يبدو بعض قادة الحزب الديمقراطى وكأنهم أفاقوا فجأة من غيبوبة أصابتهم لوقتٍ طويل. قلقون هم، وخائف بعضُهم، بسبب تلعثم مرشحهم جو بايدن وارتباكه فى بعض فترات مناظرة 27 حزيران/يونيو، كما لو أنهم لم يشاهدوا مثل ذلك وأكثر منه فى مناسبات سابقة. عددُ ممن يدعون الآن إلى استبدال مرشحٍ آخر به كانوا من أشد مؤيديه قبل المناظرة. وشارك بعضُهم مُتحمسين فى حفلات جمع التبرعات لحملته.
ومثلما لا يُفسرُ أى منهم لماذا لم يدرك مبكرًا ما يعتبره الآن كارثة انتخابية، لم نجد لديهم بعد جوابًا شافيًا عن سؤال يُفترض أنه منطقى جدًا: إذا كانت خسارةُ بايدن باتت مرجحة فى اعتقادهم، فهل يضمنون أن تكون حظوظُ بديله أفضل، وهل يكفى الوقت القصير الباقى قبل موعد الانتخابات لخوض حملة جديدة؟
صحيح أن ضعف قدرة بايدن الذهنية والبدنية عامل مؤثر، ولكننا لا نعرف بدقة مدى الأثر الذى سيترتب عليه مقارنة بمؤثرات متعددة قد يكون بعضها أكثر أهمية. فإذا كان بايدن خسر مثلا ناخبين فى بعض الولايات بسبب مشاركة إدارته فى العدوان على غزة، فما الفرق الذى سيُحدثه اختيار مرشحٍ بديل يتبنى المواقف نفسها؟
وقل مثل ذلك عن الناخبين الذين يعطون أولوية للوضع الاقتصادى والاجتماعى. فهل لدى مرشح بديل مجهول حتى الآن وصفة لخفض مستوى التضخم من أكثر من 8% الآن إلى 2 أو حتى 3% فى شهرين أو ثلاثة؟ وقس على ذلك فى مختلف القضايا الانتخابية، إذ لا يُتصور أن يأتى مرشح بديل بجديد موضوعى. فإن قبِل بايدن التنحى تحت الضغط المتزايد عليه، فسيكون جديدُ المرشح البديل "محض شكلى"، وأثره مقصورا على ناخبين قد تُقلقُهم حالة بايدن الذهنية والبدنية بغض النظر عن أى اعتبار آخر.
وإذا أضفنا إلى ذلك توقف الحملة الانتخابية طوال الفترة بين إعلان بايدن تنحيه وانتخاب مرشح بديل، واحتمال حدوث فوضى فى صفوف الديمقراطيين خلالها، يبدو أن استبداله قد ينطوى على مخاطرة غير محسوبة، مثلما لم يحسب من يدفعون باتجاهها حساب عمر بايدن وحالته الصحية منذ البداية.