ذكر موقع "أكسيوس" أن الرئيس الروسي، فلادمير بوتين، عازم على استغلال أزمة الطاقة الأوروبية لصالحه، على الرغم من أن روسيا ليست سبب الأزمة التي تعيشها كثير من دول أوروبا.
وترى آنا ميكولسكا, وهي زميل غير مقيم في دراسات الطاقة بمعهد بيكر التابع لجامعة رايس الأميركية أنه "ليس غريبا (على بوتين) استخدام الغاز لخدمة الأغراض الجيوسياسية، بما في ذلك زيادة اعتماد الدول المجاورة على روسيا أو معاقبة الدول التي تتحرك نحو الغرب".
وقال "أكسيوس" إن المندوب الروسي الدائم لدى الاتحاد الأوروبي، فلاديمير تشيزوف، سبق له التلميح إلى أن الجغرافيا السياسية كانت بالفعل عاملا في هذا الملف.
وقال تشيزوف: "قم بتغيير الخصم إلى شريك وسيتم حل الأمور بسهولة"، في إشارة إلى الطريقة التي يعامل بها الاتحاد الأوروبي، روسيا.
وأشار الموقع الأميركي إلى أن أسعار الغاز تتقلب مع كل تصريح لبوتين. وتعد أزمة الطاقة الأوروبية بمثابة تذكير غير مريح باعتماد منطقة اليورو على الغاز الروسي. وتتعرض دولة واحدة على الأقل، مولدوفا، لخطر شتاء شديد البرودة إذا أوقفت روسيا الغاز عنها.
وخلال الأسابيع الماضية، تتعرض دول أوروبية عدة لأزمة طاقة ارتفعت فيها أسعار الوقود والكهرباء إلى مستويات كبيرة قبل حلول فصل الشتاء الذي تعتمد فيه الناس على الغاز الطبيعي لتزويد المنازل بالتدفئة اللازمة.
في المقابل، قال مستشار الرئيس الأميركي جو بايدن لأمن الطاقة، أموس هوكستين، إن الرئيس الروسي يقترب من استخدام الغاز الطبيعي كأداة سياسية وسط معاناة أوروبا من نقص حاد في الطاقة.
وأبلغ هوكستين، الصحافيين عندما سئل عما إذا كان بوتين يستخدم الغاز كسلاح "أظن أننا نقترب من ذلك الحد إذا كان لدى روسيا فعلا إمدادات من الغاز يمكن توريدها واختارت عدم فعل ذلك، إلا إذا أذعنت أوروبا لمطالب أخرى لا علاقة لها على الإطلاق بالطاقة".
وقال هوكستين إن أسعار الغاز في أوروبا ترتفع ليس فقط بسبب أحداث في المنطقة بل أيضا بسبب موسم جفاف في الصين التي خفضت إنتاج الطاقة من المصادر المائية وكذلك تزايد المنافسة العالمية على الغاز الطبيعي.
من ناحيته، نفى بوتين مؤخرا الاتهامات بأن موسكو تستغل الأزمة ووصفها بأنها "هراء مطلق، وثرثرة ذات دوافع سياسية".
ويدفع بوتين دول الاتحاد الأوروبي للموافقة على عقود طويلة الأجل ستبقيها معتمدة على الغاز الروسي، لكنه يؤكد أنها تضمن إمدادات ثابتة، موضحا أن إحدى طرق تخفيف أزمة الإمداد هي أن تسرع ألمانيا والاتحاد الأوروبي الموافقة على خط الأنابيب "نورد ستريم 2" المثير للجدل والذي يتجاوز أوكرانيا ومن شأنه أن يزيد إمدادات الغاز الروسي لأوروبا.
و"نورد ستريم 2" هو مشروع أنبوب لنقل الغاز الطبيعي من بحر البلطيق من أكبر خزان لاحتياطيات الغاز في العالم في روسيا، إلى ألمانيا وعدد من لدول الأوروبية.
وتعتبر أوكرانيا أن الأنبوب يحرم كييف على المدى الطويل من مبلغ سنوي قدره 1,5 مليار دولار على الأقل، تجنيه حاليا من عبور الغاز الروسي عبر أراضيها نحو أوروبا، بالإضافة إلى أنه يقوض نفوذها إزاء خصمها الروسي.
وتقول ميكولسكا إنه ليس من الواضح ما إذا كان بإمكان روسيا بالفعل زيادة الإمدادات بما يكفي "لتقليل الألم بأي شكل من الأشكال. لكن روسيا تحاول على الأقل استغلال هذه الظروف لدفع أهدافها الخاصة".
ويعتبر الغاز الروسي جزءا رئيسيا من واردات الطاقة في العديد من الدول الأوروبية. ففي ألمانيا، على سبيل المثال، جاء ثلثا واردات الغاز الطبيعي من روسيا اعتبارا من عام 2018، وشكل الغاز الروسي 16 بالمئة من إجمالي استهلاك الطاقة، أما في العديد من دول أوروبا الشرقية، تأتي إمدادات الغاز الطبيعي من موسكو بنسبة 100 بالمئة.
وعلى الرغم من كونه ترغب في صفقات قصيرة المدى، سيواصل الاتحاد الأوروبي الاعتماد على روسيا في الغاز الطبيعي أكثر من أي مصدر آخر، لأسباب تتعلق بالقدرة، والقرب، والبنية التحتية الحالية، وفقا لميكولسكا.
الحرة