منذ تفتحت أعيننا كانت القضية الفلسطينية تعنى عمليا قيام دولة فلسطينية مستقلة. فى البداية بعد حرب 1948 كانت الدولة المطلوبة مرفوضة استنادا إلى قرار التقسيم، كانت الضفة الغربية وقطاع غزة تحت السيطرة العربية، بينما قامت دولة إسرائيل متسعة عما كان فى القرار. حرب حزيران/ يونيو 1967 أقامت من إسرائيل دولة من نهر الأردن وحتى البحر المتوسط، باختصار على كامل التراب الفلسطيني. حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973، والانتفاضة الفلسطينية الأولى 1987، ومع نتائج حرب تحرير الكويت فتحت الأبواب لإمكانية قيام سلطة وطنية فلسطينية لأول مرة فى التاريخ على الأرض الفلسطينية.
كان ذلك هو ما شرعته اتفاقات أوسلو التى سلمت بأن الضفة والقطاع تمثلان الوحدة الجغرافية للدولة الفلسطينية المنتظرة. وللأسف فإن تحويل ذلك إلى دولة كان أمامه عقبة توجهات حماس والمنظمات المماثلة التى رأت أن ذلك ليس كافيا وبدأت فى القيام بعمليات انتحارية، وصاحبها اليمين الإسرائيلى الذى اغتال رئيس الوزراء اسحق رابين بدفع عمليات الاستيطان. كان ذلك من هنا ومن هناك وراء قدوم نيتانياهو لأول مرة إلى الوزارة الإسرائيلية ومعه عودة الدعوة إلى قيام إسرائيل من النهر إلى البحر؛ وهو ما كان يسعى إليه اليمين الفلسطينى للفلسطينيين.
تفاصيل ما جرى ما بين القرن العشرين والحادى والعشرين يمكن التعرف عليها بالرجوع للصحف والكتب، ولكن خلاصتها هو استمرار ابتلاع الأراضى الفلسطينية من قبل إسرائيل بالأمتار أو بالكيلومترات وآخرها قطاع غزة كله؛ والآن تعد إسرائيل العدة لابتلاع الضفة الغربية بالعنف والاستيطان معا.
حل الدولتين الآن مطروح عالميا وما يصادر عليه كلية ليس فقط اليمين الإسرائيلى، وإنما الكنيست الإسرائيلى الذى أصدر قرارين برفض قيام الدولة الفلسطينية بأى شكل أو صورة، ووضع الشعب الفلسطينى كله من النهر إلى البحر تحت السيطرة الإسرائيلية. مثل ذلك لن يكون مقبولا لا من الفلسطينيين ولا من العرب ولا من العالم، ولكن حتى تتغير اتجاهات الريح، فإن الأمر سوف يتطلب قرارات شجاعة.
الأهرام