دولي

"هجوم سيبراني" واسع النطاق يعطّل محطات توزيع الوقود في إيران

سيارات ودراجات نارية تصطف خارج محطة لتوزيع الوقود في طهران في 26 تشرين الأول أكتوبر 2021 - أ ف ب

أدى "هجوم سيبراني" واسع النطاق الثلاثاء الى تعطل محطات توزيع الوقود في مختلف أنحاء إيران، وفق ما أفادت مصادر رسمية، من دون أن تحدد السلطات المسؤولين عنه بعد.

بدأ العطل قرابة منتصف اليوم بالتوقيت المحلي (08:30 ت غ)، وكان لا يزال مستمرا حتى أولى ساعات المساء، في إحدى أبرز الهجمات الالكترونية ضد الجمهورية الإسلامية منذ أعوام.

ونقل التلفزيون الرسمي عن المجلس الأعلى للأمن القومي أن الخلل نتج عن "هجوم سيبراني على النظام المعلوماتي لتوزيع الوقود"، مشيرا الى أن "تفاصيل الهجوم ومنشأه موضع تحقيق".

وأفاد التلفزيون عن وقوع الخلل الذي عطّل أنظمة البطاقة الالكترونية للتزود بالوقود في المحطات، مشيرا في بادئ الأمر الى "خلل في نظام المعلومات".

ونقلت القناة عن مصادر مسؤولة لم تسمّها، "عدم استبعاد" أن يكون الهجوم السيبراني سببا للخلل، قبل أن تعود وتؤكد ذلك في وقت لاحق.

اصطفت سيارات ودراجات نارية خارج محطات للوقود في طهران، وفق ما أفاد مراسلون لوكالة فرانس برس. كما بث التلفزيون لقطات لمحطات مقفلة تشكّلت صفوف من السيارات على مقربة منها.

وأثار توقف توزيع الوقود في المحطات ذهول السائقين والدراجين، في بلاد تعد من الأغنى عالميا بالنفط، وتوفر مشتقاته بأسعار مخفّضة ومدعومة.

وقالت سيدة فضّلت عدم ذكر اسمها لفرانس برس أثناء انتظارها على مقربة من محطة تعبئة "لا أريد التحدث، مزاجي سيئ".

عطّل الهجوم النظام الذكي المخصص لتشغيل مضخات المحطات، والذي يعمل باستخدام بطاقات الكترونية. وتتيح هذه البطاقات الحصول على حصة شهرية من الوقود المدعوم، على أن يتم دفع ثمن الكمية المعبّأة (مدعومة كانت أم بالسعر العادي) ببطاقات مصرفية.

وشكا مستخدمون لمواقع التواصل، من اضطرارهم للاستغناء عن قيادة سياراتهم اليوم بسبب شحّ الوقود.

 اجتماع "طارئ" 

تعد الجمهورية الإسلامية من الدول الغنية بموارد الطاقة. ووفق تقرير لمنظمة الطاقة الدولية، تحتل إيران المرتبة الثالثة عالميا من حيث احتياطات النفط المثبتة، وحلّت خامسة عام 2020 بين دول منظمة "أوبك" المصدّرة للنفط، علما بأن العقوبات الأميركية تؤثر بشكل كبير على صادرات النفط الإيراني.

وسارعت الشركة الإيرانية لتوزيع المشتقات النفطية للبحث عن حلول لتشغيل المحطات في انتظار عودة نظام التوزيع الالكتروني.

وأفادت المتحدثة باسم الشركة فاطمه كاهي عن "اجتماع طارئ لحل المشكلة"، وذلك في تصريحات للتلفزيون الرسمي.

وأوردت القناة الحكومية في وقت لاحق أن فنيي وزارة النفط بدأوا بفصل النظام الالكتروني في بعض المحطات، بشكل يتيح لها استئناف تزويد الوقود بانتظار حل المشكلة التقنية.

شكلت إيران في الأعوام الماضية هدفا لعدد من محاولات الهجمات المعلوماتية.

ففي أيار/مايو 2020، تحدثت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية عن وقوف إسرائيل، العدو الإقليمي اللدود للجمهورية الإسلامية، خلف هجوم معلوماتي طال أحد الميناءين الواقعين في مدينة بندر عباس بجنوب إيران، وذلك ردا على ما قالت الصحيفة إنه هجوم الكتروني إيراني على منشآت هيدروليكية مدنية إسرائيلية.

وفي شباط/فبراير من العام ذاته، أعلنت وزارة الاتصالات الإيرانية أنها تمكنت من صدّ هجوم معلوماتي استهدف شركات مزوّدة لخدمات الانترنت، وأدى لاضطراب الاتصال بالشبكة لنحو ساعة.

وفي أواخر 2019، أعلنت طهران تعرض مواقع حكومية لهجوم "شديد التنظيم".

وأكد وزير الاتصالات محمد جواد آذري جهرمي في حينه أن السلطات "حدّدت وصدّت" التهديد الالكتروني، دون أن يكشف هوية المهاجمين أو القطاعات المستهدفة.

وتعود إحدى أبرز الهجمات الالكترونية التي أصابت إيران الى أيلول/سبتمبر 2010، حين ضرب فيروس "ستاكسنت" منشآت مرتبطة ببرنامجها النووي، ما أدى إلى سلسلة أعطال في أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم.

واتّهمت إيران الولايات المتحدة وإسرائيل بالوقوف وراء الهجوم. كما اتهم عدد من الخبراء في مجال الأمن المعلوماتي أجهزة الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية بتدبيره.

ومنذ فيروس "ستاكسنت"، تتبادل إيران من جهة، وعدوتاها اللدودتان إسرائيل والولايات المتحدة من جهة أخرى، الاتهامات بتنفيذ هجمات إلكترونية.

ذكرى 2019؟ 

الى ذلك، ألمحت وكالة "فارس" الإيرانية المحسوبة على التيار المحافظ، الى امكان أن يكون توقيت هجوم اليوم، مرتبطا باقتراب ذكرى احتجاجات واسعة اندلعت في الجمهورية الإسلامية منتصف تشرين الثاني/نوفمبر 2019، كانت شرارها قرار بزيادة أسعار الوقود في خضم أزمة اقتصادية حادة.

وخلال هذه الحوادث التي تعاملت معها قوات الأمن بالشدة، ووصفتها الحكومة بأنها "أعمال شغب" دبّرها "أعداء" أجانب، أُحرقت محطات وقود ومصارف وتعرّضت مراكز شرطة لهجمات ومحال تجارية للنهب. كما قطع الاتصال بشبكة الانترنت لنحو أسبوع.

وبعدما امتنعت على مدى أشهر عن توفير حصيلة للضحايا، أعلنت السلطات الإيرانية عن مقتل 230 شخصا خلال أعمال العنف هذه. من جهتهم، اعتبر خبراء مستقلون يعملون لصالح الأمم المتحدة، أن الحصيلة قد تتجاوز 400 قتيل.

وسعى وزير الداخلية أحمد وحيدي الى طمأنة الإيرانيين، مشددا في تصريحات أوردها التلفزيون الرسمي على أن الحكومة "ليست لديها أي خطة لزيادة سعر الوقود وعلى الناس ألا يقلقوا".

أ ف ب

يقرأون الآن