بعد أشهر من القتال الدامي في غزة، لم يتضح ما إذا كانت إسرائيل نجحت بالفعل في تحقيق هدفها من هذه الحرب؛ القضاء على "حماس" وإسقاط حكمها في القطاع.
وإذا كان إنهاء "حماس" كحركة سياسية وعسكرية أمراً بعيد المنال، فإن قدرتها على الاستمرار في الحكم تحتاج إلى مؤسسات وموارد وقوات وأموال، وهي مسألة أكثر تعقيداً من وجود الحركة نفسها.
السؤال الصعب حول مستقبل غزة وحكم حركة "حماس" هو في حال توقفت الحرب اليوم، هل تستطيع الحركة ان تحكم غزة مجددا؟
العملية العسكرية الإسرائيلية أضرت بـ"حماس"، لكنها لم تنجح في القضاء على قدراتها، كما أن السلم القيادي للحركة ما زال يتمتع بوجود قوي ويصدر التعليمات والتوجيهات باستمرار لعناصره في الميدان.
حتى بعد اغتيال رئيس الحركة اسماعيل هنية في طهران، تم تعيين يحيى السنوار لمتابعة المسيرة والذي يعرف عنه بانه رجل الميدان لا التفاوض.
ومؤخرا جرى التداول بإمكانية تسهيل دخول السلطة الفلسطينية الى قطاع غزة لتحكمه بدل "حماس" الا ان إسرائيل رفضت الفكرة كما أنها رفضت زيارة رئيس السلطة الفلسطينية نفسه محمود عباس الى غزة، وهذا الرفض أثار خلافات مع الولايات المتحدة التي تريد للسلطة بعد أن تكون متجددة أن تحكم غزة.
تحدث تقارير صحفية عن خطة جديدة تتضمن تقاسم الإشراف على غزة بين إسرائيل وتحالف من الدول العربية، مقابل تطبيع العلاقات مع السعودية، وفقا لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية.
وأوردت الصحيفة، نقلا عن مسؤولين إسرائيليين، أن "كبار المسؤولين في مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، يدرسون خطة موسعة لغزة ما بعد الحرب، تتضمن تقاسم الإشراف على القطاع مع تحالف من الدول العربية، مقابل تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية".
من المفيد التذكير هنا ان الرؤية العربية للسلام في المنطقة تعتمد على تعاون ثلاثي بين الدول العربية وإسرائيل والولايات المتحدة لحل القضية الفلسطينية.
وهناك مناقشات حثيثة حول المرحلة التالية لوقف إطلاق النار، مع التركيز على ضرورة تفاهم الأطراف الثلاثة على إصلاح السلطة الفلسطينية. والتأكيد أيضا على ضرورة إبعاد أي تدخل إقليمي غير عربي في هذه القضية.
وتجري المملكة حوارا صريحا مع الولايات المتحدة لإعادة ترتيب العلاقات بين دول المنطقة.
التأكيد السعودي على ما تقدم جاء على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي الذي عقد كاون الثاني/ يناير الماضي في دافوس بسويسرا، قال وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، إن "السبيل الوحيد لتطبيع العلاقات مع إسرائيل هو الاستقرار الإقليمي وحل القضية الفلسطينية".
وبعد مرور ثلاثة أشهر تقريبا، وخلال ذات المنتدى ولكن كان يُعقد في العاصمة السعودية، الرياض، قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، يوم 29 نيسان/ أبريل الماضي، إن العمل الثنائي السعودي الأميركي المرتبط بالتطبيع مع إسرائيل "من المحتمل أن يكون قريبا جدا من الاكتمال".
لهذا، تُعلق آمال كبيرة على نتائج هذه المفاوضات لإحداث فرق حقيقي لصالح القضية الفلسطينية.
من قادر على حكم غزة؟
في الوقت الراهن وبحسب مسؤولين فلسطينيين مطلعين فان السلطة الفلسطينية غير مؤهلة للعب أي دور في قطاع غزة، على الأقل في الوقت الراهن؛ وهي على عداء مع حماس، وهي تحتاج الى إعادة تأهيل تبدأ بتنظيفها من الفاسدين وتنظيم انتخابات نزيهة.
ومنذ الاقتتال الدامي بين عناصر حركتي فتح وحماس في صيف 2007، تتفرد حماس بالسيطرة على قطاع غزة الذي يسكنه مليونان وثلاثمئة ألف فلسطيني. كما فشلت جهود المصالحة بين الجانبين حتى الآن، بسبب قضايا تقاسم السلطة الشائكة.
وضعف نفوذ السلطة الفلسطينية كثيرا بمرور السنوات، إذ تظهر دراسات أن "شعبيتها ضعيفة وسط الفلسطينيين"، لكنها تظل الهيئة القيادية الوحيدة المعترف بها عموما من المجتمع الدولي.
التفاوض على غزة يجري بالتوازي مع المفاوضات الجارية لوقف إطلاق النار في القطاع وإطلاق سراح جميع الرهائن لدى حركة حماس.
وفي جميع الأحوال، بقيت حماس لكنها ليست كحماس قبل 7 أكتوبر وبقيت السلطة التي ليس لديها سلطة وبقي مستقبل القطاع ورقة تفاوض بين لاعبين اقليميين ودوليين.