على الرغم من تدخلهما العسكري لصالح الجيش السوري خلال سنوات الحرب الطويلة بهدف واحد مشترك، إلا أن روسيا وإيران تحاولان فرض نفوذهما بطرقٍ شتى غير عسكرية في البلاد.
كيف تعمل موسكو وطهران على تمكين وجودهما على الأرض؟
تحاول كلتا الدولتين تكثيف استخدام ما يعرف بالقوة الناعمة في سوريا من خلال عدة قطاعاتٍ.
ففي محافظة حلب الواقعة شمال البلاد تتعدد المراكز الإيرانية التعليمية والخدمية والدينية.
ووفق معلومات حصلت عليها "العربية.نت" يقدّر عددها بـ 20 مركزاً موزّعين في كامل المحافظة التي تعد ثاني أكبر المحافظات السورية.
وتتواجد هذه المراكز في الأحياء الشعبية الفقيرة التي تقع في حلب الشرقية، حيث تعود فكرة إنشائها إلى مسؤول إيراني كان يعمل في قنصلية بلاده في حلب في العام 2016.
وإلى جانب تقديم هذه المراكز لخدمات تعليمية للطلبة، وصل الأمر إلى تقديم الطعام أيضاً، إذ كشفت مصادر "العربية.نت" عن مطعم إيراني في منطقة الليرمون بحلب يقدّم الطعام للطلاب والمدرسين ويشرف عليه رجل إيراني الجنسية.
في هذا السياق، أشار وجدان عبدالرحمن، المحلل السياسي المختص بالشؤون الإيرانية إلى أن التنافس الروسي ـ الإيراني لا يعد جديداً، فكلا الطرفين يتنافسان منذ سنوات رغم أنهما تقبّلا التباين في المواقف فيما بينهما.
ولفت إلى أن موسكو وطهران تبحثان عن مصالحهما في سوريا وتعملان بشكلٍ مشترك فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا، لكنهما تختلفان في سوريا.
وأضاف عبدالرحمن لـ"العربية.نت" أن المشكلة في التنافس بين الجانبين الروسي والإيراني سوف تتفاقم عندما يستقر وضع الحكومة السورية، فهي تميل لروسيا أكثر من إيران لاسيما أن العلاقة بين دمشق وطهران قد تتأثر بالاتهامات الموجهة للمخابرات السورية بالتورط في تقديم معلومات عن مصالح إيرانية للجانب الإسرائيلي، في إشارة منه إلى استهداف إسرائيل لقادة إيرانيين في سوريا مؤخراً.
أما النشاط الروسي فهو متزامن تماما مع نظيره الإيراني، لكن في مناطق أخرى من المدينة.
ووفق مصدر سوري مطلع لا تدخل روسيا إلى المناطق الفقيرة، بل تتواجد في الأحياء الغنية من حلب كالفرقان وحلب الجديدة وشارع النيل.
وبحسب مصادر "العربية.نت" يحاول الروس التأثير على المجتمع الحلبي من خلال اللغة الروسية على عكس إيران التي تحاول تثبيت حضورها من خلال مشاريع تعليمية تحمل أهدافا دينية.
ماذا عن الأجهزة الأمنية؟
يشار إلى أن التنافس بين الجانبين الروسي والإيراني كان وصل في حلب حد الأجهزة الأمنية. ويقال إن العديد من المؤسسات الأمنية باتت تؤيد روسيا، وأخرى تميل لإيران.
رغم ذلك، يحاول الطرفان كسب ود أهالي حلب من خلال مساعدتهما الإنسانية.
فالجانب الروسي على سبيل المثال قام ببناء مشفى بعد زلزال شباط/فبراير من العام 2023. فيما تقدّم إيران السلات الغذائية في أحياء حلب الفقيرة بين الحين والآخر، وفق ما ذكرت مصادر من المدينة.