسرائيل في بلدتي غزة وجبال البطم شن هجوماً جوياً بسرب من المسيّرات الانقضاضية على قاعدة فيلون مقر ألوية الفرقة 210 ومخازنها في المنطقة الشمالية، جنوب شرق مدينة صفد واستهدف أماكن تموضع واستقرار ضباطها وجنودها بحسب "النهار".