فشل المشروع الطائفي في العراق

منذ حدوث التغيير الأكبر في العراق عام 2003م ولغاية اليوم على يد قوات التحالف وبقيادة الأميركان ومنذ تأسيس المشروع السياسي الأميركي في العراق بقيادة (برايمر) الذي اسس مجلس الحكم العراقي يوم 13 يوليو/ تموز 2003 بقرار صادر عن (سلطة الائتلاف المؤقتة) في العراق بقيادة الولايات المتحدة ممثلة في الحاكم الأميركي بول بريمر. وقضى القرار بتعيين 25 عضوا والذي تم من خلاله تقسيم الشعب العراقي إلى أديان وطوائف وقوميات وتم إهمال (المشروع الوطني العراقي) ليس لعدم وجود من يمثله في العراق ولكن لأن العملية السياسية التي بناها بريمر قائمة على مصطلح (المحاصصة) العرقية ـ الطائفية الفاسد و القائمة على إضعاف العراق و تقسيم الشعب العراقي بأعطاء حصة محددة لكل مكون؛ فكان تقسيم مجلس الحكم الانتقالي المكون من 25 عضو 13 منهم شيعة و 5 سنة و5 أكراد و 1 تركماني و1 مسيحي.

وتشكل مجلس الحكم في 12 تموز/يوليو 2003 م، بقرار من سلطة الائتلاف الموحدة ومنح صلاحيات جزئية في إدارة شؤون العراق، وكانت سلطة الائتلاف الموحدة تمتلك الصلاحيات الكاملة. وامتدت فترة الصلاحيات المحدودة لمجلس الحكم الانتقالي من 12 تموز/يوليو 2003 م ولغاية 1 حزيران/يونيو 2004 م، حيث تم حل المجلس ليحل بدلا منه الحكومة العراقية المؤقتة. ومن ما لا شك فيه أن أن السلطة الحقيقية كانت بيد قوات الاحتلال الأميركية وممثلها في العراق بول بريمر.

ولقد تم تحديد حصة المكون في الوزارات بناء على "حجم مشاركته في مجلس الحكم" الذي بناه برايمر وحدد أعضائه بطريقة "دكتاتورية إستعمارية" غريبة حتى عن طريقة تفكير "العقل الأميركي" والحقيقة أن جذور هذه الفكرة منذ أوائل التسعينيات من قبل (شخصيات سياسية عراقية) معارضة في المنفى لتقسيم المواقع السياسية بناءً على (إحصاء تقديري) للشيعة والأكراد والسنة، لضمان تمثيل هذه الجماعات في الحكومة العراقية بعد الاحتلال. فكانت تلك الخطط بمثابة خارطة طريق (لمجلس الحكم العراقي(.

بعد غزو العراق في عام 2003 بقيادة الولايات المتحدة الإمريكية وكان من نتائجها (حكومة مكونة من 21 وزارة – 12 منها للشيعة، وست للسُنة، واثنتان للأكراد، ووزارة واحدة لحزب آخر من أحزاب الأقلية) وتوارث السياسيون العراقيون هذا التقسيم "العرقي والطائفي" لغاية اليوم واثمر ذلك (تقسيم مناصب الرئاسة بين الأحزاب الطائفية في العراق بذريعة تمثيل المكونات، فكان منصب رئيس الجمهورية للأحزاب الكرادية، ومنصب رئيس الوزراء (الأقوى في العراق) للأحزاب الشيعة، ومنصب رئيس مجلس النواب للاحزاب السُنية) ثم تنسحب هذه المحاصصة على مختلف المناصب الأخرى في أجهزة الدولة لتكون هي المقياس الوحيد من دون الأخذ بنظر الإعتبار للمقاييس الأدارية والتدرج الوظيفي والخبرة والنزاهة الأمر الذي أدى بالنتيجة إلى بناء دولة محاصصية حزبية تكون فيها الوزارات وهيكلها الإداري ملك للحزب الذي يقودها والذي تكون مهمته تحزيب تلك الوزارات والسيطرة عليها والإستفادة من مواردها لمصلحة الحزب والقائمين عليها من الحزبيين. لذا من يدعون مقاومة المحتل الأميركي لا زالوا ينفذون خططه في تقسيم وتقزيم العراق والشعب العراقي وتحقيق المخطط الأميركي الذي نفذه برايمر في العراق دون أن يفكروا بالتصدي للهدف الأميركي في العراقوهذا كان السبب الأول في فشل المشروع الطائفي في العراق والذي يعتبر البديل للمشروع الوطني الغائب عنه لغاية هذا اليوم.

أما السبب الثاني لفشل المشروع الطائفي في العراق فهو سبب ذاتي يكمن في طبيعة القائمين على المشروع حيث أنهم ركزوعلى سيادة الطائفة بشكل جبري وقهري (وهذا الطريق قديم وفاشل في ظل المتغيرات الحضارية والعولمة) وليس عن طريق بناء (دولة تمثل الطائفة تمثيلاً حضارياً وعادلاً بلا عنصرية وبلا تفرقة دولة بلا فساد وبلا فاسدين ومن خلال الخبرات والكفاءات والعلماء وعبرالكفائات الطائفية التي تتمتع بها كل طوائف العراق؛ لم يكن يهم الأحزاب الطائفية بناء دولة حضارية عادلة بل كان همهم الأول بناء مليشيات وجيوش (عقائدية) لحماية الطائفة من (أعداء الطائفة) الوهميون بل هم يعلنون أنهم حاضرون للتصدي للدولة الرسمية واجهزتها إذا ما (فكرت بالتصدي لطقوس الطائفة وحريتها وإنهم جيش عقائدي يتبع المرجعيات الدينية ولا يتبع المرجعيات السياسية) بل ان مصلحة الشعب تتحقق من خلال مصلحة الحزب العقائدية لذا فإن (الاحزاب العقائدية) مهتمة بكسب الناس إلى عقائدها وليس تحقيق رغبات الناس وطموحاتهم والبحث في مشاكلهم ومعاناتهم كما تفعل الأحزاب السياسية التي يهمها كسب الناس وتحقيق طموحات الجماهيروتذهب أبعد من ذلك حين تعتقد بأن مصلحة الحزب تقترن بمصلحة الطائفة طالما هو يسعى لتحقيق سيادة الطائفة السياسي ووجودها الإجتماعي وما يحقق مصلحة الحزب يحقق مصلحة الطائفة ومن ثم يذهب قادة الاحزاب الطائفية إلى ابعد من ذلك فهم يعتقدون أن مصلحة الحزب وقوته تكمن في شخصيتهم ولذا تندمج مصلحة الحزب وقوته مع مصلحته وقوته الشخصية فهو الحزب والحزب هو لذا تاسست في العراق أمبراطوريات مالية خيالية (مجمعات سكنية وجامعات أهلية وملاهي…) من القادة السياسيين تحميها قوى ومليشيات وقادة فوق القانون وأقوى من الدولة (هم الدولة الحقيقية) واسسوا لهم امبراطورياتهم الخاصة بصلاحيات فوق الدولة وفوق القانون تتميز بالفساد والطغيان بل سخروا لهم أجهزة الدولة لحماية أمبراطورياتهم وحياتهم ورفاهياتهم وتجاوزوا فيها على تعاليم وأخلاقيات عقائدهم الدينية لكنهم وجدوا من يبرر لهم افعالهم ودنائاتهم تحت مزاعم (أموال ليس لها صاحب!) وان ما ياخذوه جزاء لما قدموه في حماية الدين والمذهب وهم ايضاً يغدقوا بعطاياهم على مراكز قوتهم وجرابيعهم وببغاواتهم وضفادعهم النقناقة من أموال ليس من جيوبهم ومناصب و وظائف وهدايا وضيع واراضي ومكافئات كلها من اموال الدولة فهم فاقوا على من سبقهم من دول طائفية مثلت بعض الطوائف لفترات محددة وسميت باسماء رموز من الطائفة بينما حولوا هولاء الدولة إلى دول تتسمى باسماء شخوص غاية مرادهم ان يسبقوا من سبقهم من الطغاة! فكانت دول الفساد العلني والفشل!

وهكذا كان مقاوموا الإحتلال الأميركي هم اول من يطبقون الأجندة الأميركية ويتمسكوا بها وهم أول من اثرى على حساب عقيدة قائدها الذي يكنى "بأبو تراب" ويقول عليه السلام عن نفسه ((أما والله إن هذين النعلين أفضل عندي وأحب إليّ من أمركم هذا، إلا أن أقيم حقاً أو أدفع باطلاً)) ويقول (ألا وإن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه "ثوبين باليين" ومن طعامه بقرصيه) ويقول (أأقنع من نفسي أن يقال هذا أمير المؤمنين، ولا أشاركهم في مكاره الدهر، فما خُلقت ليشغلني أكل الطيبات، كالبهيمة المربوطة همها علفها") ويقول عليه السلام بعد أن بكى بكاءً شديداً عالياً (يا بنية: أتقدمين إلى أبيك إدامين في طبق واحد؟.)! فاين انتم من عقيدتكم وماذا حققتم لدولتكم المزعومة سوى الفساد المستشري والفشل العام والظلم الذي يبحث عن صاحبه! والمظلومين داخل السجون وخارجها اكثر!. انتم أعداء الدين كما أنتم اعداء الإنسانية أنتم فاسدون ولصوص وقتله قسمتم العراق ومزقتم شعبه والله عز وجل يقول لكم وفيكم [وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ] البقرة 205.

المدى

يقرأون الآن